16.64°القدس
16.41°رام الله
14.34°الخليل
19.13°غزة
16.64° القدس
رام الله16.41°
الخليل14.34°
غزة19.13°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: رجال من زمن آخر

لعل المرء يعجب وهو يقرأ سير من سبقوا من أئمة الإسلام وعلماء المسلمين ، ولعله في بعض الأحيان يستعجب صنائعهم التي تبهر العقل وتجعله يستصعب التصديق ، كون الأفعال لا يمكن لها أن تكون لولا إيمان صادق ، وزهد حقيقي، وعلم يقود إلى معرفة الله وفهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. ومرجع عجبنا من ذلك هو غياب القدوة الصالحة الحقيقة في هذا الزمان التي تعيد للأمة تلك الأخلاق وذلك الفهم العميق لمعاني الإسلام السامية ومقاصده النبيلة وأخلاقه الرفيعة التي تعوّد على البذل وعدم البخل ، وعلى العطاء وعدم انتظار الرد والمقابل والعائد . لا أنكر وجود نماذج عظيمة بيننا تعود بنا بين فينة وأخرى إلى ذلك الزمن الجميل الغابر ، لكن ما دعاني إلى الكتابة في هذا الجانب، هو ما بدأ الناس يشعرونه بعد أن بدؤوا يختلطون في من عادوا إلى غزة بعد غياب قسري داخل السجون الصهيونية الظالمة استمر سنوات عديدة. فهؤلاء الأباة خرجوا عظماء من السجون كما دخلوا عظماء وهذه الكل يعرفها ، أما ما خفي فهو أعظم ، فقد خرج الأبطال كما دخلوا وهم يحملون سمت الصالحين وأخلاق العارفين ، وشهامة السابقين ، ونخوة المجاهدين الغيورين ، والمحبة في الله التي هي من سمت المؤمنين الصادقين. ولعلي لم أكن قريباً على نحو كاف من أسرى كثيرين لكنني اقتربت بعض الشيء من نماذج عديدة نتيجة لطبيعة عملي تارة ، ونتيجة لتواصلي الشخصي مع عدد منهم من خلال زيارات ومقابلات عديدة . واسمحوا لي أن أتحدث عن رجل سمح لي القدر أن أكون قريباً منه منذ بدأ وعيي يتفطر رغم وجوده في السجن فأحاديث من رباني وعلمني جعلتني أعرف هذا الشخص عن قرب رغم أنني لم أره حقيقة إلا قبل شهرونصف على أبعد تقدير . جلست قريباً منه فاكتشفت مدى الاحتساب لهذه السنوات التي قضاها داخل السجون ، وكم كان عظيماً وهو يؤكد وبإصرار أنه لم يكن يحس بالوقت داخل السجن وكيف أنه كان يتمنى عند انتهاء اليوم أن يمتد لساعات أخرى ليتم ما عليه من مسئوليات . تلمست حبه للحياة رغبة في الاستمرار على ذات الدرب درب العمل لخدمة دين الله عز وجل وهو الذي لا يتسع الآن وقته لجلسة هنا أو هناك ، فالمواعيد تلاحقه وعقارب الساعة تلاحق جلساته العائلية والاجتماعية معلنة وجوب إنهائها للقيام لندوة هنا ولقاء هناك ومحاضرة في مكان آخر . لا زال وفياً لمن تركهم خلفه ، يحن فؤاده إليهم ويتمنى من كل قلبه أن يخرجوا ليحيوا بين أبناء شعبهم ، وكم ترى عينيه وقد ارتجفت تقترب من أن تخرج دمعة حين يأتي الحديث عمن تركهم خلفه يعانون ظلمة الزنازين وظلم السجان . يبتسم ويضحك ، وعند الحديث عن المستقبل القريب يؤكد لك بإصرار وعناد وقراءة شخصية خاصة للواقع، أن نصر الله قد اقترب وأن الصلاة في الأقصى وساحاته وباحاته بات أمر وقت ليس أكثر، وهو واقع قريب لن يطول الأمد إلى تحقيقه . سيطول بي المقام كثيراً لو تحدثت عن كل ما رأيت وعاينت رغم قصر المدة التي قضيتها سعيداً بجواره وفي حضرته ، لكني على يقين أن يحيى السنوار وإخوانه الذين خرجوا هم مخزون رائع ،عاد ليضيف للحركة الإسلامية وشبابها نماذج حية لرجال من طراز فريد، يشبهون إلى حد كبير أولئك الذين سبقوا من الصالحين الأولين .. أسعد الله أسرانا بالحرية وفرّحنا بالبقية وأدام علينا نعمة بقاء الصالحين بيننا .