لم يقتصر الرفض لما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس بشأن اختفاء الجنود الإسرائيليين الثلاثة على الفصائل والقوى السياسية، بل تعرض عباس لهجوم عنيف وغير مسبوق من شخصيات اعتبارية، صرحوا بذلك عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك". اللافت أن كثير من المنتقدين لكلام عباس من المحسوبين على حركة فتح، وبعضهم كان يعمل في مناصب حساسة في قيادة السلطة أو ما يزال على رأس عمله. الكتابات استخدمت كلمات قاسية، وصلت حد تخوين عباس، والتأكيد على أن نهجه السياسي هو من أوصل الأوضاع إلى حالة الاختناق التي يشعر بها المواطن البسيط. كما كان الرفض قاطعاً للاهتمام الذي أبداه تجاه المستوطنين الثلاثة، وخشيته على حياتهم كونهم "بشر"، في حين أغفل جرائم المستوطنين ومشاركتهم في سرقة الأرض من جهة، ووجود أكثر من 5 آلاف أسير في سجون الاحتلال، ومرور نحو شهرين على إضراب الإداريين، الذين هم أيضاً "بشر"، من جهة أخرى، بحسب المعلقين. [title]لا قيمة لحياتنا [/title] العميد المتقاعد عبد الإله الاتيرة، وهو أحد المحاربين في معركة الكرامة، عبر صفحته في موقع "فيسبوك": قائلاً "لا أختلف معك سيادة الرئيس.. أنهم بشر.. ولكنهم كمستوطنيين شركاء في سرقه أرضنا.. وتدنيس مقدساتنا.. وقتل أبنائنا، وحياة أي إنسان عندنا مقدسة". وأضاف الاتيرة الذي شغل منصب مدير داخلية محافظة نابلس لسنوات عديدة، وكان من المحاصرين في بيروت عام 1982 "ولكن هل حياتنا كبشر نحن الفلسطينيين لها أي قيمة عند المحتل؟ بدم بارد قتل الصباريني (شهيد مخيم الجلزون) ولم يعتذر منهم أحد، في الخليل اعتدى على نسائنا وهدمت بيوتنا، وسال دم نسائنا في مخيم بلاطة وروعوا أطفاله وخربوا 40 بيتاً، واعتقلوا الكثير.. لأنهم لا ولن يعترفوا فينا كبشر.... ممكن أكون أنا غلطان.. وحتى أقدم اعتذاري أتحدى أن يخرج علينا نتنياهو.. بتصريح يعترف فينا كبشر .. ونستحق الحياة .. ولسنا أرقام". [title]الاستلاب العقائدي[/title] وبلغة علمية، ذهب المحامي غاندي الربعي بعيداً حينما حاول تقديم تفسير علمي لما صدر عن الرئيس عباس، وتضامنه رغم كونه ضحية مع المستوطنين رغم أنهم غاصبون ومحتلون. المحامي الربعي مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق المواطن في محافظة الخليل والمعروف برفضه لتوجهات السلطة ومعارضته لنهجها، أوضح أن "ما تلفظ به عباس يندرج ضمن نظريات "الاستلاب العقائدي" أو "التماهي بالمتسلط"، وهي درجة متقدمة من ايمان الضحية بوجة نظر الجلاد فيها، "فالضحية عندها تلوم نفسها بشكل لا شعوري". وتابع "المهم أنني توقعت من الرئيس التطرق إلى أن نقل السكان المدنيين" المستوطنون غير المسلحين" إلى الأراضي المحتلة يشكل جريمة من جرائم الحرب التي نهى عنها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي وضعه المجتمع الدولي وليس الفلسطينيين، ثم أن سياسة العقاب الجماعي التي انتقدتها "بيتسيلم" المنظمة الحقوقية الإسرائيلية كنا نحن أولى بإبرازها". وختم بقوله "أخيراً وعذراً على الإطالة لم تجف دماء الطفلين اللذان قتلوا بدم بارد في رام الله في ذكرى النكبة، سيادة الرئيس نعم نحن ضعفاء ومحاصرين ووحدنا في مواجهة الاحتلال لكننا نملك كرامة وحق". [title]إلى من يدافع عن عباس[/title] أما الدكتور سعيد حبش من مخيم بلاطة شرقي نابلس، فلم يوجه كلامه لعباس، بل إلى من يدافع عنه وعن سياساته الانهزامية، مؤكداً أن الخطاب نقل رسائل ووجهة النظر الإسرائيلية وليس الفلسطينية. فكتب رسالة قال فيها "أيها المتملق للسيد الرئيس: لا ألومك لأنك منتفع منه ومصدر رزقك ولكن أدعوك للحديث والمديح والثبات على المواقف، حين يُخطف ابنك أو أبيك ويوضع في غياهب السجون ويُحرم العطف والحنان والرعاية وأنت في أمس الحاجة والعوز". ولام أولئك قائلاً لهم "أما إذا كنت عديم الأحاسيس والمشاعر فتنازل عن الكبرياء قليلاً وقم بزيارة لأبناء أسير تربوا واشتد عودهم على يد طاهرة صابرة محتسبة، وتعلم منهم كيف يكون طعم العزة والكرامة!!". وتابع "أيها المتملق إن ما تسميه واقعية سياسية ومتزنة كان يسمى في زمن الرجال خيانة، فكم كنّا نأمل منه أن ينقل من خلال خطاباته رسائل ووجهة النظر الفلسطينية وليست الإسرائيلية. وفي الختام أكد الحبش أنه لا يهتم لمثل هذه الآراء التي تصدر عن المنتفعين والانتهازيين، "ولكن المهم هو ما يقوله الفقراء والمستضعفين فهم المعيار الحقيقي والأصدق". [title]ملاحقة المقاومة[/title] أما مسئول الإعلام في وزارة الصحة الفتحاوي طريف عاشور، فكتب مشاركة تحت عنوان "وكأن الفلسطيني خلق للضرب على القفا فقط!". وأبدى عاشور استغرابه من ذلك الموقف، قائلاً "عندما يقاوم الفلسطيني يصبح إرهابي، حتى بني جلدته يقف ضده، مع أن مقاومة الاحتلال حق صريح وواضح كفلته له كل مواثيق السماء والأرض، وهنا يضرب على قفاه، لماذا قاوم!!". وأشار إلى أن الفلسطيني حتى عندما يُوقف المقاومة، يقابل ذلك استعار جنون الاحتلال وتزداد المستوطنات وتسمن، ويزداد الاجرام بشتى صنوفه، لكن النتيجة أنه "يضرب على قفاه أيضا!!". وتساءل "ما هو المطلوب من شعب تحت الاحتلال!!، أن ينثر الورد على محتله، عله يرضى!".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.