25.52°القدس
25.01°رام الله
25.53°الخليل
26.22°غزة
25.52° القدس
رام الله25.01°
الخليل25.53°
غزة26.22°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: فهمت عن ربي درسي من القرآن

كنت وما زلت مولعة بالتاريخ أدرسه محبة قبل الواجب الدراسي وفي التسعينيات كان امتحان الثانوية في مادة التاريخ في كتاب كامل لكل فصل، وكان من عادتي في أثناء الامتحانات ان أقرأ صفحة واحدة من القرآن من باب الفرض وعدم الهجر وابقاء الصلة والبركات اللانهائية، في الفصل الأول أحكمت دراستي وقرأت صفحتي اليومية وحصلت على ٥٩/٦٠ للآن لا أعرف اين ذهبت العلامة! فصممت على العلامة الكاملة في الفصل الثاني، وفعلا كنت اعرف المنهج كاسمي ولكني قبل يوم الامتحان التحقت بالتسميع، فقررت تأجيل الصفحة لليوم الذي يليه على ان أقرأ اكثر وهكذا فعلت مع اني لا بد قمت في ذلك اليوم بالاكل والشرب حتى النوم، ولكن بدا لي ان تأجيل صفحة القرآن وتعويضها ممكن وجاءت علامة الفصل الثاني فكانت أقل بعلامة من الفصل الاول ٥٨/٦٠ مع ان دراستي كانت أفضل، أنا أعلم أن الله لم يعاقبني فهو الرحيم الغفور والغني ايضا عني وعن صفحتي وجزئي، ولكنه اراد ان يفهمني فضل القرآن ويجعل لي علاقة خاصة وثيقة لا تنفصم بأي حال من الاحوال، هذا ما يسميه الراشد بالملاطفات أو المعاكسات الربانية والدروس الجميلة الودودة التي تحمل معنى الحرص عليك وعلى إيمانك. وبارك الله في معلماتنا فلهن فضل كبير بعد الله في علاقتي وعلاقة كثير من زميلاتي بكتاب الله؛ حيث ربيننا ان القرآن والصلاة ليسا فرائض انهما كعناصر الحياة الرئيسية كالماء والهواء والغذاء، لو انقطعت عنك فإنك تموت حقيقة لا مجازا جسدا وروحا، ليست البركة ولا حتى الاجر او العمل كل هذا كان جزءا من تربيتنا على التعلق بالقرآن، ولكن الدرس الاهم انه جزء من تكويننا الانساني، من تركيبنا الجيني فالله علمنا القرآن في سورة الرحمن حتى قبل خلقنا فجاء في العروس «الرحمن علم القرآن خلق الإنسان» وكأنه عنصر أساسي في فطرتنا، في جبلتنا فمن البشر من يعنى به حتى يكون من السفرة البررة وحتى الضعيف المتعتع حبيب لله على ضعفه، فالقارىء للقرآن لا ينفع الله بشيء، إنه يتوحد مع جميل صفاته ومكونات تميزه، وفرادة روحه عن البشر أجمعين، إن علاقة المرء بالقرآن كبصمة إبهامه، وعظمته(عجب الذنب) التي يُجمع منها يوم القيامة أشياء متميزة لا يشابهه فيها أحد، قراءته، صوته، تفاعله، دمعة عينه، قشعريرة جلده، رجفة قلبه كلها مشهودة من الله كل مرة ومع كل قراءة «وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن.. إلا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه». لقد أدرك ابن مسعود هذه العلاقة الجمالية الخصوصية والفهم والذائقة فقال «اذا وقعت في الحواميم فإنما أقع في روضات دمثات أتأنق فيهن» والوصف ظلاله احتفالية وترويحية ورحمانية بالرغم ان سور الحواميم فيها من آي الترهيب الا أن قارئ القرآن الفطن كالطائر يطير ويرتفع بالحب والخوف والرغبة والرهبة معا جميعا. القرآن دستور جماعي لا ريب ولكنه ايضا خطاب فردي نزل على القلب كما وصف رب العزة الذي اختار القلب خصوصا ليكون موطن النزول الاول، ثم يتبعه او يسير معه التفاعل العقلي ليكون لكل امرئ لونه التفاعلي الخاص مع القرآن، وهكذا كان جيل الصحابة فمنهم من كان يُغشى عليه من الخشوع ومنهم من كان يأخذ الكتاب بقوة وحزم في الدين. إن القرآن كتاب تقرؤه على مكث ولا تستغني عنه وأنت في أتون الحرب، تتجلى به ومعه اذا فرغت ولا تتركه في عز الانشغال، في حلك، في ترحالك، في فرحك، في ترحك تذكر مددك وتذكر انك بدونه ستقف في منتصف الطريق، «ستكربج» روحك، و»تسكرب» قوتك، ويصدأ وعيك أما صاحب القرآن فهو لا يخرف، لا يخرف في أي شيء وان أصابه شيء من الوهن. فهلا فهمنا ما ندعو به عندما نقول»اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا؟» إنك من غير الربيع على شفا حفرة من اليباس والصفرة والموت. نعم.. هذا أنت من غير القرآن. من يوم امتحان التاريخ والعلامة الضائعة لم أترك الصفحة ولو كانت الدنيا تموج بالأشغال ولم يبق من اليوم الا دقيقة..