29.43°القدس
28.68°رام الله
28.3°الخليل
30.7°غزة
29.43° القدس
رام الله28.68°
الخليل28.3°
غزة30.7°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

الكتب "تُحتَضر" على أرفف المكتبات.. والبعض حمّل "الوقت" المسئولية

خبر: شبابٌ "لا يقرأون" يبرِّرون: الحق على الإنترنت!

"لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب.. إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياةً واحدة، وحياةٌ واحدةٌ لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة.. القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقًا". يبدو أن عباس محمود العقاد -أحد أهم الأدباء والمفكرين العرب- وحين خطّ هذه الكلمات، كان يدرك تمامًا بأن العصر الذي نحياه الآن سوف يشهد اندثارًا على مستوى القراءة، وكان يعي بأن الكتب كذلك ستبيت لياليها وحيدةً دون رفيقٍ يؤنس وحشتها.. ومن يعلم؟ لعله أراد بهذه الكلمات إيقاظ همم جيل.. بات "الفيس بوك" أحد أهم منابع "الثقافة" التي يتهافت الجميع لتقليب صفحاته الملغوم أغلبها.. ولعل المتأمل جيدًا في واقع العالم العربي يرى بوضوح أن ظاهرة العزوف عن القراءة -خاصة لدى شريحة الشباب- باتت أزمة ذهنية خطيرة من شأنها إضعاف البناء المعرفي والثقافي لجيلٍ تعقد عليه الآمال بتحقيق الرقي والازدهار.. [title]ما يثير فقط![/title] وتؤكد إسراء المغير (21 عامًا) أن ازدحام يومها بالكثير من الواجبات والمسؤوليات يقف وراء عدم مواظبتها على القراءة بشكل مستمر، وبالتالي فهي تكتفي فقط بقراءة ومذاكرة الكتب الدراسية المقررة عليها خلال دراستها الجامعية، نافيةً قطعًا أن تكون من رواد المكتبات العامة أو حتى من أصدقاء معارض الكتاب السنوية التي تقيمها المؤسسات التربوية والثقافية، وذلك "لعدم امتلاك هواية القراءة". وتستدرك الطالبة الملتحقة بكلية التجارة :"صحيح أنني لا أقرأ باستمرار.. لكنني لا أتردد لحظة في اقتناء أو قراءة كتاب أثارني عنوانه ومحتواه"، لافتة إلى أن جلَّ الكتب التي تمتلكها في مكتبتها الخاصة لا تبتعد كثيرًا في مواضيعها عن أصول الإدارة والتجارة (مجال تخصصها الدراسي). [title]لا وقت..!![/title] وقد يختلف الأمر قليلاً لدى "رأفت سلامة".. فهو وعلى الرغم من حبه للقراءة في كثير من التخصصات، إلا أنه لا يتمكن من ممارسة هوايته الحبيبة لضيق وقته، مفصلاً بالقول: "منذ طفولتي وأنا أهوى قراءة الكتب.. كنت أقرأ كل ما تقع يدي عليه.. غير أن التحاقي بالجامعة وانشغالي بالدراسة حال دون استمراري بذلك". ويتابع: "حتى الآن، وبعد تخرجي لا أعتقد أنني سأعود إلى قراءة الكتب.. فأنا الآن إلى جانب عملي كموظف في إحدى المؤسسات، مشغول أيضًا بإعداد رسالة الماجستير في تخصصي الذي درسته"، مشيرًا إلى أنه وخلال إعداده لأبحاث دراسته الحالية، لا يلجأ إلى المكتبات العامة بقدر اعتماده على المعلومات والكتب التي تتوفر عبر مواقع الانترنت المختلفة. [title]غابت.. وراء الثورة![/title] ويرى كثيرون أن الثورة التكنولوجية الهائلة التي شهدتها السنوات الأخيرة ساهمت بشكل كبير في توسيع الفجوة ما بين القارئ والكتاب، خاصة وأن صفحات الشبكة العنكبوتية أصبحت تزود الباحث بمعلومات ضخمة عن كل المواضيع والتخصصات التي تثير اهتمامه، دون أن يكلف نفسه عناء البحث في صفحات الكتب المصفَرّة في المكتبات العامة. وعلى ذلك يعلق الشاعر والكاتب الفلسطيني عمر فارس أبو شاويش بالقول: "هذه الثورة أجبرت المثقفين على الاتجاه نحو وسائل التكنولوجيا التي أصبحت بديلًا عن "الثقافة الذاتية والكتاب الذي يعتبر المصدر الأساسي والأرقى للثقافة الحقيقية"، مؤكدًا أن الانترنت مهما احتوى على معلومات واسعة جدًّا، إلا أنه لا يستطيع الوصول إلى قيمة الكتاب بمعناه وروحه كمصدر هام للثقافة. [title]من يدعم؟[/title] ويؤمن أبو شاويش أن البنية الفكرية والثقافية التي تقوم عليها المجتمعات تلعب دورًا مهمًّا في الحفاظ ثقافة المجتمع، موضحًا أن إنتاج المجتمع لمثقفين قادرين على العطاء والإبداع مرتبط بمدى حفاظه -أي المجتمع- على قواعده وجذوره الأساسية الثقافية بمفهومها وفلسفتها وتوجهاتها الفكرية. وبحسبه فإن استعادة هذه الثقافة الغائبة بات يتطلب إعادة تقييم للوضع الثقافي وتقديم دراسات معمقة حول أسباب تراجع الإقبال على القراءة، على أن يتم أخذ نتائجها الإيجابية ودعهما وتصويب السلبية منها وتصحيحها بهدف حشد الدعم لاستعادة هذه الثقافة التي تضعضعت بفعل التطور التكنولوجي المتسارع. ويضيف: "تحقيق ذلك لا يكون إلا من خلال دعم الإعلام لثقافة القراءة والحث عليها إضافة إلى تبنّيه لمبادرات تعمل على دعم المثقفين من خلال توفير الكتب بأسعار مخفضة فضلا عن إنشاء مكتبات عامة تضم كافة مكونات الثقافة وذلك باشتراك مجاني أو رمزي. [title]لا شيء غيرها..[/title] ووفقًا للكثير من المثقفين والأدباء الفلسطينيين والعرب، فإن القراءة من أهم وسائل التنمية الذاتية والبشرية، فهي تجدد سلوك الأشخاص وأساليب تفكيرهم وتساعد في عملية التنمية الإيجابية والتقدم المتزن الذي يريده ويسعى إليه أي شخص طموح في حياته. وحول هذا يوضح الدكتور سعيد الفيومي أستاذ الأدب والنقد المشارك في جامعة القدس المفتوحة بغزة أهمية القراءة ودورها الكبير في إحداث التطور، قائلًا: "لا يمكن لأي شيء آخر أن يؤدي الدور الذي تفعله القراءة في تشكيل الوعي والإدراك لدى الإنسان.. فما تمنحه الكتب لا يستطيع التليفزيون بكافة برامجه أو الندوات والمحاضرات على اختلاف مواضيعها أن تقدمه". ويشدد الفيومي على أهمية دور الأمم في تشكيل الوعي لدى أفرادها وذلك من خلال التكوين العقلي والنفسي الذي لا يمكن أن يتحقق بطريقة منظمة ومحددة إلا من خلال القراءة، مشيرًا إلى أن القراءة المطلوبة تتمثل في قراءة الكتب القيمة التي من شأنها أن تؤهل لبناء جيل قادر على صناعة مستقبل مشرق لحضارة راسخة. [title]منظومة متكاملة[/title] ولأن الشباب هم عماد الأمة وأملها الذي ترنو إليه الأنظار.. فإن مسؤلية إعادة ثقافة القراءة إلى المجتمع لا تكون -تبعًا للفيومي- إلا من خلال توحيد حمل منظومة متكاملة يشارك فيها البيت والمسجد والمدرسة إضافة إلى كافة المؤسسات والمراكز الثقافية، مضيفًا: "تتحمل الحكومة جزءًا كبيرًا من هذه المسؤولية ..وبالتالي فهي مطالبة بتشجيع عمل المراكز الثقافية ودعم كافة المثقفين والمبدعين من الشباب، عوضًا عن أهمية عقد اللقاءات المستمرة مع فئات الشباب المختلفة من أجل إرشادهم وزيادة وعيهم بأهمية القراءة، مع عدم إغفال فكرة تخفيض أسعار الكتب وزيادة أعداد المكتبات العامة وتوزيعها بشكل عادل على كافة مناطق قطاع غزة".