أطلت على الشعب الفلسطيني يوم الخميس الماضي السابع والعشرين من شهر آذار/ مارس 2014 الذكرى الثانية عشر لإحدى أبرز عمليات كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال انتفاضة الأقصى المباركة، التي على إثرها اجتاح الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية ضمن ما سمي في حينه "عملية السور الواقي". ففي السابع والعشرين من مارس/آذار 2002، أصيبت أجهزة الأمن الإسرائيلية بصدمة وذهول بعد أن تمكن ابن كتائب الشهيد عز الدين القسام الاستشهادي عبد الباسط عودة من تنفيذ عملية بطولية في قلب مدينة أم خالد "نتانيا" المحتلة عام 1948 ليوقع فيها 36 قتيلاً وأكثر من 150 جريحاً. ويا لحجم الصدمة التي أصيب بها ضباط الاحتلال المحتلون حين علموا أن منفذ العملية الاستشهادية هو عبد الباسط عودة المطارد والملاحق منذ عدة أشهر، إذ كيف تمكن هذا الشاب الوسيم من اختراق كل الحواجز والإجراءات المشددة واستطاع الوصول لهدفه وتنفيذ عملية زلزلت أركان "إسرائيل". [title]سيرة مشرفة[/title] ففي التاسع والعشرين من شهر آذار (ذات الشهر الذي استشهد فيه) لعام 1977 أبصر عبد الباسط محمد قاسم عودة النور في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، لوالدين كريمين غرسا فيه حب الله وعشق الجهاد والاستشهاد والتضحية بالنفس من أجل فلسطين. ومنذ نعومة أظفاره التحق شهيدنا بالمساجد، وتربى على حلقات العلم والقرآن، وخلال الانتفاضة الأولى عام 1987 كان الشهيد أحد أشبال حركة حماس في رشق الحجارة صوب قوات الاحتلال، وقد تميز بالشجاعة وعدم الخوف من جنود الاحتلال. ونظراً لنشاطه وجرأته في المواجهات اليومية، تعرض شهيدنا للاعتقال على يد قوات الاحتلال لخمسة أشهر، كما أصيب في إحدى المرات بشظايا في رأسه خلال المواجهات دون أن يصيب كل ذلك شهيدنا بالخوف أو الوهن، بل على العكس من ذلك فقد ازداد صلابة وإصراراً على مواصلة الطريق حتى نيل الشهادة والفوز بالجنان. [title]انتظار الشهادة[/title] وبالفعل، فقد وجد الشهيد ضالته خلال انتفاضة الأقصى، حيث عمل في إحدى المجموعات القسامية، وكان اسمه مرشح لتنفيذ عملية استشهادية قبل أن ينكشف أمره بعد اعتقال بعض أفراد مجموعته، وهو الأمر الذي جعله في دائرة الاستهداف لقوات الاحتلال التي وضعت اسمه منتصف عام 2001 على قائمة المطلوبين الخطرين وباتت تلاحقه في كل مكان. وبالتأكيد فإن من نذر نفسه لله، وباع روحه ابتغاء مرضاة الله، لا يمكنه أن يستسلم أو يرفع الراية البيضاء، حيث قرر عبد الباسط بمجرد انكشاف أمره الاختفاء عن الأنظار والانضمام إلى قائمة المطاردين، ريثما تسمح له الفرصة مجددا لتنفيذ عملية استشهادية يذوق فيها الاحتلال الموت الزؤام. وفي السابع والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 2002 خرج شهيدنا القسامي من منزله في الحي الشرقي لمدينة طولكرم متنكراً بزي امرأة، وهو يلبس باروكة مناسبة على رأسه، وتوجه إلى حيث فندق "بارك" ليفجر جسده الطاهر تاركًا الإسرائيليين يحصون قتلاهم ويشربون من كأس الحنظل الذي أسقوه لأبناء شعبنا الفلسطيني المجاهد، وليفوز هو بوسام الشهادة الذي لطالما تمناه. وفي الوقت الذي يحيي فيه شعبنا المجاهد الذكرى الثامنة لعملية عبد الباسط عودة، فإن حكومة الاحتلال زادت من عملياتها التصعيدية ضد المقدسات الإسلامية، بينما يستذكر أهل الضفة بحزن وأسى هذه العملية وغيرها من العمليات التي نفذها أبناؤها رداً على جرائم الاحتلال، ويتساءلون عن أمثال عبد الباسط في وقت أصبحت فيه الغربان تنعق في الضفة، وتسهر على أمن الاحتلال وتزج بالمقاومين والشرفاء في سجونها؛ ليتجرعوا مرارة السجن وظلم السجان.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.