انفض جمهور حماس، ومضت انطلاقتها الـ 24، بعد مهرجان بهيج، أحيته أشهر فرق الفن الإسلامي في الوطن العربي، وأبرز فقراته جُسدت في مشهد تمثيلي لفتح المسجد الأقصى، على يد الفاتح "إسماعيل هنية". انقضى كل شيء، ولم يتبق إلا أن ندوّن أسعد اللحظات التي عايشها الغزيون في مهرجان حماس، وإن كان ثمة ما يستحق التدوين فهي بدون أدنى شك "فرحة الأسرى المحررين" الذين عايشوا بأرواحهم وأجسادهم انطلاقة حماس لأول مرة. ولا ننسى أيضاً من سرق الأضواء في المهرجان، وخفق لرؤيتهم القلب فرحاً وشوقاً.. فريق "الوعد" الإنشادي، الذي أعاد للأذهان حُقبة "العمليات الاستشهادية وتفجير الباصات" بالأناشيد الحماسية والصوت الجبلي والطلة الندية. [title]مشهد خارج عن المألوف[/title] الساعات في حضرة احتفالات حماس تمر كلمح البصر وكأنها دقائق معدودة، ليس لضيق فقراتها؛ إنما للأجواء التي تتخللها، وتلهب حماس الجماهير فيها، ودليل ذلك ما أقدم على فعله الأسير المحرر من سجون الاحتلال "مصعب الهشلمون". "الهشلمون" لم يتمالك نفسه، وأخذ يرقص على وقع الأناشيد القسامية وسط زملائه من الأسرى المحررين الذين تقدموا صفوف المهرجان، ما لفت أنظار الجميع وعدسات المصورين، الذين سارعوا إلى التقاط صور له، في مشهد خارج عن المألوف لأسير في رقبته 17 جندياً إسرائيلياً. الأسير المحرر إلى غزة، الهشلمون -29 عاماً- المنحدر من مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، درس الفقه وأصول الدين في جامعة "أبوديس" بالقدس، وهو قائد عملية "بئر السبع" المزدوجة التي نفذت في عام 2004، وأسفرت عن مقتل 17 جندياً إسرائيلياً. نقلنا المشهد على حقيقته، وقطعت على الهشلمون فرحته لدقائق، لتعرف أسرار هذه السعادة، وكانت غُرة الإجابة حرفياً: "هادي فرحة يا رجل". وأكمل حديثه والابتسامة تكاد لا تفارق مُحياه: "أول مرة في حياتي أشاهد حشداً جماهيراً بهذا الشكل والحجم، لله درك يا حماس". وتمنى الهشلمون أن تكون الانطلاقة المقبلة لحماس في المسجد الأقصى، وأن يكون له شرف رفع الآذان فيه، مع العلم أن الأسير المحرر كان له شرف رفع آذان الظهر والعصر على مسامع جماهير حماس في مهرجان الانطلاقة الـ 24. [title]مصعب رجل صعب[/title] وفي لمحة سريعة عن الأسير المحرر "الهشلمون"، فقد عجز المحققون الإسرائيليون عن نزع الاعتراف منه طوال سنوات سجنه السبع، حتى قال له المحقق "يا مصعب غلبتني ما بدك تعترف، أولادي وزوجتي حفظوا اسمك من كثر ما حكيت لهم عنك". وعندما سأل قاضي المحكمة مصعب: ما رأيك بعملية "بئر السبع" رد عليه بجسارة: "أؤيد أن تحدث وتنفذ أكبر منها أيضاً، فأنتم قتلتم الأطفال والركع السجود، كما أنكم قتلتم الشيخ أحمد ياسين وهو مقعد، ونسفتم حيًا بأكمله حينما قتلتم صلاح شحادة، أنتم غرزتم الكره في نفس كل مسلم وليس كل فلسطيني فقط". وهكذا تطوي حماس ملف انطلاقتها الـ 24، وعينها ترنو إلى المسجد الأقصى فاتحة مكبرة، والوعد الإنشادية كذلك تحقق وعدها بدخول قطاع غزة، وتهدي رجالها ختاماً أنشودة "حيوا رجال القسامية" تحية للمقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام.