16.97°القدس
16.79°رام الله
16.08°الخليل
23.01°غزة
16.97° القدس
رام الله16.79°
الخليل16.08°
غزة23.01°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

خبر: كأس العالم ورسالته المضرة بالصحة

شاهد مليار متفرج المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في ساو باولو بالبرازيل، وعند مرحلة ما في البطولة الممتدة لشهر كامل سينضم إليهم مئات الملايين. أما الشركاء الستة الرئيسيون لمنظمة الفيفا وللرعاة الثمانية الرسميين للحدث، فلا تقل قيمة هذا الحشد من المشاهدين عن منجم ذهب. والواقع أنهم يدفعون عشرات الملايين من الدولارات على أمل أن تحظى علاماتهم التجارية بجانب من سحر "اللعبة الجميلة"، وهو أمر وارد جدا. وأما عن المشاهدين فالأرجح أنه أمر مزعج إلى حد كبير. لم تكن الفترة السابقة لركلة البداية خالية من الدراما، على الأقل لأحد شركاء الفيفا، شركة بودوايزر، التي اتهمت بإرغام حكومة البرازيل على إبطال قانون محلي يحظر بيع الخمور داخل ملاعب كرة القدم. ورغم المعارضة الواسعة النطاق لإلغاء هذا القانون، كانت منظمة الفيفا حازمة في قرارها: "الخمر جزء من بطولة كأس العالم لكرة القدم، لذلك سوف نسمح به". إن رعاية شركات مثل بودوايزر، ومكدونالدز، وكوكاكولا، والشركة العملاقة موي بارك للوجبات السريعة، تجلب الملايين من الدولارات للعبة كرة القدم. ولكن ما رسالتها الموجهة إلى الجماهير في مختلف أنحاء العالم؟ إن الترويج للخمور والمشروبات السكرية والوجبات السريعة ربما يعني أرباحا مهولة للشركات، ولكنه يعني أيضا صحة أسوأ للأفراد وعبئا باهظا تتحمله أنظمة الرعاية الصحية في بلدان العالم. وبدلا من التركيز خاصة على ميل الخمور إلى تأجيج العنف داخل الملاعب، يجب على وسائل الإعلام إلقاء الضوء على الضرر الذي يلحق بسكان العالم كل يوم نتيجة لاستهلاك الخمر والأطعمة المعالَجة، فاستهلاك مثل هذه المنتجات في زيادة مستمرة، خاصة في ظل الحملات الإعلانية العالمية التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات. [title]زيادة استهلاك الخمر[/title] وخلال العقد الماضي، تضاعفت المبيعات العالمية من المشروبات الخفيفة، وارتفع نصيب الفرد من استهلاك الخمر، وازداد استخدام التبغ. وما يزيد الطين بلة أن أغلب هذه الزيادة يحدث في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وهي الأقل قدرة على التعامل مع الأزمة الصحية المقبلة. ويعد التصنيف أحد العوامل الكامنة وراء المخاطر التي تهدد الصحة العامة، ففي العادة يجَمِّع خبراء الصحة الأمراض في فئتين: فئة الأمراض المعدية التي ترجع غالبا إلى الإصابة بعدوى، وفئة الأمراض غير المعدية التي يندرج تحتها كل ما عدا ذلك. وبين الأمراض غير المعدية -التي تسمى أيضا الأمراض المزمنة- أربع حالات، هي الأكثر إسهاما في حدوث الوفاة المبكرة أو العجز: أمراض القلب والشرايين، وحالات الرئة المزمنة، والسرطان، ومرض السكري. وفي العام 2010، كانت هذه الحالات الأربع سببا في 47% من مجمل الوفيات، ومنها تسعة ملايين وفاة بين أفراد تقل أعمارهم عن 60 عاما. وتعكس عوامل الخطر الرئيسية المؤدية إلى هذه الحالات -وهي تدخين التبغ وشرب الخمر والوزن الزائد وعدم ممارسة الرياضة البدنية بالقدر الكافي- سلوكيات غير صحية عميقة الجذور. ولأن هذه النوعية من السلوكيات هي على وجه التحديد التي تشجعها شركات مثل تلك الراعية لبطولة كأس العالم، فربما يكون "المرض الناتج عن رغبة الشركات في تحقيق الربح" هو التصنيف الأفضل للأمراض. [title]اختيارات بعيدة عن السيطرة[/title] وكثيرا ما يُعَد شرب الخمر والتدخين وتناول الأطعمة المعالجة الغنية بالطاقة من "الاختيارات" الشخصية لأسلوب الحياة. ولكن محددات مثل هذه الاختيارات تكون غالبا بعيدة عن السيطرة المباشرة للفرد. والواقع أن الارتباط الوثيق بين "الأمراض الناتجة عن الرغبة في الربح" وبين الفقر أو التمييز بين الجنسين ، يشير إلى أن قوى اجتماعية أوسع تفرض ضغوطا كبيرة على سلوكيات الأفراد التي تؤثر على الصحة. وتتطلب معالجة الأمراض الناتجة عن الرغبة في الربح اتباع نهج جديد في التعامل مع الصحة والمنظمات المكلفة بحمايتها. فالنظام الحالي لا يعمل على تمكين الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الفنية المعنية بإدارة الصحة لمواجهة محددات الصحة الهزيلة بفعالية. وتتمتع الشركات الكبرى بالموارد والقوة اللازمة لممارسة الضغوط، وميزانيات الإعلان، والشبكات، وسلاسل العرض التي لا تملك الأمم المتحدة إلا أن تحلم بها. وفي حين تتدبر منظمة الصحة العالمية أمورها بقدر شحيح من الإنفاق لا يتجاوز ملياري دولار سنويا، تحصل صناعة التبغ نحو 35 مليار دولار من الأرباح سنويا. ولكن ما الخطوات التي يمكن اتخاذها لتمهيد أرض الملعب وتحقيق تكافؤ الفرص؟ قد يجيبك أي خبير في كرة القدم بأن النجاح يعتمد على العمل الجماعي. ففي المقام الأول والأخير، ينبغي على المستهلك أن يكون أفضل اطلاعا بشأن التأثير البعيد الأمد الذي قد تخلفه منتجات الرعاة. وعلى أي حال، تتلخص الوسيلة الأكثر فعالية لإرغام الشركات في نهاية المطاف على التغيير في الامتناع عن شراء ما تبيعه. وعندما يرفع الناس أصواتهم، ولنقل لحظر الإعلان عن بدائل حليب الأم أو المطالبة بالقدرة على الوصول إلى العقاقير المنقذة للحياة، كثيرا ما تستجيب الشركات الكبرى إلى مثل هذه الأصوات. [title]الواقعية[/title] وثانيا، يتعين على صناع السياسات أن يتحلوا بالواقعية، ورغم حيز التفاؤل الذي تتيحه بكل تأكيد التكنولوجيا المتقدمة التي سوف تساعد في السيطرة على تكاليف العلاج، فالحقيقة أن علاج حصة متزايدة من سكان العالم ليس ممكنا ببساطة. وطبقا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي فإن الأمراض الأربعة الرئيسية الناتجة عن الرغبة في الربح كلفت الاقتصاد العالمي نحو 3.75 تريليونات دولار أميركي في العام 2010، وقد أنفِق أكثر من نصف هذا المبلغ على الرعاية الطبية. وفي هذا السياق تشكل إستراتيجيات الوقاية أهمية بالغة. وثالثا تستطيع الشركات أن تلعب دورا حاسما في هذا السياق، فبعيدا عن كونه جانبا أساسيا من المسؤولية الاجتماعية للشركات، تصب جهود الحد من الأمراض الناتجة عن الرغبة في الربح -وبالتالي ضمان صحة وإنتاجية الجيل الحالي وأجيال المستقبل- في مصلحة الشركات. ويشكل الالتزام الطوعي بالحد من السكر في المشروبات الخفيفة والحد من مستويات الملح في الأطعمة المعالجة خطوة إيجابية، ولكنها ليست كافية بأي حال. وأخيرا، يحتاج كل فريق ناجح إلى مدير قوي، وفي المعركة ضد الأمراض الناتجة عن الرغبة في الربح، يتعين على السلطات التنظيمية الدولية والوطنية الاضطلاع بهذا الدور، وتحديد وفرض قواعد اللعبة لحماية صحة الناس في مختلف أنحاء العالم. إن بطولة كأس العالم تخلف تأثيرا اجتماعيا عميقا، بما في ذلك على الصحة العالمية. وينبغي على الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يتحمل المسؤولية عن ضمان عدم خروج مشاهدي البطولة برسالة قد تجعلهم مرضى.