كثر الحديث بعد لقاء رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل مع رئيس حركة فتح محمود عباس حول توافق الرجلين حول إعطاء أولوية في هذه المرحلة للمقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي وضرورة مشاركة الكل الفلسطيني في هذه المقاومة مع وقف مؤقت للمقاومة المسلحة والتي تعد شكل من أشكال المقاومة الشعبية، لأن مقاومتنا للاحتلال هي مقاومة شعبية. وما يتخلل إلى ذهني أن فهم الرجلين للمقاومة الشعبية مختلف، لأن المقاومة الشعبية التي يقصدها عباس هي المقاومة المدنية، والمقاومة المدنية تعني مواجهة قوات الاحتلال بالمظاهرات والهتافات ورفع العلم الفلسطيني، وكأن الاحتلال الإسرائيلي بمثل هذه الأفعال يمكن له أن يستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني وأقلها إزالة الجدار، ومن وجهة نظر عباس ودعاة اقتصار مقاومة الشعب الفلسطيني على المقاومة المدنية سيترك آثارا سلبية على موقف إسرائيل أمام الرأي العام الدولي. المقاومة السلمية لا تصلح كأداة للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الشكل من أشكال المقاومة يصلح مع نظام عنصري كما كان في جنوب أفريقيا لأنه نظام يحكم مواطنيه ويمارس عليهم تمييزا عنصريا، فكان لا بد من مواجهته وأفضل سبل المواجهة هي المقاومة الشعبية التي قد تصل في لحظة من اللحظات إلى ذروتها في العصيان المدني بعيدا عن التخريب، أو استخدام الوسائل القتالية بأنواعها المختلفة لأن هذه الممتلكات هي لكل الشعب يجب الحفاظ عليها، وان المواطنين هم أبناء الوطن وثروته القومية، والحال كذلك ينسحب على الثورات العربية والتي شاهدنا نماذج منها في تونس وفي مصر. هذه المقاومة السلمية التي ينادي بها محمود عباس وفريقه لا تصلح في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي القائم على الإحلال أي إحلال شعب مكان شعب من خلال طرده من أرضه واغتصابها والادعاء بالأحقية فيها وإقامة كيانه مكان كيان له تاريخه وحضارته. لذلك فإن قانون التعامل مع المحتل يحتاج إلى كل أشكال المقاومة الشعبية وعلى رأسها المقاومة المسلحة، والتي تعتبر القانون الأساس في التعامل مع المحتل من اجل إنهاء الاحتلال، هذا لا يعني إغفال أهمية الأشكال الأخرى من المقاومة الشعبية لأنها جميعها أدوات تصب في خدمة الأداة الأم ألا وهي المقاومة المسلحة. لذلك كله اعتقد أن ما يحاول البعض الترويج له من أن حركة حماس تركت خيار المقاومة المسلحة وافقت على المقاومة الشعبية (السلمية) هي محاولة يائسة من قبل هذا الذين يحاولون جاهدين ترسيخ مقولة أن حماس تسير في نفس الخطوات التي كانت عليها فتح وهي أخذه بالتحول لحمل مشروع فتح القائم على الاعتراف بإسرائيل مستندين على فهمهم الخاص لقبول حماس مبدأ الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 كحل مرحلة مقابل هدنة ودون الاعتراف بإسرائيل, وهم يحاولون حرف الفكرة عن سياقها العام وفق مفهوم ( ولا تقربوا الصلاة) دون إكمالا للفكرة والمشروع، ويعتبروا ما بعد القبول بالدولة على حدود 67 هو كنوع من الشعارات والتكتيكات وليس نهجا استراتيجيا قائما على حقوق وثوابت راسخة للشعب الفلسطيني. لذلك خيار المقاومة المسلحة هو أداة من أدوات المقاومة الشعبية وهو يتناقض مع مفهوم المقاومة المدنية التي لا تصلح لنا كشعب فلسطيني محتل مطرود من أرضه مسلوب من حقوقه، وأن طريقنا نحو التحرير والخلاص لا يتم إلا عبر المقاومة المسلحة والتي انتهجتها كل الشعوب التي احتلت على مدار التاريخ، والأمثلة كثيرة التي تثبت ما نقول، ولا يوجد مثال واحد في هذا الكون يقول أن المقاومة المدنية بمفهوم (أبو مازن) طردت محتل كالاحتلال الإسرائيلي وحررت أرضا كالأرض الفلسطينية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.