وسط أحزان غشيتنا جميعًا من قيام بعضنا بإحراق المجمع العلمى بما فيه من تراث نادر ثم إشارتهم بعلامة النصر، جاء صوت الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة من باريس، فى اتصاله الهاتفى بالإعلامية منى الشاذلى فى برنامجها مساء الاثنين الماضى، ليخفف فاجعة هزتنا جميعا ويشعرنا بأن لنا أهلا يحبوننا ولا يجدون غضاضة فى القول بأنهم يحبون مصر وأن جميلها يطوق أعناقهم. أعترف بأن دموع الحزن على المجمع غسلتها الكلمات الرائعة من رجل اشتهر بحبه لمصر وتراثها وتاريخها، معلناً على الهواء بأنه سيتكفل بإعادة بناء المجمع العلمى، وأن فى مكتبته الخاصة عددا كبيرا من المخطوطات الأصلية التى احترقت سيقدمها هدية لمصر وأبرزها كتاب "وصف مصر" والمجلة الدورية التى تعود إلى عام 1860، وأنه طلب حصرًا دقيقًا للكتب والوثائق التى احترقت حتى يستطيع تعويضها. كان اتصال الشيخ القاسمى مفاجئا وغير متوقع، وما لا تعلمه الإعلامية منى الشاذلى وكثيرون، أنه يقضى فترة نقاهة فى باريس بعد عملية جراحية أجريت له هناك، ندعو الله له بالشفاء. رغم ذلك كان متابعا لمصر ولأحوالها وأخبارها، يملؤه القلق عليها.. وبمجرد علمه بحرق المجمع العلمى، اتصل بالحكومة المصرية طالبا تأمين ما تبقى من كتب ومخطوطات حتى لا يعبث بها أحد، وأن يتم نقلها من مقرى مجلس الوزراء ومجلس الشعب إلى دار الوثائق التى يقوم الشيخ القاسمى ببنائها فى عين الصيرة بأحدث تقنيات الحماية والأمان. قال القاسمى إنه سيهدى مصر المخطوطات النادرة والنسخ التى لا توجد سوى فى مكتبته الخاصة بعد احتراق مثيلاتها فى المجمع العلمى. كما طلب وصفا كاملا للكتب التى احترقت، وستقوم دار الوثائق المصرية بجرد لها حتى يتمكن من استرجاعها جميعًا. وعقب على هذا الكلام بقوله "ما يصيب مصر يصيبنا، وهذا جزء من رد الجميل وخاصة أبناء الشارقة، فالمصريون علمونا ببعثة علمية جاءت إلينا عام 1954 ثم أكملوا الطريق لنا فى جامعاتهم بالقاهرة والإسكندرية وعين شمس، ونحن لا نستطيع رد الجميل مهما عملنا لا يكفى لرد الجميل". واستطرد "إن شاء الله نحفظ تراث مصر كما حفظت هى الأمة العربية وبذلت الغالى والرخيص، ونحن لا ننسى موقفها فى الكويت وهذا لا يساويه شىء". احتراق المجمع العلمى بفعل من يُطلق عليهم تسمية "ثوار" - وهم ليس إلا همج ومدمنو مخدرات - مثير لكثير من الريبة.. وبما أن المقدمات تؤدى دائما إلى استنتاجات صحيحة، فإننا نتوقف كثيرا عند ما يتم تناقله على نطاق واسع بأن الإعلامى خيرى رمضان أذاع خبر حرق المجمع وقدم تقريرا تفصيليا عنه وعن أهميته وتاريخه فى برنامجه بقناة cbc الساعة 8 و25 دقيقة مساء يوم الجمعة الماضى، أى قبل حدوث الحريق فعليا بـ12 ساعة! وفى المؤتمر الصحفى الذى عقده اللواء عادل عمارة يوم الاثنين سألته إحدى الصحفيات عن ذلك ولماذا لم ينتبه الجيش فيشدد الحراسة عليه.. وللأسف جاءت إجابته عائمة لا معنى لها، فقد تحجج بالظروف المحيطة، وهو أمر غريب.. فالظروف التى جعل منها مبررا للإهمال هى داع لأخذ الحذر والحيطة والدفع بحراسات أكثر، فمهمة الجيش فى هذه المنطقة حماية المبانى الحيوية. كما أن إجابته كانت بلا معنى أيضًا على سؤال الزميل محمود بكرى، الذى كان واضحا وصريحا للغاية بشأن ما سيفعله المجلس العسكرى تجاه القنوات الفضائية التى تؤجج الفتن وتشعلها. رد بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يلجأ لتكميم الأفواه.. فهل الفتنة وممارسة التضليل المستمر وتحريض المتظاهرين وإعطاء شفرات للمبانى الهامة لكى يحرقها أولاد الشوارع تعتبر أفواه رأى لا يجوز تكميمها؟!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.