بعد أيامٍ يمكن وصفها بـ"اليتيمة" عاشتها الضفة الغربية المحتلة بالحد الأدنى من القمع الأمني من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، عادت محافظاتها كافة لتشهد عودة تدريجية ملحوظة لعصا الأمن في محاولة منها لضبط ما ترى أنه "بدأ يخرج عن حدود السيطرة". فقد شهدت مدن الضفة في الأيام القليلة الماضية، عودة مظاهر قمع الحراك الشعبي المناصر للمقاومة في قطاع غزة، بعد فترة وجيزة سمحت فيها السلطة -بقرار سياسي تم تطبيقه أمنيًا-، في سياق محاولاتها لركوب موجة انتصار المقاومة وبقاء السلطة مهمشة في نزال المفاوضات. ومع توسع رقعة المناطق التي تشهد مواجهات يومية عنيفة مع جنود الاحتلال، وتصاعد عمليات المقاومة وارتفاع عدد الشهداء والجرحى في الضفة، وبالتزامن مع بدء جولات المفاوضات الأخيرة في القاهرة، لوحظ تغير جديد في سياسة الأجهزة الأمنية وحركة فتح وعودة متدرجة لسياسات أمنية كانت تنتهجها في السابق. [title]إشارات ودلالات[/title] ويلاحظ المراقب لجملة مواقف قيادات حركة فتح والأجهزة الأمنية بالسلطة توجهها مجدداً إلى التحريض على الشبان الذين يشعلون المواجهات عند نقاط التماس مع جنود الاحتلال. وتأتي تلك التصريحات من قبل قيادات فتح والسلطة بدعوى "عدم السماح بالانجرار للفوضى، ومنع استغلال الشباب لأغراض حزبية، وعدم السماح لأي فعاليات غير مرخصة". كما برز في الآونة الأخيرة حراك إعلامي فتحاوي من قيادات الصف الثاني يستهدف البلبلة وإثارة قضايا ومعلومات وقصص مفبركة من شأنها الطعن في المقاومة والتشكيك في كتائب القسام والإساءة لحركة حماس. وبدأت بعض الأصوات الإعلامية التي كانت تمارس التحريض ضد المقاومة تستعيد صوتها وأخذت تنشر قصصاً وروايات مفبركة تهدف للنيل من رموز حركة حماس وعناصرها في الضفة الغربية بهدف الطعن من مصداقية المقاومة. وذهبت بعض الواجهات الإعلامية لحركة فتح إلى حد التشهير بشخصيات وطنية معروفة، وقامت الحركة بتوزيع بيانات مدسوسة باسم حركة حماس تنال فيها من قادة الحركة وناشطيها خاصة في محافظة قلقيلية. [title]اجتماع سريّ[/title] في السياق، كشفت مصادر في حركة فتح عن اجتماع عقد في مقر المقاطعة قبل عدة أيام، بين الرئيس محمود عباس وقيادات فتحاوية من مختلف الأقاليم، وناطقين باسم الحركة، وأعضاء لجان التعبئة والتوجيه. وقالت المصادر إن الرئيس عباس أصدر تعليماته للقيادات الفتحاوية بالبدء بتشويه إنجازات المقاومة وتبخيس إنجازات حركة حماس العسكرية، في المقابل نفي حديث الشارع عن غياب كتائب شهداء عن المعركة. كما طالب عباس بحسب المصادر بالعمل الإعلامي على الإساءة لحركة حماس، من قبيل سرقة المساعدات التي قدمت من الضفة لغزة، والقيام ببيعها لصالح تمويل كتائب القسام. [title]تصعيد على الأرض[/title] فقد شهدت مدن الضفة الجمعة المنصرمة، اعتراض الأجهزة الأمنية للمسيرات الجماهيرية التي دعت لها حركة حماس والقوى الوطنية والإسلامية، وهو ما أثار استهجان الشارع في منع الحراك المتضامن مع المقاومة، حيث اعتقلت عددًا من المتظاهرين المؤيدين للمقاومة في غزة. كما صادرت الأجهزة الأمنية رايات حركة حماس التي حملها المشاركون بالمسيرة، فيما حاولت منع المظاهرات من الوصول لمناطق التماس للاشتباك مع قوات الاحتلال. في ذات السياق، لوحظ تراجع فتحاوي كبير عن المشاركة في تنظيم المسيرات والمظاهرات المؤيدة للقطاع والاكتفاء بحضور رمزي في الفعاليات العامة التي تدعو لها القوى الوطنية والإسلامية. كما سُجل تجدد الاستدعاءات السياسية من قبل الأجهزة الأمنية، حيث سُجلت عدة حالات في طولكرم ونابلس وقلقيلية ورام الله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.