23.3°القدس
22.94°رام الله
24.42°الخليل
28.27°غزة
23.3° القدس
رام الله22.94°
الخليل24.42°
غزة28.27°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

مشروعٌ كلف صاحبه الاستقالة من وظيفة مرموقة..

خبر: "اليمامة".. حلمٌ أكبر من راتب (1200) دولار!!

تحت ضوء القمر، وعلى وقع صوت هدير أمواج البحر، وفوق الرمال الناعمة ألقيت بجسدي المثقل بهموم النهار ترافقني ثلة من أصدقاء الجامعة.. تجاذبنا أطراف الحديث واختلس كلامنا مواقف منها الطريف ومنها الصعب مررنا بها خلال دراستنا.. حتى إذا ما "زقزقت" عصافير بطوننا أنسانا التفكير بالعشاء كل جميل الحديث.. وكلٌ منا كان يسأل نفسه سؤالًا مهمًّا ويتمنى لو أن الإجابة لا تكون (هو).. "من سيجلب العشاء للشلة المسترخية على رمال الشاطئ؟". كل واحد من الجلّاس تملّص من المسئولية، وعلت الأصوات: "روح إنت".. "لا لا إنت أسرع وأنشط مني"، حتّى قطع صديقي محمد جدال الشباب بصوته "هوووووس.. عندي الحل، نتصل باليمامة!!".. نظرنا إليه وسألناه وكنا لم نسمع عن هذه "اليمامة" شيئًا: "أي يمامة يا معلم؟" فأجابنا: "مكتب توصيل سريع يؤمن لكم طلباتكم أينما كنتم مقابل مبلغٍ بسيط".. بالفعل وفي غضون خمس عشرة دقيقةً فقط بدأ العشاء يتسلل برقةٍ إلى بطوننا، حتى إذا انتهينا منه اكتملت سهرتنا الجميلة دون أن يعكر صفوها تعبٌ أو مسئولياتٌ أخرى. ولكن ما قصة اليمامة؟ من صاحب فكرتها؟ ومن أين أتى بها؟.. هذا ما سنعرف إجابته في سياق الحوار التالي مع مؤسسها خليل الإفرنجي: [title]الفضل للاكتئاب!![/title] راودت هذه الفكرة الإفرنجي (27 عامًا) عندما كان في الأردن يدرس العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية هناك، إذ كان يعتمد اعتمادًا كليًّا في جلب طعامه واحتياجاته على شركات التوصيل السريع خصوصًا وقت الامتحانات الفصلية والسنوية.. يقول: "بعدما أنهيت دراستي وعدت إلى قطاع غزة كان يراودني حلمٌ كبير ملخّصه أن أمتلك عملي الخاص، لكن الظروف كانت ضدي، فعملت متطوعًا في إحدى الوزارات.. بينما كان حلم الوظيفة بعيد المنال"، الأمر الذي أصابه بحالة اكتئابٍ شكّلت فيما بعد مدخلاً لفكرة مشروعه "اليمامة". في هذه الأثناء فُرِجَتْ.. فقد حصل صاحبنا على وظيفةٍ مرموقة في أحد البنوك العاملة في قطاع غزة بمرتبٍ شهري جيد جدًا (1200 دولار)، إلا أن ذلك لم يحل بينه وبين استمرار التفكير بمشروعه حتى إذا نضجت الفكرة تمامًا ترك الوظيفة "باستقالة" وتفرغ للبدء فورًا. شركة "اليمامة" التي تتخذ لنفسها موقعًا في إحدى زوايا محلات الملابس المنتشرة على طول شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، بدأت العمل –تبعًا لتأكيد صاحبها- بدراجتين ناريتين فقط! وكانت جملة الطلبات التي تصل إلى الشركة يوميًّا 5 فقط! ليتطور الأمر اليوم إلى توفر 22 دراجة نارية و"تك تك" بينما بلغ عدد طلبات اليوم الواحد 150 طلبًا. [title]27 عاطلاً عن العمل![/title] الإفرنجي أكمل بعد أن قطع ابتسامةً عريضة ارتسمت على شفتيه: "في البداية كان عملنا يقتصر على توصيل الطلبات من وجبات الطعام, والمواد الغذائية وغيرها من الحاجيات اليومية للمواطنين حتى أصبحنا جزءًا من حياة البعض، لكن بعد ذلك وسّعنا دائرة الخدمات لتشمل خدمة التسويق والتوزيع، ووقعنا العديد من العقود مع كثير من الشركات في قطاع غزة"، متابعًا: "نمتلك اليوم في الشركة قاعدة بيانات خاصة لثلاثة آلاف زبون دائمين.. وللشركة محاسبان اثنان، وثلاثة موظفين داخل المكتب، ومسوّقان، عوضًا عن 22 مندوبَ توصيل.. وهذا يعني أن الشركة ساهمت في مساعدة 27 أسرة وعاطلا عن العمل حتى اللحظة". ويشير خليل إلى أن العديد من المؤسسات والشركات قدمت له المساعدة لتشجيعه على مواصلة المشروع، فمنها ما قدم المالي، ومنها ما ساهم في إعطاء العاملين معه دورات في الاتصال والتعامل مع الجمهور الأمر الذي كان له عظيم الأثر في زيادة إصراره على إكمال الطريق. وعن العائد المادي الذي يجنيه خليل من وراء هذا المشروع قال خليل: "العائد المادي سيأتي سيأتي، ولكن لن أتعجل قطف الثمار قبل نضوجها، معلنًا بكل فخر وثقة، أن مردوده الماليّ الآن من أرباح الشركة لا يتجاوز 1500 شيكل". [title]ناجح 100%[/title] بدوره أثني د. معين رجب أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر على هذه الفكرة واصفًا إياها بالناجحة، خاصة أنها تقدم خدمة جديدة يفتقر إليها المواطنون في قطاع غزة. وأضاف رجب: "هذه الخدمة لها العديد من المزايا فهي توفر الوقت والجهد في ظل حالة الازدحام المروري الذي تشهده المدينة، وفي الوقت ذاته توفر فرصَ عمل لعدد من الشباب العاطلين عن العمل بسبب الحصار الإسرائيلي"، حاثًّا الشباب على بذل أقصى جهد لديهم لابتكار أفكار جديدة ومبدعة ومشاريع عمل صغيرة تخرجهم من أزمة البطالة وتشعرهم بفخر الإنتاج.