كانت الحدود الشرقية لقطاع غزة على امتدادها ميدان المواجهة الحية مع الاحتلال الإسرائيلي أكثر المناطق تدميراً وقتلاً لمعاني الحياة، كونها خط الدفاع الأول عن القطاع , وكأغلب مدن القطاع شهدت مدينة رفح خصوصاً المناطق الشرقية منها دمارًا كبيرًا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. منطقة "الشوكة" شرق رفح تكبدت الكثير من الخسائر والأضرار على صعيد بلديتها والخدمات التي تقدمها, وكذلك على صعيد المواطنين أرواحهم وبيوتهم ومزارعهم وأراضيهم وممتلكاتهم حتى غدت منطقة منكوبة في كل مناحي الحياة. هذا التقرير الذي أعده مراسل "[color=red]فلسطين الآن[/color]" خلال حواره مع رئيس بلدية الشوكة الأستاذ منصور بريك يسلط الضوء على حجم الدمار الذي لحق بمنطقة الشوكة وبلديتها. [title]بلدية مدمّرة بمرافقها[/title] وخلال حديثه عن البلدية، أوضح بريك أن الاحتلال الإسرائيلي قصف بشكل مباشر مبنى البلدية مما أدى إلى تدمير وحرق كل محتوياتها من ملفات ومكاتب وكهرباء, مضيفاً أنه قصف مخازن البلدية التي تحتوي أدوات الصيانة وكذلك الورشة التي تضم كل آليات البلدية وسياراتها بالإضافة أنه دمّر السوق الشعبي والذي كان من المقرر افتتاحه في عيد الأضحى. وبين بريك أن معظم القذائف التي استهدفت الشوارع دمّرت شبكات المياه الرئيسية والفرعية, مشيراً أن ذلك سبّب مشكلة في أول يوم في التهدئة في ضخ المياه للمواطنين عندما عادوا إلى منازلهم, واعتبر أن كل ذلك كان يستهدف صمود المواطنين وثباتهم في أرضهم. وقصف الاحتلال شوارع حديثة الافتتاح في بداية عام 2014 , واصفاً إياه بالقصف العشوائي التخريبي الذي يدلل على فلس بنك المعلومات والأهداف. ويقطن شرق مدينة رفح الجنوبية حوالي 17 ألف نسمة على مساحة 22 ألف دونم في بلدية الشوكة التي تحدها من الجنوب الحدود المصرية ومن الغرب شارع صلاح الدين الذي يفصلها عن بلدية رفح ومن الشمال طريق صوفا التي تفصلها عن بلدية الفخاري ومن الشرق الخط الزائل. [title]قتل لكافة معاني الحياة[/title] 48 شهيداً وعدد كبير من الإصابات وأكثر من 1275 منزلاً متضرراً منها 675 منزلاً هدم كلي وهدم جزئي غير قابل للسكن, وعدد من الأسرى الذين أطلق سراحهم، منهم 2 من أعضاء المجلس البلدي , وتدمير قرابة 3 آلاف خزان مياه منزلي, كما أفاد رئيس البلدية. حوالي ثلث منطقة الشوكة في دمار كما أوضح بريك, فحوالي 8000 دونم أرض تم تدميرها إما بتجريفها وتحويلها بشكل كامل لمخابئ للدبابات أو تدميرها من خلال حركة الآليات والدبابات في الأراضي. في هذه المنطقة الريفية الزراعية التي يعتمد معظم سكانها على الزراعة وتشتهر باللوزيات والخضراوات والحمضيات والعنب وفيها أكثر من 265 دفيئة زراعية, أشار بريك أن الاحتلال استهدف كل خزانات وآبار المياه الزراعية التي تعتبر شريان الحياة الوحيد لمئات الدونمات الزراعية, وقال:" كل ذلك في محاولة لقتل كل أسباب الحياة, ظنا منهم أن الحياة تتوقف". وعلى صعيد الثروة الحيوانية أوضح أنه تم تدمير مزارع للدواجن بشكل كامل وأن هناك كثيرأً منها ماتت بسبب نفاذ المياه والطعام , متحدثاً أن أحد ملّاكها تكبد خسائر بقيمة 37 ألف شيكل, وأن كثيراً من الأغنام والمواشي التي لم تمت من القصف ماتت بسبب الجوع والعطش. واعتبر بريك أن حجم الأضرار في الشوكة كبير جدا يعود لأنها منطقة حدودية, وكونها منطقة جديدة كان فيها طفرة عمرانية قبل عام 2006م , وأشار أن الأحداث والحروب جاءت لتدمر هذه النهضة لأن الاحتلال يسعى لتصحر المناطق الحدودية خاصة بعد خطف الجندي "شاليط " حيث جرف مساحة 1.5 كيلو متر على طول تلك الحدود. وقال: "كان من أولوياتنا كبلدية أن نعزز صمود سكان هذه المناطق وكذلك نشجع التوسع العمراني اتجاه الشرق". [title]بلدية صامدة رغم الدمار[/title] "رغم كل الدمار وخلال أقل من أسبوع بعد التهدئة بدأت الحياة تعود وبدأ الناس تلملم جراحها, وأنهينا 95% من صيانة شبكة مياه, وكل الأحياء المربوطة على شبكة البلدية أعيد لها المياه وعدنا لجدول المياه كما قبل الحرب", هكذا تحدث بريك. وأضاف: "ما زالت البلدية تقدم خدمة النظافة والمياه وتنظيم الأحياء والشوارع, وربط المنطقة بباقي الوزراء, والبلدية تراسل باسم المواطن كافة الوزارات" وتابع قائلاً:"البلدية كمؤسسة قائمة في الشوكة أوجدت تكاملاً في العمل, وكل ذلك يصب في دعم صمود الناس وتثبيتهم ولا بد أن تظل الشوكة حاضنة وداعمة لمشروع المقاومة". واعتبر رئيس بلدية الشوكة أنها من أكثر المناطق المتضررة في محافظة رفح لأنها خط دفاع أول عن المحافظة ومنطقة مواجهات, ومنها نفذت عملية الوهم المتبدد البطولية والتي كانت سببا في إطلاق سراح الأسرى في صفقة وفاء الأحرار. وتحتل رفح موقعاً جغرافياً متميزاً لأنها تشرف على 3 معابر رئيسية, معبر رفح البري ومعبر كرم أبو سالم ومعبر صوفا, وفيها مطار غزة الدولي الذي دمرته آلة الحرب الإسرائيلية خلال السنوات الماضية. [title]واقع وآمال ومطالبات[/title] وفي سياق آخر أفاد بريك أن الـ UNDP تكفلت بحصر أضرار المواطنين وتكفلت وكالة الغوث بحصر أضرار اللاجئين بالاتفاق مع وزارة الأشغال, مشيراً أنه من خلال لقاءات البلدية مع الوكالة وعدت الأخيرة بصرف أموال للمتضررين وكذلك بصرف بدل أجار لأصحاب البيوت المدمرة بداية الأسبوع القادم. واعتبر أن أكبر معوق للمواطن هو البطء في حصر الأضرار وذلك مرتبط بأمور سياسية, مشيراً أن "الشوكة اليوم تدفع ثمن تعليمي وصحي, التعليم بسبب وجود مدرسة للإيواء, وهذا سببه تأجيل الحصر, ولو تم الحصر لأعطوا لمن يستحق بدل آجار". وتابع: "المواطن غير مرتاح لأن التهدئة ضبابية, وإعادة إعمار المطار هو حياة للشوكة". وأضاف: "المواطن المزارع ينتظر من الوزارة أن تصلح أراضيهم في حكومة التوافق, ونحن نحتاج أن ينزلوا على ميدان العمل , وكنا نتوقع من الحكومة أن تكون أكثر جدية في معالجة هموم الناس أكثر من الحديث عنها ووصفها", وطالب حكومة الوفاق بتحمّل مسئولياته خصوصاً وزارتي الزراعة والأشغال. كما وطالب بريك الجهات المانحة أن تعتبر الشوكة منطقة منكوبة وتوفر الدعم اللازم للمشاريع الملحة والضرورية, معتبراً أن أهم أولويات البلدية هي إعادة ترميم المبنى وتوفير آليات للبلدية ودعم المياه والصرف الصحي بالإضافة إلى توفير كميات وقود لتشغيل الآبار بسبب مشكلة الكهرباء. ورفض بريك توفير "كرافانات" كحل مؤقت لأصحاب البيوت المهدمة, وقال: "نحن نرفض هذا الحل بناءً على تجربة , والمال الذي دفع فيها لو أعطي لصاحب البيت لكان أفضل" , وأضاف:"المفترض أن يتم التكفل بإعادة إعمار البيوت". وأكد بريك أن أهم أولويات البلدية تأمين الخدمات الأساسية بالحد الأدنى, وقال:" أهم أولوياتنا المحافظة على مستوى الخدمات الموجود وعدم التوقف بتاتا تحت أي ظرف من الظروف". وتقدم رئيس البلدية بالشكر الجزيل لكل الجهات المانحة التي دعمت الشوكة, كما وشكر بلدية رفح التي منحت سيارة نظافة للشوكة حيث تؤدي لحل 50% من الأزمة, وبعض المؤسسات قدمت آليات لفترة محدود, وختم حديثه قائلاً:"نشكر كل أبناء الشعب الذين احتضنوا المقاومة ولم ينكسروا أمام المحتل وأعادوا الحياة للشوكة". [title]شاهد صور دمار بلدة الشوكة[/title] [url=http://paltimes.net/gallery/showalbum/70910/%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%88%D9%83%D8%A9-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%B1%D9%81%D8%AD.html]دمار خلال العدوان[/url]
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.