20.57°القدس
20.33°رام الله
19.42°الخليل
25.68°غزة
20.57° القدس
رام الله20.33°
الخليل19.42°
غزة25.68°
السبت 19 يوليو 2025
4.51جنيه إسترليني
4.74دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.9يورو
3.36دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.51
دينار أردني4.74
جنيه مصري0.07
يورو3.9
دولار أمريكي3.36

التحقيق يتناول أنفاق المقاومة..

خبر: تحقيق مثير لـ"هآرتس"..كيف استعدت حماس للمواجهة؟

ينشر "عاموس هرئيل" و"غيل كوهين" تحقيقا في "هآرتس" يلخص جانبا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خاصة المصاعب الكبيرة التي واجهت الجيش الإسرائيلي، في تدمير الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باتجاه "إسرائيل"، بسبب الفجوات الكبيرة في التدريب والتأهيل والمعدات. وجاء في التحقيق الموسع: "خلال الحرب سيطر الجيش على مساحة كيلومترين على أطراف المنطقة المأهولة، من شمال القطاع وحتى جنوبه، كي يدمر 32 نفقا هجوميا أشارت الأذرع الأمنية إلى مواقعها". ولكن هذه الفجوات، إلى جانب الخطط العسكرية الجزئية، التي تم تعديلها واستكمالها في اللحظة الأخيرة، أدت إلى إطالة أمد الحرب البرية أكثر مما خطط له الجهاز الأمني. لقد نجم التأخير، أيضا، عن حقيقة تخبط المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) طويلا في المصادقة على العملية ضد الأنفاق، على خلفية التحفظ في الجهاز الأمني نفسه. ومن المفارقات، أن الهجوم الجوي المسبق على فتحات الأنفاق صعّب على قوات الجيش العمل منذ توغلها البري في القطاع، لأنه أعاق العثور على مسار الأنفاق، فضلا عن أن فقد كانت القوات البرية كانت تفتقد إلى الوسائل المناسبة لتفجير الأنفاق بعد العثور عليها. يعتمد التحقيق الحالي على محادثات مع حوالي 20 مسئولا رئيسيا كانوا على علاقة بالعملية العسكرية والمصادقة عليها، ومن بينهم وزراء في المجلس الوزاري المصغر، ضباط كبار في الجيش، رجال استخبارات وضباط وجنود شاركوا في تدمير الأنفاق. عندما تبين حجم تهديد الأنفاق، تركز النقاش العام على مصاعب العثور على حل تكنولوجي يساهم في كشف الأنفاق، وحول مسألة ما الذي كانت تعرفه الاستخبارات. وتعتبر الصورة المتبلورة حاليا واسعة جدا، وتكشف فجوات في سلسلة من المجالات. ويفترض مواصلة فحص الاستعدادات ومعالجة الأنفاق بشكل أساسي من قبل لجنة الخارجية والأمن البرلمانية. [title]المشروع الاستراتيجي[/title] ويشر التحقيق إلى أن الفلسطينيين استخدموا الأنفاق لأول مرة في عملية أسر الجندي غلعاد شليط في عام 2006. وبين عملية "الرصاص المصبوب" في يناير 2009، و"عامود السحاب" في نوفمبر 2012، سرعت حركة حماس عملية حفر شبكة الأنفاق والأقبية الجوفية في شتى أنحاء القطاع، ولكنها ركزت في المرحلة الأولى على الأهداف الدفاعية. وقبل أيام قليلة من عملية "عامود السحاب"، انفجر نفق مفخخ أثناء قيام قوة من الجيش الإسرائيلي بتمشيط الجانب الغربي من السياج في وسط القطاع. وتطايرت سيارة عسكرية مدرعة في الهواء جراء قوة الانفجار، لكن الجنود كانوا قد غادروها قبل دقائق من الانفجار ولذلك لم تقع إصابات في الحادث. في ذلك الوقت عززت حماس مخططاتها العسكرية، والى جانب زيادة مخزون الصواريخ قرر محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، استثمار الجهود الخاصة لدفع مشروع الأنفاق الهجومية، التي اعتبرها مشروعا استراتيجيا. وتم حتى صيف 2014 حفر أكثر من 30 نفقا هجوميا، بتكلفة إجمالية تصل إلى مئات ملايين الدولارات. ونجحت شعبة الاستخبارات العسكرية(أمان) والأمن العام (الشاباك) بتحديد أكثر من 32 نفقا، لكنه جرت بين التنظيمين خلافات حول عدد الأنفاق التي تم حفرها تحت الأراضي المحتلة المحاذية لغزة (تمحورت التقديرات حول ما بين ثلث ونصف الرقم الشامل). خلال العام والنصف السابقين لعملية "الجرف الصامد"، كشف الجيش الإسرائيلي ثلاث فتحات للأنفاق في الجانب الشرقي من السياج، داخل المستوطنات المحاذية لغزة. وفي نوفمبر الماضي، دخلت قوة عسكرية إلى القطاع لتفجير أحد الأنفاق، فتم تفعيل عبوات ناسفة زرعت داخل النفق، ما أسفر عن إصابة ستة ضباط. وقال ضابط في سلاح الهندسة، شارك في العملية، لصحيفة "هآرتس" إن الكشف عن الأنفاق الثلاثة وفر للجيش النسب الصحيحة، "لقد تعرفنا في السابق على أنفاق للتهريب والمتفجرات، كانت ضيقة ويمكن السير فيها منحنيا فقط، لكن الأنفاق التي اكتشفناها في العام الماضي أوضحت أننا أمام شيء مختلف: لقد كانت أنفاقا واسعة، مرتبطة بمنظومات اتصال داخلي، وتم حفرها عميقا تحت الأرض وتغطية جدرانها بالباطون. وكان يمكن السير فيها بقامة منتصبة دون أي مصاعب. يضيف "في هذه المرحلة فهمنا أن المقصود ليس تهديدا تكتيكيا عينيا لقوات الجيش على امتداد السياج، وإنما جزء من شيء أخطر بكثير. لقد شاهدنا فجأة أنه تم التخطيط لعملية على عمق 300 متر داخل أراضينا". ولفت إلى أنه "عندما تدخل إلى النفق تدرك أنه لا يهدف إلى اختطاف جندي من منطقة السياج فقط، وإنما يمكن استخدامه لنقل قوات كبيرة من العدو خلال فترة زمنية قصيرة إلى الجبهة الداخلية وشن هجوم هناك". وتم في حينه بلورة مفهوم يقول إن محمد ضيف يخطط لخطوة كبيرة حين تصدر الأوامر. فقد كان يمكن استخدام الأنفاق الهجومية لشن هجمات على عدة أهداف كضربة أولية في المواجهة مع الجيش، أو لشن هجوم مفاجئ على مؤخرة الجيش بعد هجومه على غزة. وتم في حينه تركيز الجهود الاستخبارية والعسكرية لفهم مشروع الأنفاق. منذ مطلع 2013 ولاحقا، أعدت شعبة الاستخبارات العسكرية تقريرا قدمته إلى رئيس الحكومة ووزير الأمن وقادة الجهاز الأمني، شمل استعراضا لكل الأنفاق الهجومية المعروفة، والمسار المعروف لكل واحد منها. وتم تخصيص موارد كبيرة لقيادة الجنوب في الجيش الإسرائيلي لمعالجة الأنفاق. وقال أحد الضباط الذين خدموا في كتيبة غزة: "تم ممارسة الضغط علينا كي نعالج الموضوع. قالوا لنا: اعملوا كل ما يمكنكم عمله، شريطة أن تنهوا هذا الموضوع بسلام. لقد تحولت الأنفاق إلى الهدف الأول في سلم عمل الكتيبة". لكن العمل ضد الأنفاق لم يخرج بشكل كبير عن مجالات عمل القيادة الجنوبية أو الاستخبارات. ولم تحقق سلسلة الاختبارات التي أجرتها إدارة تطوير وسائل الحرب في وزارة الأمن لمنظومات تكنولوجية لكشف الأنفاق أي رد يمكنه أن يسمح بكشف فتحات الأنفاق في الجانب الإسرائيلي. كما أن السياسة التي أملتها القيادة السياسية والقيادة العامة، رفضت أي علاج هجومي للجيش في الجانب الفلسطيني من السياج. ولم تقم "إسرائيل" بقصف مسار الأنفاق التي كشفت عنها في أراضي القطاع، ولم ترسل قوات برية لتدميرها، خشية أن تؤدي خطوة كهذه إلى مواجهة عسكرية مع حماس. [title]مشاكل في التدريب[/title] ما تم فهمه في قيادة اللواء الجنوبي وكتيبة غزة وشعبة الاستخبارات، لم يتم ترجمته إلى خطوات عملية بما يكفي في بقية أقسام الجيش. لقد بدأت القيادة العامة الحديث عن الحرب الجوفية داخل الأقبية والأنفاق، منذ حرب لبنان الثانية. ولكن الجيش اكتفى عمليا، بإنشاء أنفاق ضيقة في ثلاثة مواقع تدريب في الشمال والمركز والجنوب. ولم يكن بالإمكان الانطباع منها بشكل كبير، خلال زيارة قمنا بها إلى إحداها، قبل سنة. فقد بدت كخندق حربي اعتيادي تم تغطيته بسقف، دون توفير مجال حرب معقد. لقد تم إشراك غالبية كتائب المشاة النظامية والوحدات الخاصة لفترات قصيرة، لم تنطو تقريبا على أي جوهر ملموس. وقال جنود من كتيبة دورية المشاة: "تم إنزالنا بواسطة حبل عبر فتحة إلى منطقة ظهرت كمحمية طبيعية، أو موقع عسكري لحزب الله في منطقة مفتوحة. وهذا كل ما تدربنا عليه في الحرب الجوفية". لقد كانت استعدادات وحدات الاحتياط، بل وحتى كتائب الهندسة القتالية، التي اعتمد عليها الجيش إلى حد كبير في حرب غزة، بين سطحية وغير قائمة بتاتا. وقال ضباط وجنود يؤدون الخدمة الاحتياطية في كتائب الهندسة إن التدريبات التي اجتازوها، مرة كل عام أو عامين، لاءمت الدور التقليدي للجيش، كاختراق حقول ألغام. ولم يجرّ الحديث عن أنفاق ولا حتى في كتائب الاحتياط التي تم دمجها مسبقا في العمليات المحتمل تنفيذها في إطار عملية لاحتلال غزة. وعندما كان الجنود يلفتون انتباه قادتهم إلى أن برامج التدريب لا تلائم التحديات العسكرية التي يمكنهم مواجهتها، كان يقال لهم إن المشكلة معروفة. منذ شهر نيسان 2014، ولاحقا، اتضح تدريجيا أن حماس تعد لعملية كبيرة بواسطة نفق تم حفره في منطقة "كرم أبو سالم"، في الجانب الجنوبي من القطاع. وأصدر الجيش تحذيرا مفاده أن حماس قد تحاول اختطاف جنود ومدنيين عبر النفق، بهدف اختراق الحصار الإسرائيلي – المصري المفروض على القطاع. وبذلت القيادة العامة وقيادة اللواء الجنوبي وأذرع الاستخبارات جهودا كبيرة لكشف النفق. وقامت كتيبة غزة بتركيز أكثر من 30 آلية هندسية في محاولة للعثور على فتحة النفق في الجانب الإسرائيلي، ونشرت حواجز هدفها منع الوصول من الحقول القريبة من السياج إلى كرم أبو سالم. وعندما لم تجد أعمال التفتيش في الجانب الإسرائيلي نفعا، صودق للجيش على القيام بعملية هجومية. وألقى سلاح الجو حوالي 30 قذيفة "جي دام" دقيقة في الجانب الفلسطيني من السياج بهدف تدمير مسار النفق. ورغم ذلك فقد نزل في السادس من تموز ستة من محاربي وحدة النخبة في حماس إلى النفق، وقتلوا جراء الانهيار الذي نجم عن إحدى القذائف. وشكل هذا الحادث الدفع الأخير باتجاه اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس. فقد ردت حماس على مقتل رجالها بقصف صاروخي مكثف اتسعت أهدافه تدريجيا، وقررت الحكومة الإسرائيلية في ليلة 7 و8 تموز شن عملية "الجرف الصامد" على قطاع غزة، وهكذا بدأت الحرب التي استغرقت 50 يوما. واكتفى الجيش الإسرائيلي بين الثامن والخامس عشر من تموز بشن الهجمات الجوية ردا على القصف الصاروخي للمستوطنات المحاذية لغزة. وقام الجيش بتركيز قواته البرية والمدفعية على حدود غزة، وشكل طواقم حرب لوائية. لكنه لم يتم إرسال أي جندي إلى الجانب الفلسطيني. وبشكل تدريجي تكشف أمام الوزراء تهديد الأنفاق بكامل خطورته، وأدركوا أنه تم حفر عشرات الأنفاق على امتداد القطاع وان فتحات قسم منها تصل إلى الأراضي الإسرائيلية، على مقربة من مواقع عسكرية ومستوطنات المنطقة. [title]المخططات لم تكن ملائمة: [/title] لقد طرأ التحول المركزي بعد يومين، تحديدا في صباح 17 تموز عندما أرسلت حماس 13 مسلحا عبر نفق هجومي إلى المستوطنات الإسرائيلية، على بعد مئات الأمتار من مستوطنة صوفا. وقامت طائرة بدون طيار حربية إسرائيلية، بالتقاط شريط يصور المسلحين وهم يخرجون من باطن الأرض. وتسبب نشر الشريط من قبل الناطق العسكري بإثارة غضب ورعب شديدين في صفوف الجمهور الإسرائيلي والقيادة. وطالب حاييم يلين رئيس مجلس "إقليمي أشكول"، أحد قادة المستوطنات المحيطة بغزة، الحكومة بإصدار أوامر إلى الجيش بالعمل فورا ضد الأنفاق. وبعد سلسلة من المشاورات بين نتنياهو ويعلون وقادة الجهاز الأمني والوزراء، تقرر العمل. وفي ساعات الليل المتأخرة صدر الأمر بالتوغل البري في قطاع غزة لمعالجة الأنفاق. لكن المخططات العسكرية التي سبق للجيش إعدادها للعملية البرية لم تستكمل بعد، كما أن الخطة الأصلية التي أعدتها قيادة الجنوب للتوغل البري لم تأخذ الأنفاق في الحسبان، وإنما شملت عمليات مرحلية للسيطرة على مناطق داخل القطاع. وكان الهدف الأساسي توجيه ضربة إلى حماس، من خلال انتزاع ممتلكاته وردعه وضرب مناطق راجمات الصواريخ، بهدف منع وصول نيرانها إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية. وقد وردت إمكانية تدمير بعض الأنفاق الهجومية، القريبة نسبيا من البلدات الإسرائيلية، ولكن ليس كمهمة ذات أولوية عالية. وتم إرسال ثلاث كتائب عسكرية على الأقل لمعالجة الأنفاق التي احتلت الأولوية بعد التوغل البري، وعملت تحت إمرتها عشرة طواقم قتالية وكتائب مشاة ومدرعات وهندسة. وتمت صياغة المخططات الجديدة على عجل، من خلال إجراء تغييرات كبيرة على المخططات الأصلية. وتولت الكتيبة 162 مسؤولية العمليات في شمال القطاع. وقال قائدها الكولونيل نداب فدان لصحيفة "هآرتس" إنه تم تعديل المخططات بشكل تدريجي لمعالجة الأنفاق، منذ اللحظة التي بدأت فيها كتيبته بالإعداد للعملية في القطاع في بداية تموز وحتى التوغل البري. وأضاف أن الجيش دخل إلى عالم الأنفاق في العاشر من تموز، مشيرا إلى أنه فهم المشكلة بكامل خطورتها بعد سماعه من قواته لوصف شامل حول الأنفاق داخل القطاع. "لقد كنا نسمع عنها نظريا من قبل، ولم نملك تجربة عسكرية، هناك شيء ما في الاحتكاك، في التجربة، يسرع الفهم. لقد استوعبنا الأمور حتى النهاية فقط خلال معالجة مسألة الأنفاق". لم تتوغل القوات في عمق القطاع، وإنما ركزت انتشارها على مسافة كيلومترين من السياج الحدودي، ومن هناك بدأت العمل لكشف الأنفاق وتدميرها. وتم تأجيل عملية لواء جولاني في حي الشجاعية لمدة يومين، حتى يوم السبت 19 تموز. فقد كانت تجهيزات حماس هناك قوية جدا، وكانت هذه المنطقة هي أكثر المناطق اكتظاظا التي هاجمها الجيش. لقد غابت عن خطوة جولاني، وغيرها من الطواقم الحربية الأخرى، العناصر الجوهرية للمفاجأة والخديعة. وواجهت قوات جولاني مقاومة شديدة وخارقة من قبل حماس. وخلال اليوم الأول من العملية قتل 16 جنديا من الكتيبة، وأصيب قائدها وقائدين آخرين خلال العملية. واحتاجت جولاني إلى خوض معارك بطولية بمرافقة الهجمات الجوية المكثفة والقصف المدفعي الثقيل، كي تحطم المقاومة في الشجاعية. وتركز العمل في هذا القطاع، كما في القطاعات الأخرى على الأنفاق فقط. ولم تتلق القوات توجيهات بخوض مناورة عميقة وتدمير منظومة حماس. وفي الأماكن القليلة التي تم فيها عمل ذلك، - الناحل ولواء المدرعات 401 في بيت حانون، جبعاتي في رفح بعد أسر الضابط هدار غولدين – فوجئ القادة بسهولة توغلهم في أعماق منظومة العدو. [title]تدمير الأنفاق[/title] في غياب نظرية حرب مفصلة ومجربة بما يكفي، ومع الحد الأدنى من المعلومات والمخططات العملية، التي تم إعدادها خطوة بعد خطوة، ومع كمية غير كافية من المعدات لتدمير الأنفاق، توغلت القوات في القطاع. وكالعادة غطت على الفجوات، قدرة الجيش العالية على الاختراع، ورح المحاربة والإصرار في صفوف القادة والجنود. لكن المصاعب أطالت أمد معالجة الأنفاق، أكثر من المتوقع. في 20 تموز، وبعد بدء التوغل البري، قال يعلون إن تدمير الأنفاق سيستغرق يومين أو ثلاثة، لكنه بعد مرور أسبوعين ونصف تبين أن التقييمات التي سمعها المجلس الوزاري من الجيش كانت متفائلة جدا. لقد تأخر استكمال المهمة، أيضا، بسبب انهيار وقف إطلاق النار بعد أسر غولدين في مطلع آب. صحيح أن قرار عدم التوغل عميقا منع سقوط المزيد من الضحايا في الجيش، ولكنه "استدعى" إلى حد ما، هجمات حماس على القوات التي عملت في البحث عن الأنفاق. وفي هذه الأثناء تمكن قائد القسام الضيف من إرسال ثلاث خلايا أخرى عبر الأنفاق، والتي تمكنت من قتل 11 جنديا، من كتيبة قيادة الألوية 188، ومقر قيادة كتيبة مدرسة الضباط وقوة الحراسة في مدرسة قيادة الصف الذين فاجأهم رجال حماس داخل موقعهم العسكري قرب ناحل عوز. ونظر الضباط بإحباط إلى المفاجأة التي أنزلتها بهم حماس. في الأسابيع التي سبقت العملية العسكرية حققت الاستخبارات العسكرية اختراقا في كشف الأنفاق في الجانب الفلسطيني. ولكنه مع بداية التصعيد في الثامن من تموز، قصف سلاح الجو فتحات الأنفاق بشكل منهجي، خشية قيام حماس باستخدامها. ويبدو أن الهجمات الجوية لم تدمر الأنفاق بشكل يمنع استخدامها. وقد اعترف القائد العام للجيش بيني غانتس لاحقا بأن تدمير مداخل الأنفاق صعب عملية كشف مساراتها بعد التوغل البري. وتحدث أحد الضباط عن فجوات استخبارية، وقال "إن الاستخبارات قامت بعمل رائع، ولكنه لم يكن لدينا في كل مكان معلومات دقيقة حول مسار النفق". لقد فوجئ الجنود بعدد فتحات الأنفاق التي اكتشفوها، وتفرعاتها الداخلية التي حتمت القيام بعمليات تمشيط متواصلة. كما أن الجيش لم يملك ما يكفي من الآليات الهندسية لمعالجة هذا العدد الكبير من الأنفاق في آن واحد. وقال ضابط كبير في سلاح الهندسة إن كل طاقم بدأ بمعالجة نفق أو نفقين ومن ثم انتقل إلى نفق ثالث في قطاعه. وبسبب النقص في المعدات عملنا بالتناوب بدل أن نعمل في آن واحد. لم نملك ما يكفي من الآليات لعملية بهذا الحجم. لم يكن بإمكاننا معالجة 32 نفقا في آن واحد". لقد اضطر الجيش خلال الحرب إلى تجنيد عدد كبير من الجرافات بشكل طارئ، من القطاع الخاص. ومن المفارقات أن عددا كبيرا من هذه الجرافات كان يتبع لشركات بناء يملكها "مواطنون عرب من إسرائيل". وقد واجه الجيش المشكلة الأكبر في تفجير الأنفاق. فالطرق والوسائل التي يملكها كانت تلائم الأنفاق الأقصر والأقرب إلى سطح الأرض. لقد امتلك الجيش في العقد الماضي منظومة تحمل اسم "امولاسيا" لتدمير الأنفاق. وتقوم هذه المنظومة بنشر كمية كبيرة من المواد الناسفة داخل النفق دون أن يضطر الجنود إلى دخوله. لكن المشكلة هي أن الجيش كان يملك منظومتين كهذه فقط في بداية الحرب. وكبديل لها اضطر الجيش إلى استخدام قرابة نصف مليون لغم ومواد ناسفة أخرى. ولكن إنزال الألغام إلى الإنفاق وتفجيرها غالبا ما أسفر عن تدمير جزئي للنفق. وقال جنود من الاحتياط إن المرة الأولى التي خاضوا خلالها تجربة تدمير نفق كانت عندما تلقوا الأوامر خلال الحرب. وأضافوا: "تلقينا تدريبا بسيطا من وحدة النخبة في سلاح الهندسة وفجرنا الأنفاق بواسطة إنزال سلسلة من الألغام الموصولة ببعضها. أن التجربة الوحيدة التي امتلكناها كانت تفجير البيوت في لبنان وغزة، وهذا لا يشبه بتاتا تفجير الأنفاق". وقال جنود من سلاح الهندسة أنهم شاركوا خلال العامين الأخيرين في تدريبات على الحرب البرية، لكنها لم تشبه بتاتا ما واجهوه في غزة. وأوضحوا بأنهم اضطروا إلى اختراع نظريات محاربة مختلفة عن التدريبات. وقال بعض رجال الاحتياط أنهم دخلوا إلى غزة مع مستوى منخفض من الجاهزية العسكرية، دون أن يتمكنوا من التدرب على إطلاق النيران، بل وحتى تزودوا بآليات أصابها التلف، ناهيك عن نقص آليات أخرى. ورغم ذلك فإن رجال الاحتياط يفاخرون بعملهم في القطاع. وعرض بعضهم علينا أشرطة صوروها خلال تفجير الأنفاق. وهناك جنود من وحدات الهندسة قالوا إنهم خرجوا من القطاع بمشاعر من الإحباط بسبب عدم الجاهزية لمعالجة هذا العدد الكبير من الأنفاق. وهناك ضباط يقولون إن حماس كانت تمتلك رصاصة واحدة مفاجئة في بندقيتها وهي الأنفاق الهجومية وقد تم انتزاعها منها. ومن هنا يسري الشعور بانتهاء الحرب بانجاز كبير.