لن يستغرب أحد ممن يتابع الشأن الفلسطيني بدقة مما يحدث على الساحة الغزية من تطورات متلاحقة ،وتصعيد متصاعد ، فالمشهد الحاصل تكرر خلال الفترات القصيرة الماضية مرات عديدة وبأوجه وصور مختلفة . فالتهدئة التي تتوافق عليها قيادة فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، والتي يسعي لها في كل مرة الوسيط المصري ، يفاجأ العدو الجميع بخرقه لها بصورة أو بأخرى . فقطاع غزة الذي كان يشهد هدوءاً نسبياً تفاجأ بالقصف الصهيوني الغادر على سيارة مدنية وسط المدينة أدى إلى استشهاد فلسطينيين أحدهما من حماس وآخر من فتح ، مما فتح الباب على مصراعيه لتجدد التصعيد على جبهة غزة التي لا تحتاج إلى أكثر من ذلك حتى تنفجر دون توقف . ولعلي كنت من أقل الناس استعجاباً بالتصرف الصهيوني ، خصوصاً وأن لدي قناعة راسخة نابعة من فهمي عبر القرآن والسنة لطبيعة بني صهيون الغادرة التي لا تعرف معاهدة أو موثقاً على الإطلاق ، وإن حكمت الظروف على دولة الكيان الاستجابة لضغوط مصرية إلا أن الطبيعة غلبت محاولة التطبع مرات عديدة وهذه أحدها وهذا أولاً. أما ثانياً فقيادات الكيان لا تتوقف عن تهديد قطاع غزة تبحث وبشكل حثيث في هذه الأوقات عن أي نصر وهمي ، يعيد للجيش -الذي مرغ أنفه بالتراب عدة مرات كان آخرها في صفقة وفاء الأحرار- بعضاً من قوة الردع التي لم يعد لها أي وجود خاصة بعدما استطاعت المقاومة أن ترد للعدو الصاع صاعين ، وتوجه له ضربات موجعة قصمت كل نظريات الجيش الذي لا يقهر ، والمخابرات التي لا يخفى عليها أي شيء . أما ثالثاً ، فنتنياهو وحكومته تعاني أزمة داخلية تتصاعد مع الأيام ، ويزداد عدد المعارضين للسياسات التي تنتهجها الحكومة الصهيونية سواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو الاقتصادي ، مما يسبب لهم أزمة تهدد بقاءهم في الحكم ويقرب المعارضة التي تتزعمها ليفني من الانقضاض على كرسي الحكومة وهذا ما لا يتمناه ولا يريده نتنياهو وشركاؤه ، فيكون الدخول في عمل عسكري فرصة للإفلات من هذه الضغوط وغزة الخاصرة الأضعف بالنسبة للكيان . إذن فالتصعيد الصهيوني على غزة له من الأسباب الذي تبرره صهيونياً لا دخل لقطاع غزة فيها ، والأمر واقع واقع فلابد من التعامل بحكمة مع الموضوع ، وعدم الانجرار إلى ما يريد العدو ، ولتقس فصائل المقاومة الأمور بمقياس العقل والحكمة ، فإن وجدت أنه من الواجب والمصلحة الرد والتصعيد في الوقت الحالي فليكن ، وشعبنا من خلف فصائل المقاومة يمدها بكل أسباب القوة والمنعة والحماية . وإن كان غير ذلك فلينضبط الجميع ، ولنعمل سوياً من أجل حماية شعبنا وتجنيبه عدواناً صهيونياً جديداً ، ولتتوحد الجهود وترص الصفوف من أجل العمل لفضح جرائم المحتل ، وعزله عالمياً ، مع يقيننا أن النصر قريب وأن الأمة تتحول وتحول بوصلتها لتتجه إلى القدس والأقصى من أجل التحرير والتمكين .."ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.