أثار تغيير الأونروا اسمعها إلى الوكالة الدولة للاجئين الفلسطينيين، دون الإشارة إلى " الإغاثة والتشغيل " ، موجة من الغضب الشعبي والرسمي ، صاحب ذلك شعور بالقلق والشؤم لدى العائلات التي تعتمد على مساعدات الأونروا ، ما دفع الناطق الإعلامي باسمها إلى نفي تغيير اسمها. وهو نفي إعلامي بلا شك ، لتهدئة الخواطر كما يقولون ، لكن على أرض الواقع هناك " مقاصد خبيثة " ، من وراء تغيير الاسم- حسب وصف حماس -بدأت تلوح في الأفق ، خاصة مع بدء " الوكالة بتقليص خدماتها ومساعداتها المقدمة لآلاف الأسر اللاجئة خاصة في غزة. بالأمس أخبرني ، معيل لأسرة يتجاوز عددها العشرة أفراد ، أنه وأخوته تم استبعادهم من المساعدات الطارئة " كابونات " التي تقدم كل ثلاثة أشهر على الأقل ، مضيفا أن الموظف هناك أخبره أن قرابة ألفي عائلة لاجئة قد يلحقوا به هذا في محافظة رفح فقط والعدد مرشح للزيادة. وأفاد أن باب الشكاوي قد أغلق ، وأن البديل هو تعبئة طلب جديد يتم إقرار المساعدة بعد زيارة ميدانية واستطلاعية للمنزل ، محذرا من" فوضى تقييم " قد يحرم على أثرها الكثير من العائلات المستورة دون مصدر رزق لها إلا "الكابونة" ، رغم أنها تعيش في بيت قد يحمل "صفة سبع نجوم"، ولسان حاله يقول " ارحموا عزيز قوم ذل ". قلق هذا اللاجئ ، يقاس على آلاف غيره انتابهم الخوف والقلق ، خاصة في ظل الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات ، ما يضع الأونروا وسياساتها في دائرة الشك والتآمر ، بغية تنفيذ أهداف فشل الحصار والحرب في الوصول إليها. ومرد ذلك مبرر ، خاصة مع ارتفاع أسعار الدقيق في الأسواق ، عقب الأنباء التي تحدثت عن تقليص الأونروا خدماتها للاجئين ، وهو ما ينذر بفوضى عارمة ، فكيف للمواطن يشتري الدقيق مثلا ليطعم أبناءه ، وهو لا يملك مالا ، وهو إن ملكه ، بلا شك كان سيطلّق الإونروا ثلاثا ، مع شعوره بامتهان كرامته وهو ما يستدعي مراقبة جهات الاختصاص وسلطات التموين للتخفيف عن كاهل المواطن ، الذي أصبح كقارب تتلقفه أمواج البحر المتلاطمة هنا وهناك. بالإشارة إلى أن ما يزيد عن 50 ألف مولود يضاف إلى عدد لاجئي غزة سنويا ، فإن مسؤولية الأونروا في الوضع الطبيعي يجب أن تزداد، لا أن تتراجع ، وقد تشكو الأونروا الضائقة المالية وتراجع المانحين عن دفع الأموال ، في المقابل فإن ملايين الدولارات تصرف على ما يعرف "بألعاب الصيف" ، وهو أمر مشكورون عليه ، لكن الحق في الحياة أولى من اللعب والترفيه ، فكيف يجد الطفل متعة في ذلك وهو لا يجد ما يسد رمقه وجوعته. في رفح جنوب القطاع ، احتج أصحاب البيوت المدمرة ، بعد وعود بالبناء لا رصيد لها ، وأغلقوا مخيمات ألعاب الصيف في بداية انطلاقها ، ما شكل ضغطا على المسئولين هناك ، دفعهم إلى إخراج مخططات الإنشاء واستكمال بناء مشاريع سكنية سابقة إلى التنفيذ خاصة مع سماح الاحتلال بدخول مواد البناء وتهريب أخري عبر الأنفاق الحدودية. وبالتالي ، كما أن الشعوب الآن تنتفض في ميادين التحرير ، لاسترداد حقها المسلوب ، فلا بد للشعب الفلسطيني أن يقول كلمته قبل المسؤولين ، ويقف في وجه المؤامرة التي تحاك ضده ، قد تكون للأونروا ، التي من المفترض أنها وكالة إنسانية لا سياسية ، يد ضالعة في التنفيذ لتركيع الشعب التي فشلت كل السبل من مقاطعة اقتصادية وسياسية وحرب عسكرية في ذلك. وهذا حق للشعب الفلسطيني الذي سلب أرضه ، لأن الأنروا وجدت كوكالة دولية لغوث وتشغيل اللاجئين ، حتى الموظفين منهم ما داموا يحملون صفة لاجئ ، وهو الاسم المعتمد بقرار تأسيس الوكالة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 للعام 1949" ، إلى حين التوصل إلى حل عادل وشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين ونيلهم حقوقهم التي كفلتها المواثيق والقرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار الدولي 194"، الذي ينص على "حق العودة والتعويض". وعليه فالأونروا بمسماها وفق الشرعية الدولية التي يتغنون بها ، قبل التغيير ، تشكل حافظة مهمة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في أروقة الأمم المتحدة خاصة، والمجتمع الدولي عامة و الدور الذي تقوم به يشكل أحد عوامل الاستقرار المنشود ، وإلا فالبديل " الفوضى وضياع الحق الفلسطيني".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.