21.6°القدس
21.27°رام الله
19.97°الخليل
26.04°غزة
21.6° القدس
رام الله21.27°
الخليل19.97°
غزة26.04°
السبت 03 اغسطس 2024
4.87جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.87
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.81

خبر: "مصالحة" ..أفراد عائلة جود الله في سجون السلطة

كغيرها من العائلات الفلسطينية المناضلة قدّمت عائلة جود الله أفرادا منها في سبيل الله والوطن، لكن لم يحصل معهم هذه المرة كما كان من المفترض أن يحصل لبقية العائلات الفلسطينية التي ضحّت بأساسها وهم " الأم والأبناء " بين شهداء ومعتقلين، لتكون المكافأة اعتقال الأشقاء الأربعة واستدعاء والدهم وزوجته للتحقيق في سجون الأجهزة الأمنية بدلاً من تكريم هذه الأسرة المناضلة. يتنقل الحاج أبو محمد بين بيته وبيوت أبنائه المعتقلين محمد، عبد الله، أنس وياسر في محاولة منه لحمل عبئ ثلاث عائلات غاب عنهن الأب، ليبقى الجد الذي لا حول له ولا قوة في تدبير شؤون عائلته وأحفاده . يدخل المنزل فلا يجد غير أحفاده يهرعون إليه حال وصوله ليسألوه عن آبائهم المعتقلين وأعمامهم، فيضيق صدره في ذلك المنزل المتسع والخالي من أنفاسهم ليرد عليهم بابتسامة :" قريبا سيعودون " . [title]تضحية الأسرة في سطور[/title] لم يشفع لأبناء عائلة جود الله الأربعة أنهم كانوا أسرى في سجون الاحتلال، وأبناء الشهيدة سعاد صنوبر وأشقاء الشهيد أحمد جود الله الذي اغتالته قوات الاحتلال في عملية جبانة داخل مدينة نابلس عام 2002واستشهد برفقته المجاهد علاء مفلح، بعد أن أذاق العدو صنوفا من العذاب بعملياته الجريئة والنوعية والتي أسفرت عن قتل سبعة جنود صهاينة وإصابة آخرين. بعد أقل من ثلاثة أشهر على استشهاد أحمد لحقت به والدته سعاد صنوبر عندما كانت هدفا لكمين نصبته قوات الاحتلال على مدخل نابلس الغربي حيث أطلق الجنود النار بكثافة على السيارة التي كانت تستقلها برفقة المجاهد أيمن الحناوي وابنها عبد الله لترتقي الأم المجاهدة سعاد صنوبر "أم محمد" شهيدة مع أيمن الحناوي، ويصاب عبد الله الذي استشهدت والدته أمام عينيه بجروح ،و يقع في قبضة جنود الاحتلال ويحكم عليه بالسجن لعدّة سنوات . [title]تكريم الأسرة المناضلة باعتقال أفرادها[/title] لم يتوقع الحاج أبو محمد جود الله أن يُقابل ثمن تضحيات عائلته للوطن باعتقال أبنائه الأربعة من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتهديده وزوجته بالاعتقال والاعتداء عليهم وسط منزلهم، لتكون هذه الحادثة الأصعب عليه وعلى كافة أفراد أسرته، فقد تأثرت بسببها صحته وتراجعت دون أن يجد الوقت الكافي ليعالج نفسه خوفاً من المكوث في المشفى وترك بيته وبيوت أولاده دون رجل يحميهم بعد اعتقال كافة أبنائه. قول الحاج أبو محمد :" قاموا باعتقال ابني الكبير محمد قبل العيد بأيام ووضعوه في العزل الانفرادي وحرمونا من زيارته، وهو أب لطفلين حُرما من فرحة لقاء أبيهما بالعيد، وبعد أيام اعتقلوا ابني الأصغر ياسر والذي خسر الفصل الدراسي في الجامعة بسبب هذا الاعتداء، وآخر مرّة اقتحموا البيت واعتقلوا أنس وعبد الله اللذان كانا معتقلان سابقا في سجونهم وعند الاحتلال لعدّة مرّات، وكانت هناك نية لاعتقالي أنا أيضا لكنهم تراجعوا في اللحظة الأخيرة ". ويضيف :" كنا نعتقد أن يأتوا إلينا ليشكرونا على ما قدّمناه، مع أننا لا ننتظر الشكر على تضحياتنا، إلا أننا لم نتوقع اعتقال أبنائي الأربعة والسبب أنهم يقولون :" لا إله إلا الله ". [title]رعب الاقتحام[/title] قد تبدو طريقة اعتقال الأجهزة الأمنية لأفراد عزل أكثر قسوة من اقتحام اليهود لمنازل الفلسطينيين من أجل التفتيش أو الاعتقال، ومن هذه المُنطلق يستغرب أبو محمد كل هذا العنف الذي بدر من أفراد الأجهزة الأمنية عند اقتحام منزله قائلا :" لا يوجد سبب يستدعي دخول الأجهزة الأمنية بهذه الطريقة إلى داخل المنزل دون احترام لحرمته والتهجم عليّ وعلى أبنائي ومحاولة ضربي رغم أنني بعمري هذا يجب أن يعاملونني بلطف على الأقل لأنني بمقام والدهم، وهم بعمر أبنائي". ويضيف:" تهجمَ عليّ الضابط الملازم (ر . ج ) وصرخ بي وكان يريد ضربي، وعندما تدخل أبنائي لمنعه من محاولة إهانتي تعرضوا لما تعرضتُ له، ونتيجة لذلك أغمي على زوجة ابني ومنعونا من نقلها للمشفى رغم صعوبة حالتها الصحية". ويتابع :" عندما كان يأتي الصهاينة لاعتقال أحد أبنائي كانوا يخرجون الرجال من البيت ويبقون على النساء والأطفال في غرفة كي يفتشوا البيت، لكن أستغرب أن أبناء شعبي الذين هم بمثابة أبنائي ولا أفرقهم عنهم، ومن المفترض أن يكونوا على علم بتقاليد شعبنا وعادته، يقتحمون البيت بطريقة ترعب الأطفال والنساء، ولا يفسحون مجالاً لهن لارتداء ملابسهن كون الاقتحام يكون ليلاً رغم علمهم بوجودهن بالمنزل". [title]مصادرة الأموال ومقتنيات المنزل[/title] تفتيش البيت ومصادرة محتوياته أمرا لم يجد له أبو محمد تفسيرا، حيث قال:" بعدما فتّشوا المنزل كاملاً وعبثوا بمحتوياته أخذوا أموالنا، بحيث صادروا نقود ابني أنس ( 3915 دينار) والتي وفرناها له من معاشه أثناء اعتقاله عند اليهود كي يتزوج بها، بالإضافة إلى أخذ "الماتورسجل" الذي كان لابني الشهيد أحمد، وأعتبره ذكرى عزيزة على قلبي ، مع علمهم أنه لا يعمل أبدا، ولا يفيد بشيء". ويضيف:" عندما أخذوا "الماتورسجل" شعرت أنهم انتزعوا مني إبني الشهيد أحمد وذكراه، وكأنهم أخذوا ولدي الخامس، فهو الذكرى الوحيدة المتبقية منه ". [title]تُهم واهية[/title] أنس، محمد، عبد الله وياسر كغيرهم من شباب الضفة الغربية الذين تعمل الأجهزة الأمنية على اعتقالهم وتعطيل حياتهم الشخصية والعملية دون وجود تهمة تستحق أن يقضوا أجمل سنوات عمرهم داخل المعتقلات الفلسطينية، ففي الوقت الذي تعتقل فيه الأجهزة الأمنية أفراد شعبها بحجة الأمن، يذكر أهالي المعتقلين أسباب واهية لاعتقال أبنائهم ربما تثير في سامعها شهية الضحك والحزن في الوقت ذاته . عندما سألنا أبو محمد عن التهم الموجهة لأبنائه الأربعة، قال لنا في البداية أن كل ما يفعله أبناءه قول "لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " والبقية عندكم، أما التهم الأخرى فهي حيازة سلاح، والغريب بالأمر أنهم فتشوا البيت ولم يجدوا أي أثر للسلاح، وربما كان العقاب على صورة التقطتها لابني أنس عندما كان طفلا مع سلاح ابني الشهيد أحمد، وقد سُجن بسببها عند اليهود ". [title]الأجهزة الأمنية فوق القانون[/title] لا تأخذ الأجهزة الأمنية بالبراءة التي يصدرها القضاء بحق المعتقلين السياسيين، ولا تفرج عنهم بكفالة رسمية وواضحة من المحاكم الفلسطينية. أبو محمد سعى جاهدا لإخراج أبنائه من المُعتقل وتوجه للقضاء كي ينصفه لكنهُ تفاجأ أن الأجهزة الأمنية فوق القانون وتضرب بقرارات الإفراج والكفالة عرض الحائط . يقول أبو محمد:" أبنائي يقبعون في زنازين انفرادية تفتقر لأدنى المقومات الصحية، ونحن نعاني من صعوبة زيارتهم، فقد منعونا في البداية، وعندما كانوا يسمحوا لنا كان ذلك يتم بوجود الضابط والمحققين ولدقائق فقط، وأحيانا لا يسمحون لنا إلا بالتسليم عليهم، وبعد تفتيش النساء تفتيشا كاملا ، وحالة أبنائي الصحية في تدهور مستمر وتوحي أنهم يتعرضون للتعذيب". ويضيف:" بعدما نزل محمد للمحكمة حاولنا إخراجه بكفالة، وبعدما وافقت المحكمة على ذلك عدنا فرحين جدا، فقمتُ باصطحاب زوجته وأبنائه إلى مقر الأمن الوقائي بعدما أنهيت إجراءات الكفالة وانتظرانا ساعات طويلة تحت المطر، لنفاجأ فيما بعد أنهم رفضوا الإفراج عنه رغم وجود أمر قضائي بين يدينا ، وكذلك الأمر مع ابني ياسر، وافقت المحكمة على الكفالة ورفضت الأجهزة الأمنية إخراجه ". [title]ارحموا الشعب[/title] بعدما ترقرقت الدموع في عينيّ أبو محمد شوقا لأبنائه، وجه كلماته الأخيرة للسلطة قائلا:" ارحموا الشعب فنحن لا نستطيع أن نهان أكثر، ولن نقوى على انتهاك حقوقنا، ونطالب بمصالحة حقيقية أرى ثمارها على أرض الواقع بخروج أبنائي وأبناء الشعب من معتقلاتكم، شعبنا قدم الكثير من التضحيات ولا زال ينزف بسبب هذه الممارسات، نحن يجب أن نكون يد واحدة في خندق واحد ضد الاحتلال الصهيوني، وإلا من تُراه يستطيع أن يضع حدا لهذه التجاوزات التي ضقنا بها ذرعا ؟". ويضيف :" لا يوجد سبب مقنع لهذه الاعتقالات، وما هذه الوسيلة إلا طريقة لتكريه أبناء الشعب ببعضهم البعض وزرع الضغينة بينهم، نحن لم نندم على تضحياتنا ونرفع رؤوسنا فخرا لما قدمنا، ونحسب شهدائنا في الجنة والسجن كفارة بإذن الله، لكن من غير المعقول أن نُعذب من أبناء ملتنا في الدنيا، يحاسبوننا على الأيام الماضية، ألم يطلبوا منا بأنفسهم أن نقاتل أيام الاجتياحات والحصار لندافع عن وطننا وعن أنفسنا؟ ". في الوقت الذي يجتمعون به لينهوا خلافا طالت معاناته معظم أبناء الشعب، ودفعوا ثمنه وشرب الاحتلال نخبه،لا زالت عائلة جود الله تنتظر لحظة المصالحة الحقيقية كما هي حال العشرات من العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية والتي لا زال أبناؤها معتقلين لدى الأجهزة الأمنية ، فجميعهم ينتظرون لحظة الإفراج عنهم حتى يصدقوا أن هناك شيئا اسمه مصالحة .