29.24°القدس
28.46°رام الله
29.97°الخليل
31.31°غزة
29.24° القدس
رام الله28.46°
الخليل29.97°
غزة31.31°
الجمعة 02 اغسطس 2024
4.83جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.09يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.83
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.09
دولار أمريكي3.79

قصة المحرر عباس شبانة

خبر: جائعون للحرية "2" .."مذكرات أسير"

"اللعبة الجريئة" التي انتدبنا أنفسنا لتنفيذها لم تكن سوى حقل ألغام أوله رماد وختامه ورد، ولكنّ أي شيء لدينا كان لا يساوي دقيقةً خارج أسوار السجن وإن أمضينا أعمارنا مطاردين.. وحلم الحرية الذي راودنا طويلا لم يكن بمعزل عن جراح يخلّفها في نفوسنا كلما غادرنا بخيالنا عتمة الزنازين إلى أنوار الوطن السليب. وأبدأ من حيث انتهى أخي إبراهيم شبانة في سرد أجمل وأقسى حكاية مرت علينا خلال الأسر.. فبعد جهد في حفر النفق المتواضع بآليات بدائية بدأنا نتلمس طريقنا إلى حيث جدار السجن الخارجي، وما زلت أذكر حين انقطع عني الهواء أثناء قيامي بالحفر وكيف شعرت بدوار كاد يفقدني وعيي.. وبعدها بليلة واصلت العمل منذ أذان المغرب حتى الثانية فجرًا تقوّيني صور التحرر وأشكال الحياة خارج قبور الأحياء.. نجحنا بعمل فتحة صغيرة خارج النفق تبعد أمتارًا قليلة عن برج عسكري للمراقبة، وكانت بيننا إشارات معينة كي لا نحدث شكوكًا لدى الجندي المراقب فوق البرج إذا نظر إلى الجهة التي يوجد فيها النفق، فالحلم يقترب من التحقق كلما اقتربنا من الجدار.. وحين رأينا أن الفرصة مناسبة خرجت أنا وإبراهيم وأخ ثالث من الفتحة إلى حيث هواء العالم الخارجي، وبحركات خفيفة من المشي السريع تخطينا بضعة أمتار خارج الجدار تحدونا أمنيات على وشك أن تكون واقعًا.. وبينما نحن نغوص أكثر فأكثر في فرحة قرب التحرر فوجئنا بكلاب بوليسية لمحتنا عن بعد وشرعت تنبح وتتراكض تجاه الجدار وترغم الجندي المراقب على النظر إلى الجهة التي كنا نسير فيها، وبعدها أضواء ساطعة سُلطت بالقرب منا فرمينا أنفسنا على حقل من العشب وإذا به جافٌّ كالحجارة يصدر أصواتا تغذي شكوك الجنود.. ولم نكد نرفع رؤوسنا حتى لمحناهم يتراكمون حولنا بلمح البصر ولم نستطع الهرب.. حاصرونا بأسلحتهم ونحن في حالة من عدم التصديق ثم الاستسلام للأمر الواقع.. اقتربوا منا قليلا وشرعوا بتنفيذ عُرفهم الأسود.. ألوان من العذاب ذقناها ثلاثتنا كادت أن ترحّلنا إلى مقابر الأرقام.. لم نستفق من صدمة كشف أمرنا بعد حتى انهالت العصي وأعقاب البنادق تثخن الجراح في أجسادنا.. في كل بقعة من جلودنا وضعوا علامةً موقّعة بالدم ممزوجة بحقد دفين.. وفي كل موضع خلية رسموا آلامًا بقيت أعوامًا تذكّرنا بذاك اليوم.. نقلونا بعدها إلى الآليات وهناك اتفقنا أن نتبنى العملية نحن فقط لنبعد الضرر عن البقية من خلفنا.. وحين أعادونا إلى السجن كان بانتظارنا أضعاف عددنا من الجنود، أو لنقل كان لكل واحد منا عشرة منهم "يلقنه درسًا".. ألقونا أرضًا وبدأت الأسلحة ترسم ظلالها على أجسادنا مرة أخرى والأحذية تركلها من كل مكان بينما القيد يشل حركتنا والأصفاد تزيد آلامنا.. بعض الوقت من جرعة عذاب ثالثة تلقيناها بعد ذلك بنفس الطريقة التي أجبرت الدماء على النفير من فتحات الجراح الغائرة في صدرونا وأيدينا وظهورنا وأرجلنا دون أن نتمكن من الدفاع عن أنفسنا ولو بالتراجع إلى الوراء.. كنا وقتها في عالم اللاوعي لما يحدث لنا وأمواج من التساؤلات تجتاح أذهاننا.. ولكنّ الأقسى من كل الضربات الأليمة كان تلاشي حلم الحرية ونحن أسارى السجن المؤبد لا نلمح طيفًا لها.. وزادت فوق ذلك إجراءات السجّان بحقنا بعد أن تمت إعادتنا للتحقيق مرة أخرى ونحن بالملابس ذاتها الملطخة بالوحل ولأكثر من عشرين يومًا، ثم بعزلنا في بئر السبع لسنة كاملة هوت بنا إلى حيث لا يجرؤ نور الشمس على الاقتراب حتى من خيالنا، وتوجوا كل ذلك بسلسلة محاكمات جديدة أضافت إلى أحكامنا الفلكية خمسة أشهر، ثم عدنا إلى الزنازين نحمل صفة "خطير" في بطاقات الأسر.. ولكننا أدركنا أنها شهادة عز وأسطورة تحدٍّ سنرويها لأحفادنا كلما استذكرنا توقنا للحرية بعيدًا عن ما خلّفته في نفوسنا من ألمٍ ولد بعد أمل.. وبفضل الله وبسواعد مجاهدينا خرجنا رغم كيدهم رافعين رؤوسنا من أبواب السجون عنوةً وليس عبر الأنفاق تعانق أجسادَنا حريةٌ بطعم الانتصار لن ننسى ما أسبغته على أرواحنا ما حيينا.. [title][url=http://paltimes.net/details/news/7542/%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86--%D9%83%D8%AA%D9%8A%D8%A8-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html]لتحميل كتيب "مذكرات أسير" اضغط هنا[/url][/title] [url=http://paltimes.net/details/news/7468/%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%AD-%D8%A3%D9%88-%D8%A3%D9%82%D8%B3%D9%89--%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html][title]قصة الأسير المحرر ابراهيم المصري ..[/title][/url] [url=http://paltimes.net/details/news/7546/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-1-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html][title]قصة المحرر إبراهيم شلش ..[/title][/url]