16.97°القدس
16.79°رام الله
16.08°الخليل
23.01°غزة
16.97° القدس
رام الله16.79°
الخليل16.08°
غزة23.01°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

خبر: ذكريات الوالدين.. مخزون معرفي يعشقه الأبناء

في داخل هذا البيت الصغير عالم آخر ينسجه الوالدان مع أبنائهما ليسطرا لهم ذكرياتهما بالمواقف والألوان التي تستحق أن تسطّر، وتزين بها صفحات الحياة مع كل موقف عايشاه في ذلك الزمن الجميل، الأحداث في ذلك الزمان حسبوها في يوم ما خشنة وقاسية عليهم، ولكنهم اليوم يسردونها لأبنائهم على أنها حياة جميلة، فمع ما عانوا فيها إنها تبقى الأحلى والأروع، وتبعث في نفوس أبنائهم المثابرة على الحياة والكفاح من أجلها؛ لتنقل لهم في كل ذكرى عبرة، فتبقى ذكريات الوالدين مادة تربوية يعشقها الأبناء. [title]نستمع بشغف [/title] تحت ضوء الكشاف المنبعث من آخر الغرفة تجمع أفراد العائلة جميعًا بعد صلاة العشاء في سكون وسكوت تام، فبادرت عبير بسؤال موجهة إياه إلى والدها الستيني: "كيف كنتم تعيشون في الماضي من غير كهرباء؟"، فأجابها: "لم تكن حياتنا مثل حياتكم، أنتم الآن في نعمة"، وفتح سجل الذكريات التي اعتقد أنها عفا عليها الزمن: "لم يكن عندنا وقت، كان الواحد منا يعود من مدرسته أو جامعته ليشارك في حمل أعباء الحياة، فأنا كنت أذهب لأساعد والدي في صناعة البسط، وبيعها؛ لنساهم في الحياة، ولو بجزء بسيط". تصف عبير والدها وهو يتحدث عن ذكرياته: "أرى في قسمات وجهه حلاوة الدنيا التي كانوا يعيشونها، مع صعوبة ظروفها؛ فأدق التفاصيل الحياتية يحدثنا بها ليحاول نقل العبرة والتجربة الحياتية التي عاشوها، وبمجرد فتح الذكريات القديمة أبدأ أنا وأشقائي بالإنصات وتوجيه الأسئلة". [title]التعليم والتربية [/title] قال المستشار الاجتماعي والتربوي د. فوزي رشيد: "التعليم لدى الطفل كالنقش والحفر الراسخين في أخاديد دماغه، حيث ترسم الخطوط الأساسية لفكر الإنسان وسلوكه". وبين أن التعليم ينقسم إلى نوعين، أحدهما التعليم الشعبي غير الرسمي، وهو نوع من أنواع التربية الاجتماعية للإنسان، يكتسبه في مختلف مراحل حياته من الطفولة حتى الكهولة من حياته الاجتماعية داخل الأسرة والمجتمع المحيط. والثاني التعليم الرسمي عن طريق المؤسسات التربوية والأكاديمية المُتخصصة التي تعمل وفق خططها المرسومة لتحقيق أهدافها، وتختلف نوعية الأهداف ومخرجاتها من مجتمع إلى آخر؛ ففي المجتمعات المتقدمة تكون الأهداف دقيقة وواضحة ترقى إلى مستويات مُخرجات طموحة وبناءة، وفق قول د. رشيد. وأضاف: "وفي خضم عملية البناء بمراحل التنشئة المختلفة للطفل تلعب الأسرة التي هي اللبنة الأولى في تنشئته دورًا أساسيًّا ومحوريًّا في بناء شخصيته: شعورًا وفكرًا وسلوكًا، إذ يطل على العالم الخارجي منها، فيبني رؤيته لهذا العالم ومستوى انخراطه فيه، ولا يقف عند هذا الحد، فيبني عالمه الداخلي بمؤثراتها، من هنا كان دور الأسرة الدور الأهم من بين وسائل التنشئة المختلفة". [title]سجل الذكريات [/title] وبين د. رشيد أن ذكريات الوالدين هي أحد مكونات التعليم الاجتماعي للطفل، وتلعب دورًا مهمًّا في بناء شخصيته، فهي إما تعمل على بناء ذلك الطفل بناءً إيجابيًّا باختيار الذكريات البناءة لتكون نبراسًا له، أو تكون هدامة في بنية شعوره وتفكيره. وأكد أنه من هنا كان دور الحكايات التي يرويها الوالدان من ذكريات حياتهم لأطفالهم دورًا خطيرًا؛ لما فيه من تحديد لشخصية ذلك الطفل إما إيجابية أو سلبية في مستقبل حياته. ولفت إلى أن ذكريات الوالدين كثيرة ومتنوعة منها الصالح ومنها الطالح، فينبغي اختيار الذكريات التي تُروى للأطفال بدقة فائقة، إذ على الآباء أن يمتلكوا الوعي الكافي في تربية أبنائهم، وأن يكون لديهم خطة واضحة في كيفية الوصول بهؤلاء الأبناء إلى أهداف مُحددة مُعدة سلفًا بعناية؛ من أجل تصحيح المسار وإكساب إنسان المستقبل السوي، المتزن عاطفيًّا، والراجح عقلًا، والسليم سلوكًا التعليم المناسب. وتابع حديثه: "وتلك الذكريات تحمل في طياتها تعليمًا معرفيًّا وإكسابًا للقيم لدى الطفل في منشأ حياته، فهي تحتوي على مجموع الأفكار، والخبرات الحياتية التي اكتسبها الوالدان طيلة حياتهما، ويُراد توصيلها إلى الطفل بأسلوب فني وجمالي بسيط؛ ليُصبح مخزونًا أصيلًا للإبداع لديه، وتحتوي هذه الحكايات على معانٍ تربوية مهمة، كالصدق والأمانة والكرم والشجاعة والانتماء، وغيرها". وختم رشيد حديثه: "من هنا كانت صرختنا لنهمس في آذان الآباء كي ينتبهوا إلى ما يقدمونه لأبنائهم من ذكريات، فينبغي التدقيق في محتوى ومعاني تلك الذكريات ومدلولاتها، وتحديد النافع منها والضار، وإن أرادوا بناءً سليمًا لأبنائهم لمستقبل أفضل؛ فعليهم أن يختاروا الذكريات التي تبني ولا تهدم؛ لتكون مخزونًا جيدًا من المعرفة وبناء القيم الجميلة في حياتهم".