16.97°القدس
16.79°رام الله
16.08°الخليل
23.01°غزة
16.97° القدس
رام الله16.79°
الخليل16.08°
غزة23.01°
الأربعاء 02 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.77

خبر: قصة أمل .. كينيدي عيديدي

عثرت على قصة كينيدي عيديدي Kennedy Odede، شاب كيني نشأ في كيبيرا Kibera، أكبر أفقر حي في العاصمة نيروبي في كينيا – بل وفي إفريقيا كلها. كان كينيدي الابن الأكبر تلاه سبعُ من الإخوة والأخوات، وكان عليه إعالة العائلة طفلا فلم يتعلم حرفا ولم يعلمه أحد القراءة والكتابة. شاهد كينيدي بعينيه ماذا يفعل الفقر بالناس، من حيث الجريمة والبغاء، وعاصر فتيات عمرهن ستا من السنوات يضطررن للرذيلة مقابل تناول طعام يبقيهن أحياء، ورأى ماذا تفعل الأمراض التي تهاجم من ينتهج هذا النهج في الحياة، ولمس بنفسه سرعة انتشار مرض الايدز وكيف يقتل الحياة في أجسام المرضى به. [title]قصة أمل في حي كيبيرا[/title] كان بيت الصغير كينيدي وعائلته عبارة عن كوخ صغير من الألواح المعدنية الصدئة، حتى طرده منه زوج أمه وهدده بالقتل إن هو عاد لأن الكوخ امتلئ عن آخره بالأولاد. هام كينيدي على وجهه وبدأ يوقن بأن حياته ما هي إلا سجن كبير، لا أمل فيه، صحراء هجرها النبت والماء. رغم ضغوط العصابات عليه لينضم لها، ورغم بريق الخمر والمخدرات التي تعطي البهجة الزائفة والعبودية الدائمة، ورغم مناقشة نفسه له بأن الموت أفضل من هذه الحياة شديدة البؤس، ورغم قتل صديق طفولته على يد الشرطة لأنه فقط بدا وكأنه مجرم، ورغم انتحار صديقه الآخر، ورغم اغتصاب اثنين من أخواته، رغم كل هذا البؤس الدرامي، ظل كينيدي الصغير يبحث عن أي أمل، أي بارقة تساعده على مجادلة كل هذه الأفكار السوداوية في داخل رأسه. ثم حدث يوما أن جاد سائح أمريكي كريم على الشاب الصغير بكتابين كانا معه وهما: مجموعة مواعظ دينية ألقاها مارتن لوثر كينج، و الطريق الطويل إلى الحرية والذي كتبه نيلسون مانديلا. لكن كيف قرأ كينيدي؟ كان الفضل لرجل دين مسيحي تولى بنفسه تعليم كينيدي القراءة والكتابة. لأول مرة في حياته، وجد كينيدي نبع الأمل الذي يبحث عنه، وجد أن القرار بيده: إما الاستسلام لليأس، أو أن يبدأ السير في الطريق الطويل للحرية. عاش كينيدي حياته كلها فقيرا لا يملك المال، لكنه يوم أن بدأ العمل في مصنع قريب، بعدما تخطى العشرين من عمره، خصص أول 20 سنت أمريكي قبضها لشراء كرة قدم متواضعة، بدأ بها دوري رياضة كرة القدم لأقرانه من الشباب صغير السن، ليشغلهم بالرياضة عن الجريمة، وجعل هذا اليوم بداية تأسيسه لمؤسسة خيرية غير حكومية لا تهدف للربح أسماها شوفكو اختصارا لـ: Shining Hope for Communities والتي عمل فيها ناجون من الحي الفقير كيبرا الذي نشأ فيه كينيدي. رغم شحوب البداية، لكن تربة الخير خصبة، مدت يد المساعدة إلى كينيدي، ورويدا رويدا بدأت مؤسسته تتلقى المساعدات من دول العالم، عينية ومالية، وتلقى كينيدي منحة دراسية من جامعة أمريكية رغم أنه لم يجلس يوما على مقاعد الدراسة، وهو أتمها ونجح بتميز وكان أول شاب كيني من حي كيبرا يتخرج من الجامعة، وتزوج كينيدي من أمريكية وهبت حياتها لمساعدة المحتاجين في افريقيا، وأسس كينيدي عبر مؤسسته مدرسة فتيات في كيبرا لا تطلب أي مقابل مالي للتعلم فيها، وعيادة صحية مجانية، وحمام صحي عمومي، وهو مستمر في فعل الخير ومساعدة المجتمع البائس الفقير الذي نشأ فيه. كينيدي اليوم فاعل خير ومتحدث مفوه، يلقي الخطب في دول العالم حول الأمل ومخاطر اليأس، وكيف يمكن لمن يريد تغيير مصيره أن ينجح. أكثر ما يقلق كينيدي هو أن نتراخى ونتكاسل لكون نيلسون مانديلا خرج من سجنه وأصبح رئيسا، ثم مات حرا، فالأحياء الفقيرة لا زالت كما هي، وهي سجن الأحياء ومقبرة الأمل ونهاية الطريق لكثير من سكانها. الصراع ضد الفقر والجريمة لا ينتهي حتى نموت، ويجب ألا نتوقف يوما عن تحسين حياة الناس في كل مكان. على الجانب: هذه قصة فقير من أفقر بقاع افريقيا، حتى لا يقول قائل هذه أمريكا أو أوربا أو الغرب أو مالي أراك منبهرا بالغرب الكافر. نعم، ساعده قسيس وساعدته أمريكية، لأننا معاشر المسلمين لم نمد له يده المساعدة قبلهم وهذا عيب علينا لا عليه. في المرة التالية التي تقابل فيها أي افريقي أسمر في حياتك، تذكر الفارق بين نشأتك ونشأته، حياتك وحياته، ولذا أرجو أن تحرص على أن تظهر له الصبر في نقاشك معه، والتفهم في تفسير قراراته، فهو لم يفعل أي شيء ليأتي إلى هذه الدنيا افريقيا أسمر تقتله الشرطة فقط بسبب لون جلده، وأنت لم تفعل أي شيء في حياتك لتأتي عربيا أبيض، والعاقبة للتقوى. الآن، أرجو أن تساهم هذه القصة في تراجع ولو شاب واحد عن أي أفكار سلبية، وأن تساهم في تقوية إيمان مؤمن ينازعه الشيطان.