23.33°القدس
22.95°رام الله
22.19°الخليل
25.48°غزة
23.33° القدس
رام الله22.95°
الخليل22.19°
غزة25.48°
الجمعة 24 مايو 2024
4.66جنيه إسترليني
5.18دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.97يورو
3.67دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.66
دينار أردني5.18
جنيه مصري0.08
يورو3.97
دولار أمريكي3.67

خبر: عماد عقل والتهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة

اليوم ذكرى استشهاد الشاب عماد عقل، وهو بطل فلسطيني واجه الاحتلال في بداية التسعينات واستطاع أن يحول غزة مع رفاقه لجحيم حقيقي في وجه الجنود الإسرائيليين، فوصل بهم الحال ليقولوا لبعضهم لحظات الغضب والنزاع اذهب لغزة أي "اذهب للجحيم". عماد عقل استشهد ولم يتجاوز عمره 22 عامًا بعد، إلا أن حياته القصيرة أثرت تأثيراً بالغاً في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث شارك في تأسيس كتائب الشهيد عز الدين القسام، واستطاع، رحمه الله، أن ينفذ عشرات العمليات العسكرية فقتل أكثر من 15 جندياً إسرائيلياً وأصاب العشرات من جنود الاحتلال ومستوطنيه، في ذلك الوقت اعتُبر قطاع غزة كابوساً إسرائيلياً يجب التخلص منه بأي ثمن، وقال رابين بعد إحدى عمليات الشهيد قولته المشهورة "أتمنى لو أستيقظ من نومي فأجد غزة وقد ابتلعها البحر". رابين نفسه وأثناء زيارته لقطاع غزة وتجوله في مخيم جباليا مسقط رأس الشهيد عماد عقل طلب من شقيقه عادل أن ينقل لعماد اقتراح الحكومة الإسرائيلية بالاتفاق على وقف ملاحقته إذا وافق على الخروج من الأراضي المحتلة لمدة ثلاث سنوات فقط، ومن ثم يعود لقطاع غزة سالماً آمناً، وشرح رابين الفكرة على أن يتولى الصليب الأحمر الإشراف على تنفيذ هذا الاتفاق، رفض عماد الذي يحب الجهاد إلى درجة العشق ويتمنى الموت شهيداً فوق ثرى الوطن الغالي هذا الاقتراح بشكل قاطع، وقال قولةً سُجلت في الوعي الفلسطيني: هل يستطيع رابين أن يمنع رجلاً يريد أن يموت في سبيل قضيته ؟". اشتهر عماد عقل ببندقية الكلاشينكوف وهو ينفذ العمليات الهجومية وكان السلاح نادرًا جداً في قطاع غزة، فلا تكاد ترى قطعة سلاح واحدة في طول القطاع وعرضه، ومع هذا فقد استطاع أن يغنم العديد من الرشاشات الآلية أمريكية الصنع بعد عملياته وقتله لجنود الاحتلال الإسرائيليين، وما زالت صور الجنود الإسرائيليين وهم مجندلين على قارعة الطريق بعد إحدى عملياته في الزيتون محفورة في الذاكرة. في مثل هذا اليوم من عام 1993 في 24 نوفمبر، استشهد عماد عقل رحمه الله بعد عملية إسرائيلية معقدة، وقد غطت الدماء جسده الطاهر، حتى أخفت معالمه عشرات الرصاصات ولم تتعرف عليه إلا أُمه من علامة في جسده. ما ميز عماد عقل بالإضافة لإيمانه العميق بحقه وقضيته، جرأته في تنفيذ العمليات فقد كان يطلق الرصاص على بعد أمتار قليلة من سيارات العدو وآلياته المدججة، كما انه برع في حرب العصابات والكمائن والتخفي والتمويه ومفاجأة الخصم، وخفة حركته ومواصلته الدائمة بحثاً عن جنود الاحتلال، فأصبح كالشبح يطاردهم فيقتل ويصيب منهم في غزة ورفح وجباليا، فتحول القطاع لفخ كبير يقع فيه الصهاينة بشكل متسارع ومستمر فأصبح الشاب عماد أسطورة ورمزيًا فلسطينيًا يتغلغل في الوجدان الفلسطيني، حتى أن أول ما فعله المرحوم ياسر عرفات حين قدومه إلى قطاع غزة في عام 1994 هو القيام بزيارة منزل الشهيد عماد عقل والالتقاء بوالديه وتقليدهما وساماً فلسطينياً. منذ عماد عقل وقطاع غزة كسر حاجز الخوف ضد جنود الاحتلال، ولم يعد يهابهم أو يرهبهم، وأصبح قتلهم والفتك بهم أمراً يسيراً وسهلاً، ولم يعد يتقبل وجودهم، فلا مكان في القطاع الصغير لأي صهيوني، فما أن قتل رحمه الله حتى قام رفاقه وتلامذته بعمليات ثأر قُتل فيها عشرات المستوطنين وأحد القادة العسكريين الكبار يدعى "مائير مينز". قطاع غزة اليوم فيه عشرات الآلاف من الشباب ممن تسري فيهم روح عماد عقل وجرأته وعقليته العسكرية وكرهه للاحتلال، ويعتبرونه ملهماً لهم وقائداً يقتفون أثره ويتدارسون سيرته وبطولاته، ويتخذون من أقواله شعارات وأمثلة في طريق جهادهم ودفاعهم عن أرضهم، والكثير منهم لم يلتقوه وجهاً لوجه ومع هذا يحتفظون بصوره ويلقبون أنفسهم باسم أبو عماد تيمناً بالشهيد، ويتمنون في كل لحظة أن تتاح لهم الفرصة ليفعلوا ما فعله عماد مع جنود الاحتلال. اليوم في غزة مئات آلاف البنادق وغير ذلك من الوسائل القتالية بالإضافة للمجاهد الذي يمتلك عقيدة قتالية لا خيار فيها إلا للنصر أو للشهادة، ووفق هذا المشهد الغزي المثير ومع ذكرى استشهاد عماد عقل فإن التهديدات الإسرائيلية المتكررة لاجتياح غزة وشن حرب عليها ما هي إلا فرقعات إعلامية إسرائيلية لا أكثر، فمن تمنى للبحر أن يبتلع غزة وفر منها لا يمكن أن يعود إليها إلا في حالة الانتحار، وإن فكر العدو بارتكاب مخاطرة والتقدم نحو غزة فسيواجه روح عماد وبطولاته وجرأته في كل شاب من شباب فلسطين. نعم يمتلك العدو آلة قتل هائلة، ولديه نفسية دموية خطيرة إلا أن آلته العسكرية أضعف من تدمير شباب غزة وقتل إرادتهم وحقهم في الحياة، وأي عدوان قادم على غزة سيعُتبر بداية النهاية لزوال الاحتلال الإسرائيلي عن الوجود في هذه المنطقة.