28.33°القدس
27.97°رام الله
27.19°الخليل
30.51°غزة
28.33° القدس
رام الله27.97°
الخليل27.19°
غزة30.51°
السبت 03 اغسطس 2024
4.87جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.87
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.81

الأسيرة الأوكرانية أرينا سراحنة

خبر: في انتظارك يا بطلي "مذكرات أسير"

دخلتُ إلى هذا المعتقل، منذ تسع سنوات، تحديدًا في يوم 23/5/2002، ثم حكم عليّ ذلك المحتل بالسجن لمدة 20 عامًا، وأنا لم أجد تهمة أحكم عليها أنا وزوجي، فما التهمة إلا مساعدة زوجي في نقل الاستشهادي "عيسى بدير" لتنفيذ عملية استشهادية، وهل المساعدة في إيصال الحق تهمة، تسع سنوات مضت، أعدها عدًّا باليوم والساعة والدقيقة، "فراقات" كثيرة مررت بها منذ قررت السير في طريق المقاومة، حتى دخلت هذه الزنزانة، وأفقت على وجع أم بعيدة عن أهل، ووطن، وابنتين رضيعتين، ابنتاي اللتان تقفان في بقعة أخرى بين الفراق والفراق؛ فكل منهما تعيش في كنف جدة مختلفة عن الأخرى، ياسمين تعيش مع أمي في أوكرانيا، وغزالة تعيش مع جدتها في الدهيشة، وكل ما تجمعني بهما خيالات لوحات زيتية، أتقنت رسمها بأناملي، فأصبحت ونيسًا لي في وحشة الزنزانة التي تفجرت فيها أشواقنا. لا أدري كم من الأوجاع أستطيع أن احتمل، أو كم من الأوجاع تحملت في تلك السنوات، أوجاعي، ثم أوجاع زوجي إبراهيم المعتقل في زنزانة قريبة بعيدة عن ذلك الجدار الذي يفصلنا هنا في هذه العتمة. لكنها بقعة ضوء تضيء من بعيد، منذ اختطاف ذلك الأسير الصهيوني، تتسع كل يوم في قلوبنا، وتضيء عتمة الزنزانة، وترسم أحلامًا، أسيّرها في حياتي المظلمة، وأعتاش منها، ربما كان إبراهيم أيضًا في تلك الصفقة، ربما سنخرج، لنزرع على شفاه ابنتينا فرحة هربت منذ سنين، لكنه لم يكن. إنه اسمي إذن، سأخرج دونه أيضًا، لكنه الضوء القادم من بعيد، حلمت به في كل ليلة، يتسع ليفتح بابًا إلى الحرية، يخطر في بالي الآن من ضحوا بحياتهم وحملونا على أكتافهم حينما أسروا ذلك الأسير شاليط، فأراهم يركضون أمامنا إلى الجنة، تدلهم أعمالهم ودماؤهم الزكية على الطريق، أشتم روائح دمائهم العطرة، وقد أصبحوا شهداء الآن، وأدعو لهم بأن يوسع الله في قبورهم، ويزرع الفرحة في صدور أمهاتهم كما زرعوا تلك الفرحة في قلبي. أذكر يوم صدور ذلك الحكم بإبعادي إلى أوكرانيا، إنه اعتقال آخر، شعرت يومها كيف يكون الرفض عزةً، ومجدًا وتاجًا مرصعًا فوق رؤوسنا، لا أرضى بحكم يبعدني عنك يا إبراهيم، ولا عن ابنتي التي تنتظر خروجي بصبر نافذ، ولا عن وطن بلغت فيه أقصى مناصب المجد، إنهم أهلي، إنهم عائلتي، أنا البطلة زوجة البطل، آثرت البقاء خلف الزنزانة، لن أخرج من مهانة إلى مهانة، لن أقبل بحكم يبعدني عن قضية راهنت عليها، لتبقي هي، قضية حق، ولأبقى أنا خلف الزنزانة. ولكن..هاهو يأتي الفرج، إنه يوم الإفراج، في حافلة الحرية أجلس، تفصلني عن الحرية بعض دقائق، إنها أطول كثيرًا من تلك السنوات التسع التي مرت، فيها أختلس نظرة إلى الوراء، فأرى إبراهيم كعادته مبتسمًا من خلف قضبان زنزانته، يرسل أشواقه، ولا ينسى أن يحمّلني بعضًا من همومه، أحفظها عن ظهر قلب كما أحفظه، تؤرقني تمامًا كما تؤرقه، بها أعيش، وبها أقوى على مواجهة محتل لا يمل ولا يكل، أنا التي اعتدت تحمل أصناف الهموم، أنا التي أبتسم الآن وأفرح، فسأحتضن ابنتاي بعد دقائق، وقد كنت أظن أن الفرحة قد تخطتني منذ زمن طويل، لقد كبرت ابنتاي الآن، هل يا ترى سأتعرف على ملامح وجهيهما، هل ستتعرفان على وجهي، أم أن سوداوية المعتقل غيرت ملامحه. دلتني على وجهيهما رسالة ابتسامة واحدة من شفاههما الصغيرة، تسرع قدماي، تركض نحوهما، تبكيان، تصرخان، مثل زهرتين جميلتين، أحتضن أيديهما الصغيرة، أقبلهما، أبكي، أصرخ، أنظر إلى ضوء الشمس الساطع من بعيد، أرسل له أشواقي، يعلم تمامًا، وجعي، أنا هنا أستنشق نسائم الحرية، وأبعث عهدا لك يا إبراهيم، مع قبلاتي المشتاقة، سأبقى أنتظر هنا، صبرًا يا إبراهيم، فحتمًا سيأتي الفرج يومًا. [title][url=http://paltimes.net/details/news/7899/%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AA-%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html]قصة الأسير المحرر إياد عبيات[/url][/title]