شهدت مدينة نابلس على مدار ست ساعات امتدت من السادسة مساء حتى منتصف ليلة أمس الأربعاء، حالة من الفوضى والفلتان الأمني، في صورة عادت بالمواطنين إلى أحداث مشابهة كانت تقع خلال انتفاضة الأقصى، من اطلاق نار وإغلاق للطرق واشعال للإطارات المطاطية. وكالعادة، كان أبطال هذه الفوضى عناصر من حركة فتح، الذين حملوا السلاح في وجه الأبرياء والمناضلين، ولم يكن يومًا موجهًا ضد الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه. شرارة النار بدأت خلال حفل تخريج لطلبة إحدى الكليات بنابلس أقيم في متنزه عام، حيث اتهمت شابة شرطيًا يعمل في قسم الشرطة الخاصة المكلفة بتأمين المكان بأنه قام بتصويرها، وشكته لحراس المتنزه الذين هم بالأساس من حركة فتح، ومن قادة الفلتان الأمني في المدينة، يتقدمهم المدعو "أبو جبل" صاحب السوابق المعروفة بالعربدة وأخذ القانون باليد، عندما كان ومجموعته يتسترون تحت اسم "كتائب شهداء الأقصى". وبعد الحسم العسكري في غزة، ادعت السلطة وقتها أن هذه المجموعات -المكروهة من الشعب- سلمت سلاحها والتزامت بالقرارات العليا، وجرى تفريغهم في جهاز الأمن الوطني، كما أن هذا الرجل معروف بولائه لمحمد دحلان القيادي المفصول من فتح. وهنا قد يتساءل البعض، كيف يعمل عنصر أمن في قطاع أهلي، حيث أن المتنزه يتبع لبلدية نابلس، فازدواجية الوظائف للموظفين الحكوميين وخاصة العسكريين ممنوعة قانونياً، الرد أن القانون يطبق فقط على الضعيف -كما يؤكد المواطنون-، كما أن هذا التعيين يأتي في إطار المناكفات التي تجتاح السياسيين والمسئولين بين بعضهم، فرئيس بلدية نابلس غسان الشكعة على خصومة شديدة مع قيادات فتح والأجهزة بالضفة، ويحتاج إلى أمثال هؤلاء "الزعران" ليحموه ويهدد بهم الأخرين. بعد أن تقدمت الفتاة بالشكوى، حصل خلاف وسجال بين الشرطي والحراس، فأطلق أحدهم النار على الشرطي وأصابه في قدمه، وتركوه ينزف وانسحبوا إلى مخيم عين بيت الماء المجاور ليحتموا بداخله، حيث حاصرته عناصر أمنية تقدر بالمئات وحصل اشتباك مسلح بين الطرفين استمر لساعات، وسط غضب المواطنين ولعنتهم للجهتين. [title]غضب شعبي[/title] وقد عجت صفحات الفيسبوك بتعليقات غاضبة من المواطنين، الذين لم يتوانوا عن تحميل السلطة وأجهزتها مسئولية الفوضى العارمة التي عادت كظاهرة في المجتمع، متسائلين عن الملايين التي تحظى بها هذه الأجهزة من ميزانية السلطة على حساب قطاعات أخرى مثل الصحة والزراعة، بالمقابل تفشل في القيام بدورها في حماية المواطنين، وحتى حماية عناصرها. مواطنة علقت بالقول: "وين بيكون هذا الرصاص لما بيدخل الجيش -تقصد الإسرائيلي- لنابلس.. كلهم زي الفيران بتخبوا.. احنا شاطرين ع بعض". فيما أكد مواطن أطلق على نفسه اسم "كاشف الأسرار" أن ما يجري هو دليل على فساد السلطة والأجهزة بالضفة وعلى ضعف القانون، قائلًا: "ايش يعني لما واحد مسلح بيطخ شرطي وما حدا بيعمل له اشي.. بس بتشاطروا على البسطات والشفيرية.. وشو ذنب الشرطي اللي انطخ راحت عليه لأنه ما الو ظهر".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.