موقف واحد رويته لابنتي قبل ثلاث سنوات جعلها تخاف الى الان من كل ما يرتبط بالجيش و الشرطة عن يوم هربنا من عصيهم يوم فض اعتصام 24 اذار، الى الان ما زالت تكره المسيرات و كل ما يرتبط بها مخافة أذى يمكن ان يلحق بها مع تراكم صور المأسي للاطفال مثلها في البلاد العربية المجاورة. كان الادهى من ذلك ما بنته على هذه الصورة ففي احد المسيرات حان وقت الصلاة فوقف الدرك و الشرطة ليصلوا مع المعتصمين في مشهد طبيعي تماما فملئت الدهشة وجه ابنتي و صاحت "ماما الشرطة بصلوا معنا!!!" كان الترقيع مهمة صعبة و اقناعها انهم بالطبع مسلمين و مصلين و طيبين و بحبونا و زينا زيهم و هذا عملهم وواجبهم و لكن كما تعلمون فالاطفال حديين لا يعرفون الحياد و لا المناطق الغامقة و يجب ان يصنفوا الناس اما ابيض او اسود و اعتقد انها لم تقتنع بجوابي و الادهى من ذلك ما يترتب على ذلك في المواقف الصعبة عندما تكبر فجيش اي بلد و شرطتها هما رمز الامان و العون لاهلها، هم الملجأ في الملمات فكيف نلجأ اليهم و بيننا ستار من الخوف و الرهبة. هذا منطق الاطفال و ربما يكبرون و يعرفون الحق فيزول الخوف ،و لكن ماذا عنا نحن الكبار الذين نتأمل ان تظل علاقتنا بجيش و شرطة بلادنا في مصلحة بلدنا و المواطنين حتى و ان اختلفنا؟! كيف يمكن لمعرض عسكري معروف و مشهور و للاردن باع طويل في إقامته سنويا ان يقبل بشيطنة نساء الاردن المحجبات و اظهارهن في دور الارهابيات في محاكاة لعمليات القوات الخاصة في المعرض؟ كيف قبلوا بشيطنة امهاتهم و اخواتهم و محارمهم المحجبات؟ و من يعرف خارطة الاردن يعرف ان الحجاب أصيل فيها يجمع بين الايمان و العقيدة و ستر العادات و التقاليد؟! و لو أحصى محص لوجد أن 90٪ من أمهات جنودنا الاردنيين محجبات و هن اللواتي أرضعنهم حب الوطن و النخوة و الشهامة و ان المرأة كلها بكل ما يرتبط فيها حرمة تهون دونها الدماء! قد يقول قائل ان هذه المحاكاة مستوردة من أنظمة و جيوش غربية و دولية و انها أخذت و طبقت على علاتها كما هي!!! و هذا عذر أقبح من ذنب فالجيش الاردني معروف على مستوى العالم و هذا ما اثبته تقرير نشر للبنتاغون قبل عامين ان الجيش الاردني حصل على المرتبة الاولى عربيا و الثالثة اقليميا و العشرين عالميا، فلا يجب ان يكون تبعا و لا ذيلا لأحد و ان كان لا بد من هذه المحاكاة و التدريبات فالاصل ان يقوموا بتوطينها و "تعريبها" و اخضاعها للمعايير الوطنية المحلية. ان الحجاب الذي ترتديه نساء الاردن هو فريضة من دين علمهن ان أرض الاردن مقدسة و ان حب الوطن فريضة و ان لهذا البلد قدر، ليس لغيره، في صناعة الأحداث. ان الذين يستغلون الحجاب و يسيئون له كذلك معرفون و معروفة أساليبهم و لكنهم شواذ القاعدة و شواذ الصورة و ليسوا الاصل و لا الحالة العامة. ان المحجبة هي المعلمة التي علمت الجندي الولاء للوطن و هي الطبيبة التي تعالجه ليخدم الوطن و هي الموظفة التي تخدمه في كل الميادين تقديرا لدوره. يا جيش بلادي أظنكم تعرفون و تعلمون علم اليقين اننا حتى و ان وقفنا على مفترق طرق في الأحداث المختلفة أن الحجاب يحب الوطن و يعشقه و يريد الخير له و ما وقف و لا خرج و لا تحمل المصاعب الا ليكون عزيزا كريما مستقلا بأرضه و أهله معذرة يا جيش بلدي ان زدت العيار فقد اوجعتموني في اعز ما أملك، فالحجاب كيان و عقيدة و هوية، و ايمان و سلوك و خدمة و تفاني، الحجاب هو الاردن الذي نحب و نفتديه بالمهج، و يوم تدربنا في الجيش الشعبي تدربنا بالحجاب و كنا يومها و ما زلنا نعد أنفسنا جيشا غير نظامي في خندق الوطن متى احتاجنا. حاولت ان احسن الظن و ان الجيش لا يوجه مثل هذه الاهانة للدين و المحجبات خصوصا و ان المعرض تنظيم شركات خاصة و لكن كل الاخبار التي قرأتها عن تغطية المعرض تؤكد مشاركة الجيش فيه!! فهل المحجبات حقا في نظر جيشنا ارهابيات؟ و هل يتبع الأردن الهاشمي من يربط الارهاب بالدين و يروج لذلك؟! يا للضربة ما أقساها حين تكون من المأمن و من القربى!!