25.06°القدس
24.03°رام الله
24.42°الخليل
25.25°غزة
25.06° القدس
رام الله24.03°
الخليل24.42°
غزة25.25°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: من يضيء غزة؟!

تحدت غزة الصامدة برجالها ومقاومتها الباسلة الحصار الشديد وإغلاق المعابر، وواجهت ثلاث حروب شرسة مع العدو الصهيوني، فقد استعصت على العدو خلال تصديها لهذه الحروب، أولها الحرب الأولى عام 2008-2009م (معركة الفرقان)، ثم حرب حجارة السجيل عام 2012م، ثم الحرب الأخيرة (العصف المأكول) التي وقعت العام الماضي 2014م. وقد نال غزة ما نالها خلال هذه الحروب التي استخدم العدو فيها أطنانًا من الألغام والمتفجرات، وراح خلالها أكثر من 2200 شهيد، وأصيب أكثر من 15 ألف مواطن، وكثير من المؤسسات والمدارس والطرق والبنى التحتية دمرت خلال هذه الحروب، مع ذلك لم ترفع غزة الراية البيضاء، ولملمت جراحها فيها الحياة من جديد، وخرجت غزة أكثر صلابة وتحديًا، وتواصلت عليها المؤامرات من البعيد والقريب، واشتدت عليها الأزمات الاقتصادية والمعيشية، واستمر الحصار يضرب أطنابه في هذا البلد الصغير. أما الحرب الصهيونية الأخيرة التي استمرت 51 يومًا فقد خطط العدو أن يدمر فيها قطاع غزة كليًّا، ويقضي على معاني الحياة والصمود فيه، فشدد من ضرباته الجوية والبحرية والبرية، لكنه واجه مقاومة عنيدة استخدمت تكتيكات وإستراتيجيات حربية جديدة، مع ذلك لم يفلح العدو الصهيوني في تحقيق مآربه من الحرب على غزة وانتهت دون أية نتائج تذكر، بل حققت المقاومة الكثير من الإنجازات ونفذت عمليات نوعية خلف خطوط العدو. اليوم غزة بعد أربعة أشهر من انتهاء الحرب تواجه حربًا من نوع آخر ترمي إلى الإبقاء على القطاع مدمرًا محاصرًا دون أية حلول تلوح بالأفق، لذلك استخدم العدو ورقة الإعمار ورقة ضاغطة، ووضعت آليات خاصة لإدخال مواد الإعمار بالاتفاق مع الأمم المتحدة، ورقابة على إدخال المواد إلى القطاع، بعد الحصول على أسماء المتضررين، والموافقة على تسليم مواد البناء إليهم، والأدهى من ذلك أن هذه المواد _خاصة الأسمنت_ لا تصلح للأعمال الخرسانية الكبيرة، وهذا وحده يخلق مشاكل كثيرة لأصحاب المنازل المتضررة، فضلًا عن أن كميات الأسمنت التي تدخل من الحواجز الصهيونية قليلة ولا تفي بالحاجة. إن قطاع غزة اليوم يعيش الكثير من الأزمات، وعلى رأسها عرقلة إعادة إعمار القطاع، ثم أزمة الكهرباء، إذ تزداد الأمور سوءًا، خاصة بعد تدمير محطة الكهرباء خلال العدوان، لتصبح مواعيد وصول التيار الكهربائي إلى مدن القطاع قليلة (4-8) ساعات يوميًّا، ما يولّد كثيرًا من المشاكل والأزمات للمواطنين، واليوم الكون يتطور ويمر بتغيرات سريعة، وغزة تبحث عن من يضيء الكهرباء في شوارعها وأزقتها. إن الهدف الرئيس من استمرار أزمات قطاع غزة هو العمل على شغل الغزيين عن المقاومة، أو التفكير في المقاومة، أو مشروع التحرير، وكسر عزيمة وصمود أهالي القطاع؛ ليستطيع العدو ومن يدورون في فلكه التفكير بهدوء في تدمير المقاومة الفلسطينية والحدّ من قدراتها العسكرية، والحدّ من تطور هذه الطاقات، خاصة بعد رصد الكيان الصهيوني تجارب إطلاق صواريخ نفذتها كتائب القسام في عرض البحر، ورصده طائرات الأبابيل القسامية في سماء بلدات الـ(48) المحتلة. كل السياسات الصهيونية الخرقاء في التعامل مع قطاع غزة لن تهزم غزة ولن تكسر عزيمة أهلها، ولن تثني المقاومة الفلسطينية عن السير قدمًا في مشروع التحرير، وتطوير أهداف وإستراتيجيات العمل العسكري الفلسطيني، خاصة أن حسابات الخوض في معركة جديدة مختلفة هذه المرة لدى العدو، وسط الأزمات الكبيرة التي تعيشها بلدان الإقليم، وما لم يحققه العدو الصهيوني في معاركه العسكرية الخاسرة مع القطاع لن يحققه في المعارك الاقتصادية مع غزة، ويدرك الجميع أن العدو الصهيوني يعيش الآن في أوضاع داخلية صعبة وعلى أعتاب مرحلة انتخابية جديدة، وهناك تنافس كبير بين الأحزاب، وتكون غزة على رأس أولويات كل حزب، وربما يقدم رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو على معركة عسكرية مع غزة قد تكون قصيرة المدى، وذلك لكسب أصوات الناخبين، ولكن يبدو أن نتنياهو لا يعلم أن الحرب الأخيرة على القطاع وفشله في تحقيق أهدافها سيجلبان له الفشل السياسي والسقوط إلى الهاوية، مثله مثل من سبقه من القادة الصهاينة، فقد أسقطت الحروب على غزة شارون وبيرس وإيهود أولمرت وباراك، وأنهت تاريخهم العسكري ووجودهم السياسي. أمام هذه الأوضاع الصعبة في القطاع المطلوب منا توحيد صفنا وتوحيد خطابنا الإعلامي، وإنهاء آثار الانقسام البغيض، وحل المشاكل التي تواجه القطاع الحكومي الفلسطيني، وعلى رأسها ملف الموظفين، ودمج المؤسسات الفلسطينية، من أجل المعركة القادمة، خاصة أن الدبلوماسية الفلسطينية خاضت معركة مشروع إنهاء الاحتلال، وووجهت بـ(الفيتو) الأمريكي، ثم التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذه تحتاج منا _أيها الفلسطينيون_ إلى جهود كبير؛ من أجل تفعيل الكثير من الملفات والقضايا ضد الكيان الصهيوني، والعمل على تقديم السجلات الإجرامية للقادة الصهاينة، والمطالبة بمحاكمتهم وملاحقتهم في كل مدن العالم. غزة تعيش الآلام والأحزان يوميًّا، لكنها من أكثر البلدان أمنًا، وهذه القيمة يفتقدها المواطن العربي في الكثير من البلدان العربية، مثل: سوريا والعراق واليمن. إلى الملتقى.