18.57°القدس
18.34°رام الله
17.19°الخليل
23.24°غزة
18.57° القدس
رام الله18.34°
الخليل17.19°
غزة23.24°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: بخمسين

كما لو كان رسول الله صل الله عليه وسلم بين ظهرانينا اليوم يرى ما نرى ويشهد ما نشهد فيصف الأوضاع صادقة مفصلة بكل الأبعاد وأدق التفاصيل بوحي رباني قبل أكثر من 1435 عاما «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة قال الرجل التافه ينطق في أمر العامة»، نقاط تنطبق على حياتنا واحدة تلو الأخرى حتى اكتملت لدينا وعلينا كل ملامح الخداع والوقوع في الخديعة والأسوأ من ذلك أننا رضينا بها! نراها أمامنا وندور في حلقتها المفرغة ولا نفعل شيئا لاستنقاذ أنفسنا! وماذا تنفع النبوءات في تحذير أمة قد أصبحت كغثاء السيل وأصابها الوهن؟! ولكن الله لا يحكم على عباده بالهلاك حتى مع ضعفهم واستكانتهم فلا بد في كل زمن أن تكون هناك ثلة من الآخرين كما كانت هناك ثلة من الأولين ولا بد أن تتدافع سنن النصر والهزيمة حتى يغلب إحداهما الآخر بناء على أحوال البشر. ولكن الرسول كما تنبأ بعلم الله بهذه الأحوال المتردية والمصائب المتتابعة والنفسيات المنهزمة فتح طاقة نور وبصيص أمل وألقى بذرة تنتظر من يزرعها لتثمر فقال «أجر العامل منهم بخمسين منكم»، وفي الحديث أبعاد كثيرة يجب الوقوف عليها، فالرسول استثنى من الوهن والحالة الغثائية فقط العاملين، لم يقل الباكين، لم يقل المحروقة قلوبهم، لم يقل الصالحين المتعبدين، لم يقل أصحاب الدعاء والابتهال، قال العامل والعامل فقط وأي أجر ذلك الذي ينتظر العامل؟ تخيل أنك في زمننا هذا الذي يبذل المرء فيه جهودا جبارة للحافظ على دينه وإيمانه قد تساوي خمسين من الصحابة وأنت الذي تطمح أن تكون خيطا في عباءة أبي بكر أو درة في يد عمر أو بنظرة من عثمان وعلي! من أنت لتُقارن مع خالد بن الوليد بل تفضله؟! ماذا قدمت ليطيش ميزانك على ميزان جعفر وزيد وغيرهم من كبار الصحابة؟ لقد فسر رسول الله سبب الأجر العجيب والقدر النبيل فقال لأننا في زماننا لا نجد على الخير أعوانا! فلو نظرنا حولنا لرأينا أن أكثر الناس مع حرصنا ليسوا بمؤمنين وليسوا بمصلحين وليسوا بمحسنين وليسوا بمهتدين فكان لا بد لأجر العامل أن يكون بهذه الضخامة والعظمة لصعوبة الظروف المحيطة التي تثبط المرء أن يستنكر الباطل حتى بقلبه فهو ينصح بالسكوت لأن الحيطان لها آذان! كم نردد أن الانسان العربي المسلم رخيص ودمه مهدور وحقوقه مغتصبة ونرى ذلك كله في واقعنا؟! فكيف يكون وزنه وقدره وسعره بخمسين من الصحابة؟! إن المنزلة ليست مطلقة وما رخصنا ورخص دمنا وحقوقنا إلا عندما تركنا العمل ورضينا بأن نعيش سنوات خداعات يحكمنا فيها الروبيضات، يومها أصبح سعرنا بلا قيمة بعد أن كان الواحد منا بخمسين صحابيا! ولكن المنزلة قد تعود وتمنح لكل من يرفض أن يعيش في دوامة الخداع ولكل من يعمل على إزالته