"بهم البلادُ جبينها مرفوعُ" .. إنهم طواقم الدفاع المدني الفلسطيني "أبطالٌ" أخمدوا نار العدوان الأخير على غزة واجتازوا رغم المخاطر درب الردى، ووقفوا في وجه الصعاب كالصخرة الشماء. بشعارهم الخالد "قوة .. عزيمة .. تحدي" واجه حماة "الجبهة الداخلية" العدوان ونفذوا بإمكانياتهم الضعيفة ومعداتهم المتهالكة المهام الملقاة على عاتقهم على أكمل وجه. لم ينل بطش الاحتلال وعدوانه الغاشم على مدار سبعة أسابيع من عزائم طواقم "الإطفاء والانقاذ الإسعاف" ، فقد عملت على مدار الساعة لنجدة المواطنين المدنيين التي انهالت القذائف والقنابل والصواريخ على منازلهم طيلة 51 يوماً من الغارات والقصف الهمجي. [title]خطة طوارئ[/title] وأكد العميد د. سعيد السعودي مدير عام مديرية الدفاع المدني في غزة أن طواقمهم تلقت توجيهات من قيادة الداخلية بضرورة إعداد خطة طوارئ تحسباً لأي طارئ، مشيراً إلى أن المديرية تعكف سنوياً على تجهيز خطة للعمل في أوقات الطوارئ. وقال السعودي في حديث خاص لـ"الرأي" : "عملنا وفق خطة طوارئ متكاملة منذ اليوم الأول للعدوان الذي كان أكبر بكثير من الخطة الموضوعة مما أدى للدخول في مراحل مختلفة منها". ولفت إلى أن الدفاع المدني أخلى منذ اليوم الأول للعدوان كافة مقاره في قطاع غزة بالكامل ونشر جميع عناصره في أماكن آمنة وحيوية وعامة، مضيفاً "استدعينا جميع العاملين في طواقم الإطفاء والإنقاذ والإسعاف للعمل وفق حالة الطوارئ وبنظام جداول وشفتات .. كان عمل طواقمنا خلال العدان انسيابي ولم تحدث أي إشكاليات". [title]معدات متهالكة[/title] وفي هذا السياق، أوضح العميد السعودي أن الدفاع المدني أجرى قبل العدوان الأخير صيانة كاملة لكافة معداته، واصفاً تلك المعدات بالقديمة والمتهالكة. ونوه إلى أن ورشة الصيانة التابعة للجهاز عملت على مدار الساعة خلال الحرب على إصلاح وصيانة السيارات المتضررة جزئياً رغم استهداف الاحتلال للمراكز والمقرات، مبيناً أن هذا الدور عززَّ إمكانيات الدفاع المدني حتى لا تتوقف عن العمل. وبيَّن أن سيارات الدفاع المدني الحالية "قديمة ومتهالكة" لكن الجهاز استطاع خلال السنوات السبعة السابقة إصلاح القديم منها لتعمل بشكل جيد. واستطرد يقول : "عملت ورشة الصيانة على تغيير كثير من القطع القديمة واستبدالها بأحدث وكان لدولة قطر الشقيقة موقفاً مشرفاً عبر دعمنا ومساندتنا في إصلاح تلك المركبات". وأثنى العميد السعودي على جهود وزير الداخلية السابق أ. فتحي حماد ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء صلاح الدين أبو شرخ، كما أشاد بالدور الذي بذلته مديرية الإمداد والتجهيز بالوزارة من خلال تجديد وإصلاح المركبات لتعود للعمل مجدداً. ويعاني الدفاع المدني كما غزة حصاراً مطبقاً منذ صيف عام 2007م، ويمنع الاحتلال إدخال أي معدات ومركبات جديدة للجهاز في ظل إغلاق متواصل لمعابر القطاع ومنافذها الحدودية. وفي هذا الصدد، ناشد مدير الدفاع المدني في غزة رئيس حكومة الوفاق وزير الداخلية د. رامي الحمد الله بالوقوف عند واجباته ودعم الجهاز بسيارات جديدة. ودعا السعودي الحمد الله لتقديم مساعدات مالية عاجلة للدفاع المدني لإعادة ترميم وصيانة سيارات الجهاز المتهالكة بعد الحرب، معرباً عن أمله أن تلقى هذه المناشدات آذاناً صاغية من قيادة الحكومة في رام الله. [title]معتركات صعبة[/title] وعملت قيادة الدفاع المدني ومدراء محافظات القطاع خلال العدوان جنباً إلى جنب مع الطواقم والعناصر في الميدان. وعدَّ السعودي تواجد قيادة الجهاز في الميدان طيلة أيام العدوان "سمة إيجابية"، قائلاً "طواقمنا عملت أمام معتركات صعبة واجهناها بصلابة وعزيمة قوية". ونبه السعودي إلى أن الاحتلال كان يستهدف أكثر من مكان في وقت واحد بهدف تشتيت جهود طواقم الإطفاء والإسعاف والانقاذ في عملهم الإنساني لإغاثة الجرحى والمتضررين. وقدم الدفاع المدني في العدوان الأخير 9 شهداء وأكثر من 80 جريحاً، وتدمرت سيارتي إسعاف بشكل كامل بالإضافة إلى تضرر سيارة نقل سريع وعشر سيارات بشكل جزئي. [title]عمل 5 سنوات[/title] وخلال العدوان الأخير بلغت المهام التي نفذتها طواقم الدفاع المدني أكثر من 4900 مهمة طيلة سبعة أسابيع يوماً من القصف والغارات. وأوضح العميد السعودي أن هذه المهام تُمثل ما مجموعه خمس سنوات من العمل، منبهاً إلى أن طواقم الجهاز عملت رغم ضعف ونقص في الإمكانيات. وأردف يقول "اعتمدنا على الكادر البشري الجدير بالاحترام والتقدير فكان كل منه بطلاً في مكانه وقائداً في ميدان العمل". وأكد أن الدفاع المدني وصل لهذا النجاح من العمل لكن للأسف لم يجد أحداً يقف ويساند ويدعم "أبطاله وفرسانه" بعد أن وضعت الحرب أوزارها. "لا رواتب والوضع المادي لكافة طواقمنا كما موظفي الحكومة في غزة صعب للغاية وعناصرنا بحاجة لدعم نفسي بعد مشاهد الحرب المؤلمة" .. يقول العميد السعودي. [title]دعم نفسي[/title] وفي هذا الصدد، كشف السعودي النقاب عن نية الدفاع المدني تنفيذ مشروع "دعم نفسي" لطواقمه التي عملت خلال الميدان، مشيراً إلى أن الجهاز قدَّم خطة المشروع للمؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان في قطاع غزة لدعمه. وأعرب عن أمله في نجاح مشروع "الدعم النفسي"، مطالباً في ذات السياق كافة المؤسسات بتقديم مساعدات عاجلة لطواقم الدفاع المدني التي عملت طيلة أيام العدوان. واستعرض السعودي آليات تنفيذ المشروع، لافتاً إلى أن سيبحث عن الأوضاع الاجتماعية والنفسية لطواقم الدفاع المدني في ظل أزمة الرواتب المستمرة، بالإضافة إلى تنفيذ برامج ترفيهية ورياضية للتخفيف عنهم وتأهيلهم نفسياً. [title]مواثيق دولية[/title] إلى ذلك، نددَّ مدير الدفاع المدني باستهداف الاحتلال خلال العدوان لطواقم الإسعاف والإطفاء والإنقاذ، منبهاً إلى أن طواقم الدفاع المدني كباقي مؤسسات تقديم الخدمة الإنسانية تحظى "بالحماية الدولية" حسب الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعمول بها في العالم بأسره. واستدرك يقول "لكن الاحتلال لا يحترم هذه المواثيق واعتدى على الطواقم الطبية والخدماتية والاغاثية ولم يستثني قصفه المساجد والكنائس ودور العبادة والمدارس ومراكز إيواء النازحين والمتضررين". وذكر أن الدفاع المدني تواصل مع المنظمات الدولية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان ومركز الميزان وغيرها للتوصل لعمل مشترك يُظهر بشاعة وتطرف الاحتلال ضد أبناء شعبنا وطواقم تقديم الخدمات الإنسانية. وزاد في حديثه "نحن لا نستطيع لوحدنا أن نقوم برفع شكاوى ضد الاحتلال لكن هناك جهات حقوقية مختصة ستعمل على رفع كل الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الاحتلال ووضعها أمام المجالس الأممية والمؤسسات والمنظمات المعنية". [title]جاهزية كاملة[/title] وفي ختام حديثه لـ"الرأي" أكد العميد السعودي أن طواقم الدفاع المدني على استعداد دائم وجاهزية كاملة لأي طارئ سواء كان اعتداء صهيوني جديد أو منخفض جوي خلال فصل الشتاء الذي بات على الأبواب. وطمأن أبناء شعبنا في قطاع غزة بأن الدفاع المدني بخير، متعهداً بأن تبقى طواقم الجهاز خدماً لشعبنا بكافة أطيافه وسنداً للمجتمع، مشيراً إلى أن الجهاز يختلف عن باقي المؤسسات الحكومية "فلا يوجد في أجندتنا أي راحة في العمل ونخرج من حدث إلى حدث أكبر منه بعزيمة أقوى". ومضى يقول "رغم الأوضاع الحالية إلا أننا متفائلون بالغد القريب ما دامت مقاومتنا وأجهزتنا الأمنية بخير وشعبنا العظيم بخير".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.