لم تخجل الحكومة القطرية من نفسها في ظل الربيع العربي وحالة التغيير السائدة وعرضت خارطة فلسطين في دورة الألعاب العربية مقتصرة على الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل سافر وتحدي مقيت لمشاعر الملايين من العرب والمسلمين الذين لازالوا يؤمنون بأن فلسطين من بحرها إلى نهرها ومن رأس الناقورة شمالا إلى أم الرشراش (ايلات) جنوبا هي حدود فلسطين ناهيك عن مشاعر الملايين من الشعب الفلسطيني. هذا العرض لفلسطين واقتصارها على الضفة الغربية وقطاع غزة يشكل طعنة وخيانة لدماء الشهداء الذين ضحوا ورووا أرض فلسطين بدمائهم دفاعا عنها وهو تنكر لعذابات الملايين من اللاجئين الذين لازالوا ينتظرون يوم العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها منذ أكثر من ستين عاما ثم يأتي جاهل بالسياسة التاريخ والأخلاق ليشطب هذا الحق التاريخي والديني لمجرد إرضاء أعداء الشعب الفلسطيني وتساوقا مع نهج المفرطين الساقطين من بعض الفلسطينيين المدعين زورا وبهتانا تمثيلهم للشعب الفلسطيني لان من يفرط بفلسطين لا يجوز له الادعاء بالتمثيل أو الشرعية ، لان من يتنازل عن شبر من فلسطين يتنازل عن شرعية التمثيل. ما أقدمت عليه الحكومة القطرية هو طعنه مجرمة بحق الشعب الفلسطيني واعترافا صريح بأن ما تبقى من فلسطين هو حق للغاصبين من بني صهيون وهو اعتراف صريح (بإسرائيل) من قبل دولة قطر الأمر الذي بات يشكل خطرا على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني التي لن تسقط لا بالتقادم ولا بسياسة الأمر الواقع التي أوجدت هذا الكيان المسخ المتجه نحو الزوال، كما أن هذا الموقف القطري المخزي لن يقر باطلا وسيكون وصمة عار في جبين الحكومة القطرية مهما فعلت وقدمت من مواقف سياسية أو دعما مالي للشعب الفلسطيني، فهذه المواقف وهذا الدعم لن يكون رشوة للصمت عليها وعدم استنكار فعلتها. على الحكومة القطرية أن تسارع نحو تصحيح الخطأ الذي ارتكب بحق فلسطين أرضا وإنسانا وتاريخا وجغرافية، وهو خطأ مقصود وليس عفوي وهذا ما شكل الجريمة وزاد من جرمها وإلا ستواجه قطر عقابا لن تمحوه كل ملايين الدولارات التي تملكها، فالربيع العربي قادم كالريح المرسلة التي ستقتلع كل باطل وتزيل كل ظالم وتعيد تركيب المنطقة وفق قواعد الحق والعدل. المؤسف أن الإعلام العربي والفلسطيني مع الأسف لم يشر إلى هذه الجريمة التي ارتكبتها الحكومة القطرية وكأن لسان حاله يقول الدنيا مصالح، فالإعلام وقف من هذا العرض المخزي والتزوير الفاضح للتاريخ والجغرافية إما متناسيا أو ناشرا على استحياء للخبر في صفحاته المهملة ( ما قبل الأخيرة ) بإهمال مقصود بدلا من التصدي لهذه السياسة وهذه الثقافة المرفوضة، فبدلا من أن يصدح بالحق مجلجلا يتوارى خجلا من إعطاء الموقف حقه وتبيان الرفض القاطع له. هذه القضية يجب أن لا يسكت عليها وأن يفتضح أمر متخذ هذا القرار مهما كان وفي أي مستوى سياسي، فأقل ما يقدمه الإعلام هو رفض هذه السياسية والعمل على تحشيد الرأي العام ضدها وخلق رأي عام مساند ومدافع عن الحق التاريخي والديني في فلسطين للشعب الفلسطيني وللأمة الإسلامية بدلا من الصمت المخزي عن هذا المنطق المعوج والزائف والمناقض للحق ومخالف للحقيقة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.