18.93°القدس
18.53°رام الله
18.3°الخليل
18.84°غزة
18.93° القدس
رام الله18.53°
الخليل18.3°
غزة18.84°
الخميس 09 مايو 2024
4.64جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.71

خبر: الله لا يردك يا علاف!

قرأ خربوش الإعلان للمرة الخامسة: "قاضي البلد يعلن عن إتاحة الفرصة للمتنافسين على خلافته في أثناء رحلته العلاجية الطويلة، ويمكن لكل من يرى في نفسه القدرة أن يرشح نفسه"... نظر خربوش حوله عدة مرات، ولما تأكد من انشغال الناس مزّق الإعلان حتى لا يراه أحد غيره، لكن صاحبه علاف لمحه يخفي في جيبه شيئا، فسار وراءه حتى انفرد به، وأقسم عليه أن يعرف ما الذي يخفيه وإلا فضحه بين الناس، حاول خربوش أن يخفي الأمر، وأن يتعلل بأي سبب، لكنه تحت الإصرار قال: - عدني ألا تخبر أحدا! - أعدك! - عدني ألا تنافسني على الأمر! - أعدك! - عدني... - لا أعدك، يا رجل تكلم وخلّصني! - سأصبح خليفة القاضي! - كيف؟! - سأدخل المنافسة غدا!! في اليوم التالي تفاجأ خربوش بعد سفر طويل وهو يقف أمام بيت القاضي لابسا أفخر الثياب أن صاحبه علاف يقف وراءه مباشرة وهو في أبهى حلة! لم يستطع أن يعترض، فقد فتح القاضي الباب في تلك اللحظة، فعدّل هيئته، وأخفى عبوسه، ورسم ابتسامة صاخبة، واندفع قائلا: - السلام عليكم يا سيادة القاضي! - وعليكما السلام، تفضلا! أحسن القاضي وفادتهما، وطلب من أهل بيته بصوت مرتفع إعداد طعام غداء فخم، وفي أثناء قيام خربوش بغسل يديه في الحمام المجاور، سأل القاضي السيد علاف: - لاحظت أنكما صديقان ومن حي واحد، لذلك أريدك أن تصدقني القول: ما تقييمك الموضوعي لصاحبك خربوش؟ - أما وقد طلبت الصدق فإنني سأخبرك بسبب اللقب "علاف" الذي حملته على الرغم مني! - ولماذا لقبوك بعلاف؟! أليست تلك صنعتك؟! - لأنني أسير دائما مع صاحبي خربوش الحمار! فهو منخفض مستوى الذكاء، وسرعان ما يرفس إذا خاصم، و... دخل خربوش والمنشفة الفاخرة بين يديه، فاستلّ علاف نفسه، ودخل الحمام ليغسل يديه، ويعدّ نفسه للطعام الشهي، وهو يقول بينه وبين نفسه: "حتى لو خسرت المنافسة على خلافة القاضي، يكفيني تذوق طعامه الشهي الذي يليق بمقامه الكريم"! وسأل القاضي خربوش السؤال ذاته عن صاحبه علاف، فقال خربوش: - علاف كان ينبغي أن يُسمى نبّاح مع الاعتذار للكلاب! فمنها من يتسم بالوفاء، ولا يمارس الوقيعة بين الناس، واللهاث على الدنيا، استغل طيبتي، ورافقني فلم أكترث لأنك حكيم تستطيع أن تميز بين الناس! نادى القاضي على سياف، وطلب منه البقاء معه على جاهزية لخدمة الضيفين الجليلين، في الوقت الذي عاد فيه علاف إلى المجلس. كان خربوش وصاحبه علاف يتبادلان نظرات المودة، وكل منهما يضحك في أعماقه لأنه نال من صاحبه في السر، بل إنهما تبادلا الكلمات الرقيقة والقاضي يتجاهل عامدا تصرفاتهما وكلماتهما. قال القاضي: "كم عمر صداقتكما؟!"، قال خربوش: "ربع قرن"، وقال علاف: "ثلاثون عاما!". قال القاضي: - لقد أعجبني صدقكما، ولولا أن فكرة السفر قد ابتعدت لكنت اخترت واحدا منكما أو كليكما! لكنني تقديرا لكما سأمنحكما الهدية الثمينة التي تتمنيانها عليّ مهما كانت، وسأعطي الثاني ضعف ما يتمناه الأول، إنصافا للثاني الذي فقد حق المبادرة، فليتمنّ علي أذكاكما؟! فكر خربوش جيدا، وقال لنفسه: "إن تمنيتُ أولاً خسرتُ وربح هو الضعف!"، وصاح بصوت عالٍ: تمنّ أنت يا علاف، فأنا أوثرك بالمبادرة! وقال علاف لنفسه: "أنا الأذكى، وإن تمنيت تمنيت الأكثر، ويربح هو بسهولة ضعف ما أحصل عليه بجهدي وتميزي!"، وصاح بصوت عالٍ: بل أنت من سيتمنى أولا! قال خربوش: أنت أولاً! قال علاف: بل، أنت أولاً! حسم القاضي الموقف وقال: إن لم تسرعا بالتمني طلبت من سياف قطع رأسيكما! أُسقط في يد خربوش وصاحبه، تذكر خربوش أن صاحبه تطفل عليه، وأنه هو من قرأ الإعلان أولاً فقال بغيظ: يا سيدي القاضي، اقلع إحدى عينيّ!!!!! نظر القاضي إلى سياف وقال بحزم: جهز نفسك لتنفيذ الأمنيتين بعد أن يتناول الاثنان طعامهما! ونادى على أهل البيت، وقال لهم: هاتوا الشعير لخربوش، والعظم لعلاف! هجم سياف على خربوش مشهرا خنجره دون أن ينتظر الشعير، فاستيقظ خربوش من نومه، وهو يصرخ: الحمد لله أنني تمنيت في الأول! الله لا يردك يا علاف!!!