9.42°القدس
9.19°رام الله
7.56°الخليل
14.49°غزة
9.42° القدس
رام الله9.19°
الخليل7.56°
غزة14.49°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

خبر: ماذا أبقينا للحب ؟

حين أتأمل تقاليدنا الاجتماعية وكيف نتعامل مع قضية الزواج والمغالاة في المهور والتكاليف والشروط من قبل أهل الفتاة حتى يصل الحال ببعضهم أن يطلب تعهدات مكتوبةً من خاطب ابنتهم أتساءل بمرارة:ماذا أبقينا من مساحة للحب والمودة والرحمة والسكن بين الزوجين والتي ما شرع الزواج إلا من أجلها..لقد أغفلنا البعد الإنساني وأطغتنا المادة حتى صار الزواج قضيةً مادية.. إذا تقدم شاب ذو خلق ودين إلى فتاة قد أحبها وهو يبتغي إحصان نفسه واجهه أهل الفتاة بقائمة طويلة من الشروط المعقدة: يجب أن تكمل الفتاة تعليمها.. يجب ألا تمنعها من الذهاب إلى عملها..يجب ألا تتدخل في راتبها، يجب أن يسجل الأثاث (العفش) باسمها، يجب أن تعيش بطريقة معينة، يجب..، يجب.. نتفهم مخاوف أهل الفتاة وحرصهم على تأمين مستقبل ابنتهم في ضوء ما يرونه من تجارب أخرى لأزواج لا يمتلكون أي دين أو خلق، ولكن هذه الطريقة تأتي بنتيجة عكسية لأنها تفرغ الزواج من معناه الإنساني وتحوله إلى قضية مادية فيسود جو من الشك وغياب الثقة، وتغيب معاني الألفة والرحمة والإنسانية.. حين يضع أهل الفتاة الشاب المتقدم إلى ابنتهم في حالة من الضغط النفسي وهم يطلبون ويتشرطون فإن هذا الشاب لن يظل قادراً على الاحتفاظ بنظرته إلى الزوجة نظرة حب ومودة ورحمة، وستكون هذه القائمة الطويلة من التكاليف والاشتراطات والتعهدات حجاباً على صدره يمنعه من الاستمتاع بحياة نفسية هادئة.. وإن وافق الشاب على مضض على كل ما يطلبه أهل الفتاة منه في سبيل ألا يخسرها فإنه سيكتم ذلك في قلبه وستكون بذرةً تنمو منها المشاعر السلبية التي ستنفجر في وجه الزوجة فيما بعد، وإذا لجأ للاستدانة من أجل توفير التكاليف المادية الباهظة فإنه سيضطر بعد الزواج إلى تسديد هذه الديون، وسيكون التسديد على حساب حاجات زوجته، وبذلك فإننا نعزز الخداع والاحتيال في المجتمع.. إن أهل الفتاة يضرون ابنتهم من حيث يظنون أنهم ينفعونها، وذلك لأنهم بهذه الطريقة يعززون ما هو مادي بين الزوجين ويقتلون ما هو إنساني فينظر الزوج إلى زوجته وكأنها عبء ثقيل لم يحصل عليه إلا بالإكراه، وأنه لا يملك الحرية معها ولا يظل قادراً على أن يعيش حياةً طبيعية عفويةً بدون تكلف..والزوجة ستنظر إلى زوجها وكأنه طرف في عملية تجارية، وستلوح له بورقة تعهدات أهلها واشتراطاتهم بين الحين والآخر، ولن تظل النظرة الطبيعية إليه بأنه شريك الروح والمصير.. من المؤسف أن يكون الغرب قد تفوق علينا في هذا الجانب فتجد نظرة المجتمع الغربي إلى الزواج بأنه ثمرة حب بين شاب وفتاة، ولا تكاد تجد ذكراً للتفاصيل المادية التي نجعلها محور أول زيارة للشاب لأهل الفتاة، فهذه تترك للتفاهم والتوافق بين الزوجين.. إن الضمانة الحقيقية لمكانة الفتاة بعد الزواج هي أن يكون الزوج ذا خلق ودين فإذا أحبها أكرمها وإذا كرهها لم يظلمها، والحب الصادق بين الزوجين هو الذي ينجح الحياة، وليست الاشتراطات والتعهدات المسبقة.. وفي المقابل إذا غاب جو الحب والتفاهم بين الزوجين فإن كل أوراق الدنيا وتعهداتها لن تكون كافيةً لمنع انهيار الحياة الزوجية، وسيكون الزوج أمام خيارين فهو إن لم يطلق زوجته حتى لا يدفع التكاليف الباهظة التي تضمنتها الاشتراطات المسبقة فسيفرغ شحنة غضبه وكبته في الشجار مع زوجته آناء الليل وأطراف النهار وستتحول حياتهما إلى جحيم لا يطاق.. حين نعزز ثقافة التيسير في الزواج فلن تكون هناك مشكلة حتى لو طلقت المرأة، لأن سهولة تكاليف الزواج وبساطتها لن يكتب على هذه المرأة الطلاق الأبدي وستعزز فرصتها في الزواج ثانيةً، وثالثةً إن طلقت في الثانية حتى تجد الزوج المناسب الذي تستطيع العيش معه في جو من الحب والثقة.. لماذا نحن عاجزون عن التوصل إلى صيغة اجتماعية لجعل الحلال سهلاً في متناول اليد كسهولة الحرام "إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"..