خبر: ثلاثون سفيراً وسفيرة للحرية كسروا قيد السجان والمجتمع
11 ديسمبر 2014 . الساعة 10:22 ص بتوقيت القدس
رغم أن الحالة تكررت قبل هذا اليوم ـ29 مرة، إلا أن الفرحة التي انتابت قسم الولادة في المستشفى العربي التخصصي بنابلس بقدوم "فاطمة"، كانت وكأنها المرة الأولى التي تنجب زوجة أسير وزوجها بعيد عنها، تغيّبه جبراً قضبان السجون الإسرائيلية. مراسل [color=red]"فلسطين الآن"[/color]، كان حاضراً، ورصد فرحة غير مسبوقة لعائلة حمارشة "النمر" التي تقطن مخيم نور شمس بمحافظة طولكرم. فرحة لها ما يفسرها، فالأسير له من الأبناء "مجد" (15 عاماً)، لكن العائلة كانت قد فقدت كريمتهم فاطمة ذات الأعوام العشر، قبل نحو عامين في حادث سير بمنطقة سكناهم. حينها، تولدت الفكرة لدى الأسير يحيى ابن كتائب المقاومة، الذي يقضي حكماً بالسجن 24 عاماً، قضى نصفها تقريبا بأن يساعد عائلته وزوجته في تجاوز تلك المحنة بأن تحمل وتنجب طفلاً قد ينسيها فقيدتهم الراحلة. تواصل مع زوجته وأقاربه، كان هناك معارضة من البعض، كون لديه شاب على قيد الحياة، لكنه أصر وبالفعل، تم تهريب نطفة وصلت إلى مركز رزان لأطفال الأنابيب بنابلس، وأسوة بغيره من الأسرى، سارت الحالة في مسارها الطبيعي وتم تلقيح بويضة الزوجة، وحملت بأنثى، لترى النور وتحمل رقم 30 من أبناء الأسرى، الذين باتوا يعرفون بـ"سفراء الحرية". [title]ما بين مهند وفاطمة[/title] أولى تلك الولادات تمت بعد منتصف عام 2012، تمثلت بإنجاب دلال الزبن لابنها مهند، نجل الأسير عمار الزبن من نابلس، المحكوم بـ 27 مؤبداً، وهو معتقل منذ أكثر من 15 سنة. المفارقة أن دلال أنجبت مولوداً ثانياً خلال أيلول 2014 من العينة ذاتها التي نجح بتهريبها قبل حوالي عامين. تهريب النطف توالى، حتى وصل الآن العدد لعشرات النطف المهربة التي تنتظر التلقيح الصناعي والإخصاب عبر مراكز طبية متخصصة أبرزها مركز "رزان" لعلاج العقم وأطفال الأنابيب في نابلس، الذي أخذ على عاتقه إجراء عمليات الإخصاب لزوجات الأسرى بشكل مجاني. وبلغ عدد زوجات الأسرى اللواتي أنجبن الثلاثين مولوداً 23 زوجة، ثلاثة منهن في قطاع غزة والباقي في مدن الضفة الغربية، وفي بعض الاحالات رزق الأسير بتوأم من المواليد. ولادة مهند كان حافزاً للعديد من الأسرى من ذوي الأحكام العالية ومن شارفت زوجاتهم على بلوغ سن الأربعين، لكي يحاولوا الإنجاب قبل فوات الأوان. فلاحقاً وضعت أربعاً من زوجات الأسرى، وهنّ رماح السيلاوي زوجة الأسير أسامة السيلاوي من جنين، وسلام نزال زوجة الأسير علي نزال من قلقيلية، وزوجة الأسير رأفت القروي، وليديا الريماوي زوجة الأسير عبد الكريم الريماوي من رام الله وجميعهم من الأسرى ذوي الأحكام العالية . [title]حل إبداعي[/title] المتابعون لشئون الحركة الأسيرة يرون أن "هناك المئات من الأسرى المتزوجين والمحكومين بأحكام عالية، وبعضهم أمضى فترات قصيرة مع زوجاتهم، وتتيح هذه الطريقة لهم فرصة الإنجاب". كما أن الأسرى الذين يخرجون بعد سنوات طويلة وتكون زوجاتهم قد تجاوزن سن الإنجاب، يتعرضون لضغوط من الأهل من أجل الزواج بزوجة ثانية، وفي الوقت ذاته يجد الأسير أنه ومن باب الوفاء لزوجته التي انتظرته لسنوات طويلة عدم الزواج من ثانية، وبالتالي، فإن الإنجاب بهذه الطريقة تخرج الأزواج الأسرى من هذا المأزق. مدير مركز "أحرار" لدراسات الأسرى فؤاد الخفش، أكد لمراسل [color=red]"فلسطين الآن"[/color]، أن الأعراف والأديان والقوانين تضمن حق الأسير وزوجته بالإنجاب والخلوة الزوجية، إلا أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يعيشون ظروفاً مغايرة لكافة المعتقلين في العالم، موضحاً أن ذلك يعود لمحاولات ادارة السجون ابتزاز الأسرى وإهانة عائلاتهم حتى في الزيارات فكيف سيكون الأمر فيما يتعلق بالخلوة الشرعية، وفق تعبيره. وتابع بالقول:" إنجاب الأسرى بهذه الطريقة يحمل دلالتين هامتين، الأولى أن الأسرى خاصة ذوي المؤبدات، يعتبر السجن بالنسبة لهم انتهاء لمسيرة الحياة، وبنجاحهم في الإنجاب فإنهم يجددون مسيرة الحياة، ويتحدون الاحتلال، أما الدلالة الثانية، فهي الإبداع الفلسطيني في مواجهة إصرار الاحتلال على تدمير حياة الأسير". [title]تأييد شرعي[/title] وكان رئيس رابطة علماء فلسطين الشيخ الراحل حامد البيتاوي أكد أن حق الانجاب للأسير وزوجته حق طبيعي. "ولكن حينما يتعلق الأمر بإجراء عملية تلقيح صناعي، فإنه بحاجة للعديد من الإجراءات التي تضمن شرعية هذه الخطوة من خلال توفر شهود يؤكدون أن هذه النطف من الزوج، إضافة إلى توفر شهود من أهل الأسير وأهل زوجته لإثبات شرعية الطفل وقطع دابر الشائعات"، وفق قوله رحمه الله. وبين الشيخ البيتاوي أن الشرع سمح بزراعة الأنابيب للأزواج العاديين، وبذلك فإن إنجاب زوجة الأسير بهذه الطريقة هو أمر مباح وفق شروط وإجراءات تتطابق مع الأصول الشرعية في هذا الأمر. [title]خطوات مدروسة[/title] الفكرة والداعم الرئيسي لها هو الطبيب سالم أبو خيزران مدير عام مراكز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب، الذي شدد في حديثه لـ "فلسطين الآن"، على أن "المركز يتبع عدة إجراءات قبل عمليات الزراعة، تبدأ منذ لحظة عملية تهريب النطف وما يليها من فحص وحفظ للعينة ضمن شروط بالغة الدقة تراعي النواحي الشرعية والاجتماعية، أهمها وجود شهود بأن الحيوانات المنوية تعود للأب الأسير وستستقر في رحم زوجته". وأوضح أنه يتم إجراء فحوصات للتأكد من سلامة العينة، خاصة أن أقصى مدة يمكن للعينة أن تبقى صالحة هي 24 ساعة، وما نسبته 70% من العينات التي وصلت للمركز كانت صالحة، وقد تم تجميدها والاحتفاظ بها تمهيداً لإجراء عمليات زراعة. ولا يكف الأسرى عن تسجيل أسطورة تلو الأخرى لقهر السجان وللتأكيد على أن الفلسطيني لا يستسلم بسهولة لممارسات الاحتلال.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.