24.75°القدس
24.57°رام الله
23.86°الخليل
25.86°غزة
24.75° القدس
رام الله24.57°
الخليل23.86°
غزة25.86°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: رجال في مقاومتهم.. رجال في مفاوضاتهم

انهارت المفاوضات حول اتفاق هدنه في قطاع غزة لسبب بسيط وهو أن وفد رجال المقاومة متمسك بشروطه كاملة ولان الطرف العربي بما في ذلك وفد السلطة، والدولة المضيفة (مصر) يريدون إنقاذ أنفسهم وإنقاذ إسرائيل من خلال التمسك بشروط الأخيرة، نزع سلاح القطاع وتحويله إلى منتجع سياحي، وليس قاعدة وحيدة للمقاومة ضد الاحتلال. وفدا “حماس″ و”الجهاد الإسلامي” نوعية مختلفة من الرجال، يمثلون عقيدة قتالية جهادية مختلفة، ويعرفون كيف يتعاملون مع الإسرائيليين في المفاوضات، مثلما يعرفون كيف يتعاملون معهم في ميادين المعارك، وتخلصوا من عقدة الخوف من الإسرائيليين منذ عقود، ولا نبالغ إذا قلنا أنها غير موجودة أصلا. إسرائيل تعودت أن تتفاوض مع ممثلي السلطة الفلسطينية ورئيسها نفسه من موقع القوي الذي يملي شروطه كاملة، بينما الطرف الثاني يتراجع عنها الواحدة تلو الأخرى، ومستعد للقبول بقليل القليل، وحتى هذا لم يحصل عليه. *** الذين يفاوضون إسرائيل في الحجرة الأخرى أناس مثل السيد خليل الحية الذي ارتقت أسرته كاملة شهداء في غارة إسرائيلية متعمدة، والسيد محمود الزهار الذي قدم ولديه شهيدين فداء لفلسطين وعلى درب تحريرها، جاءوا من ارض المعارك ليس من اجل أن يتفسحوا في القاهرة، وإنما من اجل نقل مطالب شعبهم والتمسك بها كاملة، ومع أناس كهؤلاء لا يمكن أن تنتصر عليهم إسرائيل أو أن تحتال عليهم، مثلما احتالت على الآخرين، والشيء نفسه يقال عن شهود الزور من المندوبين العرب المتواطئين معها. ما يملكه هؤلاء الرجال وما يفتقد إليه الآخرون هو العزيمة والإرادة والإيمان بعدالة قضيتهم، ورفض كل أنواع المساومة على حقوقهم في تحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر وعدم المساومة على أي شبر من ترابها المقدس. إسرائيل والدولة المضيفة وبتخطيط من توني بلير أرادوا أن يجعلوا من مفاوضات القاهرة مصيدة لوفد المقاومة، وجره تدريجيا إلى هدنات متواصلة تبدأ قصيرة وتتحول إلى أبدية، وبما يؤدي إلى بقاء الوضع على حاله، ولكنهم وجدوا نوعية مختلفة من الأعصاب الفولاذية يعون تماما مفردات هذا المخطط واستعدوا له جيدا. رفضوا تمديد هدنة الأيام الثلاثة، وأكدوا على رفضهم هذا بإطلاق الصواريخ بعد دقائق من انتهائها، ورفضوا كل محاولات الابتزاز، ومن السلطة خصوصا، التي أرادتهم أن يتحلوا بـ”الواقعية” و”الاعتدال”، وكأن هذه الواقعية وهذا الاحتلال حقق للشعب الفلسطيني غير المذلة والهوان والعيش على حساب وكالة غوث عالمية اسمها الدول المانحة، ومقابل ثمن باهظ جدا جدا اسمه التنسيق الأمني وعنوانه التجسس لمصلحة أجهزة الأمن الإسرائيلية على المقاومين الشرفاء تمهيدا لاغتيالهم أو اعتقالهم، والحيلولة دون وصول ظاهرة المقاومة الشريفة إلى الضفة الغربية. ماذا يمكن أن يخسر رجل مثل خليل الحية الذي فقد أسرته شهداء، وماذا يمكن أن يخسر شخص مثل محمود الزهار الذي قدم ولديه فداء للثورة، وماذا تبقى لأبناء قطاع غزة الأبطال، ما يمكن أن يخسروه بعد أن دمرت إسرائيل الغالبية الساحقة من بيوتهم، وقتلت ما يقرب الألفين من أطفالهم ونسائهم، ونسفت مستشفياتهم وبيت عجزتهم، وقطعت عنهم الماء والكهرباء، ولو تملك وسيلة لقطع الهواء لما ترددت. من يملك القرار في القطاع حاليا هم مقاومون شرسون، يديرون المعارك من غرف عمليات تحت الأرض فشلت إسرائيل وكل جواسيسها وأجهزتها الحديثة في اكتشافها، جناح القسام (حماس) وسرايا القدس (الجهاد) هما المرجعية، وهما أصحاب الكلمة الأخيرة، وهؤلاء لن يتنازلوا لأنهم ندروا حياتهم للخالق جل وعلى، ويجدون شعبا جبارا حولهم ويدعمهم حتى الشهادة. نحمد الله أن حركة “حماس″ أرسلت هؤلاء الرجال لتمثيلها، مثلما نحمده أيضا لأنهم أكبر ممن يضغطون عليهم لتقديم تنازلات محرمة أبرزها نزع سلاح المقاومة، مقابل خمسين مليارا، أبناء غزة عاشوا ثماني سنوات تحت الحصار، ونصبوا خيمهم فوق أنقاض منازلهم التي تدمرت في العدوانيين أو الثلاثة السابقة، ويمكن أن يعيشوا هكذا بشرف وكرامة في محيط عربي لا يعرفهما للأسف. *** سلاح المقاومة لا يشترى بالمال، فقد تعلم المقاومون الدروس المرة من تجارب سابقة، فأين انتهت منظمة التحرير بعد خروجها من لبنان عام 1982 وتنازلها عن أسلحتها، وأين وصلت السلطة في رام الله بانخراطها في مفاوضات استمرت لأكثر من عشرين عاما ولم تحصد غير 700 ألف مستوطن وتهويد القدس وتحويل الشعب الفلسطيني إلى عبيد للرواتب وفتات المساعدات التي يتصدق بها الأمريكي والفرنسي والألماني وبعض العرب الذين يدورون في فلكهم. فلتكثف إسرائيل قصفها ولتدمر ما تبقى من القطاع، فأسلوب “الصدمة والرعب” الذي استخدمه بوش الأب لم يعد يرهب أبناء القطاع الأبطال، وقتل الأطفال يدين صاحبه ولا يرهبهم مطلقا. المسألة ليست امتلاك صواريخ وإنما “إرادة” إطلاق هذه الصواريخ، وهي متوفرة بكثرة لدى أبطال المقاومة ويمكن أن تفيض لتصل إلى من يريد الخروج من حالة الخنوع من الجوار العربي، ولكن قلة يفكرون بهذا العرض المشرف ناهيك عن قبوله، فهناك دولة أنفقت مئات المليارات من الدولارات على أسلحة حديثة ولكنها لا تملك الإرادة لاستخدامها، وأن استخدمتها ففي المكان الخطأ وضد العدو الخطأ، المقاومة انتصرت في المفاوضات مثلما انتصرت في الحرب، وبإذن الله لن تهزم أبدا، وسيكون هذا القطاع الصغير (150 ميلا مربعا) أقوى من الدول العظمى بإرادته وإصراره، وشوكة في حلق الاحتلال، ومصدر الهام لكل الشرفاء العرب الذين ينظرون إليه بإكبار وإعزاز. للمرة المليون نقول لأهلنا في قطاع غزة شكرا، ومن القلب، واعذرونا أننا لا نستطيع تقبيل رؤوسكم لأنكم أعلى منا وأطول، وعمالقة في انجازاتكم وانتصاراتكم، واعلموا جيدا أن مئات الملايين من الشرفاء في العالم يقفون في خندقكم، ويؤمنون بحتمية انتصاركم. غزة باتت عاصمة الشرف والكرامة، وكعبة المجاهدين والمناضلين، مثلما كانت على مر العصور وستظل