20.01°القدس
19.89°رام الله
18.86°الخليل
25.72°غزة
20.01° القدس
رام الله19.89°
الخليل18.86°
غزة25.72°
الإثنين 08 يوليو 2024
4.73جنيه إسترليني
5.21دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.73
دينار أردني5.21
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

خبر: خزائن العقل الباطن وبدء العام الدراسي في غزة

فرحة كبيرة تلك التي اعترتني حينما عدت من جولة تسوق بصحبة أمي وأبي وأنا على مشارف السنة السادسة من عمري، تلك التي أهلتني لأكون طالباً في ذلك الفصل الجميل الذي لا زلت أذكر كثيراً من تفاصيله وأدخل عالم المدارس. لم تكن الفرحة حينها لأني ذهبت إلى السوق فحسب؛ بل لأنني عدت بأغراضي التي أصبحت مادة جميلة أعرضها على كل من زارنا في البيت، أعرضها في كل مرة وكأنني أعرضها لأول مرة، وأتحدث عن جمال حقيبتي، ولون دفاتري، وطول قلمي الرصاص، كل ذلك دون كلل أو ملل. صحيح أنني بكيت كثيراً كغيري من طلاب الصف الأول خوفاً من المرحلة الجديدة التي أقدم عليها، والمطلوب مني خلالها أن أكون أكثر جدية، وإن أمكث لوحدي في هذه المدرسة الكبيرة ذات الصفوف الكثيرة التي تختلف كثيراً عن روضتي الصغيرة وقتاً اطول. مشاهد كثيرة تلك التي تظهر في عقلي وقلبي كخيال غير مكتمل المعالم لمدرستي الجميلة على بساطتها، فالصفوف جميعها كانت مغطاة بـ(الزينكو) أو (الاسبست) لا أذكر بالتحديد، لكنها بكل تأكيد لم تكن مجهزة من الباطون المسلح عدا فصلين دراسيين كان صفي الأول "أ" أحدهما. كانت الساحة كبيرة وبها ملعبين كبيرين أحدهما رملي لكرة القدم والآخر أرضيته من الباطون لكرة السلة والطائرة، ولنا فيهما ذكريات كثيرة، لعب فيهما كثيرون، بعضهم الآن يلعب في منتخبات وطنية تمثل اسم فلسطين. لا أذكر أن مدرستي تلك تعرضت للقصف أو التدمير، أو أصبحت مركزاً لإيواء المشردين جراء هدم منازلهم، ولا أذكر أن عائلة قصفت داخل المدرسة التي هربت إليها خوفاً من البارود وحمم القذائف. لا أذكر أن زميلاً لي خرج من مدرسة مخصصة لنومه ومعيشته لمدرسة أخرى هي مكان دراسته وبيته الثاني، فأصبحت مدارس الوكالة بالنسبة له بيته الأول والثاني، لا بل أصبحت تعرف كل تفاصيل حياته لحظة بلحظة. لا أذكر أن زميلاً لي أصبح وأمسى يلبس زي المدرسة ولا يخلعه، نظراً لأنه لا يملك سواه من ملابس تستر جسده النحيل جراء اندثار كل ملابسه وأغراضه تحت ركام منزلهم المدمر بفعل صواريخ زنتها أكثر من 1000 كيلو جرام أطلقتها طائرة حربية لا تعرف للرحمة دليلاً أو سبيلاً. لا أذكر أننا مكثنا أسابيع دون بدء الدراسة وتوزيع الكتب أو حتى مراجعة واستذكار بعض المواد الهامة، بسبب حاجتنا لعمليات التفريغ النفسي جراء "عدوان صهيوني" غاشم، رغم أن إجرام الاحتلال كان موجوداً لكن بصراحة لم يكن بالحجم الذي هو عليه الآن. لا أذكر أن موعد الدراسة الذي كان يدون على شهادة نهاية العام الدراسي قد تم تغييره وتأخيره لأسابيع حتى ينتهي العدوان وتصمت أصوات القذائف والصواريخ التي ظلت تنهمر أشد من المطر على مدار 51 يوماً. لكنني لا زلت أذكر أنني وكثيرون من بني جيلي رضعنا حب الوطن مع حليب أمهاتنا، فخرج من بيننا من يحمل الصاروخ والمدفع والرشاش ويخوض البحر ويحفر من تحت الأرض يقاوم جنود الاحتلال الذين زعموا أنهم من جيش لا يقهر، فقهروه وأذلوه وأوقعوه بين قتيل وجريح وأسير. وأزعم أن موعداً قريباً سيصنع فيه بنو جيلي نصراً عزيزاً وتحريراً قريباً لأرض سلبت، وسيتمكنون من الثأر لطفل وشيخ وامرأة قتلوا دون ذنب سوى أنهم يحملون اسم فلسطين ويرفضون بيعه بالمال والمغريات وحياة مترفة دون كرامة. [b] "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً" [/b]