12.23°القدس
11.99°رام الله
11.08°الخليل
14.71°غزة
12.23° القدس
رام الله11.99°
الخليل11.08°
غزة14.71°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: دعاية انتخابية مبكرة، باردة وإقصائية!

كما كان متوقعا؛ فقد استبقت حركة فتح تطبيق بنود اتفاق المصالحة الذي لم يرَ النور حتى الآن، وقفزت على جميع الملفات العالقة في المسافة الفاصلة ما بين اللقاء للحوار وبين الوصول لمحطة الانتخابات، تجاوزت كلّ ذلك وبدت متحمّسة للانتخابات القادمة الرئاسية والتشريعية، بل ومتأكدة من فوزها! بل ورأينا رمزاً مطروداً ومفصولاً من طراز (محمد دحلان) يعلن بملء فيه نيته الترشح للانتخابات ضمن قوائم حركة فتح الرسمية، نافياً اعتزامه خوضها عبر تيار جديد، فتحاوياً كان أم مستقلا. وتصريحات الرجل لا تبدو مستغربة، حتى مع علمنا بالمستوى الحادّ من الخلاف الذي جرى بين دحلان وخصومه في قيادة الحركة والتي انتهت بفصله بعد توجيه اتهامات خطيرة له ولدوره على مرّ السنوات السابقة. لكنّ التموضع في مكان لا مفرّ منه من منافسة حماس عبر جولة انتخابية جديدة سيكون كفيلاً بإرغام فتح على إعادة حبال الوصال بينها وبين دحلان لعدة أسباب، أهمها أنها ترى فيه عاملاً قادراً على توحيد غالبية قطاعات الحركة في مواجهة حماس، وعلى تجميع أواصر الحركة وعقدها التنظيمي المنفرط وشعبيتها المتراجعة، ولأنها تدرك أنه يستند إلى منظومة إعلامية تتبنى خطاباً حاداً وسافراً في مواجهة حماس، والأهم من هذا أن مهاراته في الكذب والتلوّن والتخلص من المآزق الأخلاقية والوطنية عالية، وترى فيها الحركة ضمانة للتعمية على أخطائها ولرمي كرة التوتر في ملعب حماس، وإمكانية التأثير سلباً على قناعات مناصريها. وهذا ينقلنا إلى مساحة طريفة أخرى لتلك الدعاية الانتخابية المبكّرة، وهي تلك التي يبتدعها مهرّجون ملحقون بالمفوضية الإعلامية التي كان يقوم عليها دحلان، وهؤلاء لديهم إشكالية مزمنة ومستعصية مع الصدق ومع الرؤية خارج حدود الذات المتداعية، ولذلك وجدناهم يُستَدعون ليحتلوا بعض الواجهات الإعلامية مجدداً ويبدؤوا بممارسة طقوس التهريج التي خبرناها جيدا، وإحدى دعائم هذا التهريج الدعائي لمسناه في هجوم لأحدهم على كاتب مستقل لمجرّد أن الأخير قرأ صعود الإسلاميين في المنطقة على نحو منصف وموضوعي بعيداً عن الصفاقة التي ينتهجها (مثقفو) اليسار والعلمانية ممن يقرؤون التغيّرات على وقع عواطفهم المحتقنة لا عقولهم الواعية. وعلى العموم، فقد بدأت ملامح الدعاية الانتخابية لحركة فتح تتجلى بشكل يعين على فهم واستشراف الأساس الذي سترتكز إليه حين يُصار إلى التوافق الفعلي على موعد للانتخابات، وهو أساس لن يتجاوز خطاب التدليس والافتراء والأكاذيب الموهومة، مع نفَسٍ إقصائي وعدائيّ واضح، ليس لحماس كحركة منافسة وحسب، بل ولكل من سيفكّر في إنصافها أو قراءة تجربتها بموضوعية على وقع جولة الانتخابات القادمة. بعيداً عن الإمكانية العملية من عدمها لإجراء انتخابات بعد خمسة أشهر، وهو أمر يحتاج لتفصيل طويل، إلا أنه من المهمّ أن نذكّر فريق المهرّجين المطمئنين إلى مهاراتهم في الكذب إلى حدّ الهلوسة، بأنهم لن يبتكروا جديدا، بل سيكونون نسخاً مكررة ورديئة عن نظرائهم العلمانيين في العالم العربي، ممن لم تفلح دعاياتهم الإعلامية البائسة في تحجيم الحقيقة وفقاً لأحلامهم أو إرغام العامة على رؤيتها بعيونهم، وكانت صناديق الاقتراع مقبرة أحلامهم والمختبر الحقيقي لجدوى خطابهم، فما بالك مع مشروع يستند إلى سلطة شُطبت من وعي الشعب وفقدت احترامها لذاتها قبل أي شيء آخر؟ ولذلك ننصح المراهنين على انتخابات تصنع نتائجها الأكاذيب بأن يعيدوا حساباتهم المغترة بذاتها، لن الشعب الفلسطيني الذي كان متقدّماً على بقية الشعوب في ثورته ثم في ممارسته الانتخابية، لن يعود للتأخر عنها، ولا لأن يشذّ عن مرحلة جديدة أفرزت واقعها قبضات الثوار المتينة وبصيرتهم الواعية! وأختم باقتباس فقرة ثريّة من فكر الدكتور عزمي بشارة، إذ يقول: "ثقافتان: ثقافة تتعدد فيها الحجج والأدلة بحسب تعدد وجهات النظر والخلافات أو تزيد عليها لأن لكل وجهة نظر أكثر من محاولة في المحاججة والاثبات، وثقافة أخرى تتعدد فيها الأكاذيب والشائعات بموجب الخلافات والخصومات أو تزيد عليها، لأنها تجتر وتعلك وتزداد تشويها وابتعادا عن الحقيقة مع كل تكرار. والثقافتان قائمتان بنسب مختلفة في المجتمعات والقوى السياسية، والبلاء حين تهيمن الثقافة الثانية عند طرف يشعر أن موقفه ضعيف الى درجة الاعتماد الكلي على الكذب والشائعات والتشهير، أو حين يصاب بغطرسة القوة الى درجة قمع الرأي الآخر".