23.9°القدس
23.66°رام الله
22.75°الخليل
27.57°غزة
23.9° القدس
رام الله23.66°
الخليل22.75°
غزة27.57°
السبت 12 يوليو 2025
4.5جنيه إسترليني
4.7دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.33دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.5
دينار أردني4.7
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.33

خبر: أزمات الوفاق.. ساق الله عأيام الانقسام

كلما مررت عليه انتظرت وقتاً طويلاً أو غادرت محله من شدة الزحام والمدة الطويلة التي قد أضطرها للمكوث منتظراً دوري داخل محل الحلاقة القريب من بيتنا. إبراهيم في منتصف العشرينات من العمر ويعمل في مهنة تصفيف الشعر "الحلاقة" منذ عدة سنوات، وهو الحلاق المفضل لكثير من أبناء حيينا نظراً لإتقانه وجودة أدائه. عادة ما يكون إبراهيم مع إطلالة كل شهر متذمراً من شدة التعب لوقوفه ساعات طويلة قد تمتد لأكثر من اثنتي عشرة ساعة متواصلة في اليوم الواحد يحلق للزبائن الذين تلقوا رواتبهم واحداً تلو الآخر ، لكنه الآن متذمر منذ مطلع الشهر لسبب آخر وهو تأخر رواتب الموظفين الحكوميين كافة. الموسم الشهري يبدأ منذ تقاضي الموظفين لرواتبهم ويستمر لثلاثة أو أربعة أيام ومن ثم يعود العمل لوتيرته الاعتيادية التي عادة ما تكون ضعيفة حسبما شرح إبراهيم لـ"فلسطين الآن"، مؤكداً أنه يجمع في هذه الأيام أكثر من خمسة أضعاف اليوم العادي من الشهر. لم يكن إبراهيم هو المتضرر الوحيد من الأزمة التي يحياها قطاع غزة نتيجة إغلاق البنوك وعدم صرف الرواتب نتيجة استنكاف حكومة التوافق عن الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي حكومة غزة السابقة بل انعكس الأمر على قطاعات مختلفة وبات يهدد كل مناحي الحياة في قطاع غزة. غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة وعلى لسان رئيسها وليد الحصري ناشدت كافة العقلاء بالحل السريع لأزمة البنوك لما لها من أثار سلبية على القطاع الخاص الفلسطيني وعلى التجار والمستوردين و رجال الأعمال بسبب علاقتهم المباشرة مع البنوك. ومن المحتمل أن يؤثر إغلاق البنوك على حركة الواردات لقطاع غزة من المواد الغذائية, مشتقات البترول و الغاز, وكافة السلع الاستهلاكية، خصوصاً مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك. أبو علي وهو صاحب سوبر ماركت يؤكد على ضرورة الوقوف إلى جانب الموظفين الحكوميين في الظروف الصعبة التي يعيشونها. " هم أكثر الزبائن وكانوا يدفعون بشكل منتظم فهل نرميهم في الشارع لمجرد أزمة يمرون بها"، يقول أبو علي الذي يؤكد وابتسامته لا تفارق وجهه أنه لا زال وفياً لزبائنه ويعمل على تلبيه طلباتهم "ويسجل على الدفتر" - في إشارة إلى الدين - حتى ربنا يفرجها وفق تعبيره. لكن صاحب محل الخضروات والفواكه أبو شادي فيرى أنه لا يمكن الاستمرار في إعطاء الزبائن ما يطلبونه دون دفع ما عليهم من ديون سابقة، فدفتر الدين طفح على حد وصفه وما عاد يحتمل ديوناً أخرى، خصوصاً مع رفض التجار الموردين للبضائع الصبر ومطالبتهم بدفع ثمن البضاعة مسبقاً وهو ما يصبح مستحيلاً في ظل دفتر الدين السمين. محمد وهو خريج جديد وقد عمل خلال الشهرين الماضيين في مؤسسة خاصة وأوقعته الأقدار أن يكون راتبه رهين الأزمة الحالية وحبيس البنك المغلق، يقول:" يا فرحة ما تمت أول راتب محبوس ربنا يفرج كربه" بحسرة واستهزاء يتحدث إلى "فلسطين الآن". كتبت ما سبق وعائد في سيارة الأجرة والصداع يقتلني بعد يوم شاق من العمل، لم يمنع ذلك ركاب السيارة التي تذهب يسرة ويمنة جراء انقضاء عمرها مرتين وهي تعمل على طرق قطاع غزة، من النقاش حول الأزمة الحالية. لكن أكثر ما فاجأني أن إجماعاً شبه كامل على المطالبة بحل الأزمة وأن تتحمل حكومة الوفاق التي تشكلت إثر اتفاق الشاطئ الذي شهدت عليه غالبية الفصائل الفلسطينية كل مسئولياتها وتدفع الرواتب للجميع حتى تنتهي اللجنة التي يتحدث عنها الساسة والمنوط بها دراسة أوضاع الموظفين. واستهجن عدد من ركاب السيارة الذين صدعوا رأسي نقاشاً وتجاذباً حول نصوص الاتفاق ونقاطه وفواصله الحديث عن ضرورة أن يصبر موظفو حكومة غزة السابقة حتى يستطيع غيرهم تلقي رواتبهم، مبينين أن هؤلاء الموظفين لديهم عائلات وأطفال يعيلونهم ولا يجوز أن يجوعوا نتيجة عدم الالتزام باتفاق المصالحة من طرف حكومة الوفاق الوطني. وتبقى الأزمة مستمرة ما دامت الأطراف لم تتوصل لحل جذري لها، فإن حلت في الوقت الراهن فلربما تطل برأسها من جديد في قابل الشهور والأيام طالما كان الحل ترقيعياً، وهو ما يدفع كثيرين للقول " ساق الله عأيامك يا انقسام"