انتهت المرحلة الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية، وقد حقق التيار الإسلامي فوزاً فيهما بنسبة 70%، وينتظر الشعب المرحلة الثالثة من الانتخابات في الأسبوع الثاني من شهر يناير 2012، وثمة من يشعر بالاطمئنان إلى أن المرحلة الثالثة ستمضي بخير كالأولى والثانية رغم المشاغبات والعراقيل، وهناك من يشعر بقلق أكبر كلما اقتربنا من الانتهاء من الاستحقاق البرلماني، وقرب انتقال الحكم من المجلس العسكري إلى الحكم المدني، أو الحكومة المدنية المنتخبة. انتهت المرحلة الأولى والثانية، ولم تنته الحملة الإعلامية الداخلية والخارجية التي تخوّف الشعب المصري، وتخوّف الغرب من حكم الإسلاميين. وهذه التخويفات تُصاغ من خلال رسائل إعلامية مسكونة ببرامج مستقبلية لإعاقة سلاسة الحكم في المرحلة التالية، على قاعدة دعوا الإخوان والإسلاميين يتحملون مسئولية الحكم من أجل أن يفشلوا ومن أجل إطفاء بريقهم. معركة التخويف لا تقف عند الغرب، وعند دول الإقليم، أو عند طائفة الأقباط، أو عند التيارات الليبرالية والعلمانية، لأن جزءاً أهم من هذه المعركة يتكون من مجموعة رسائل موجهة إلى داخل الصف الإخواني على قاعدة أن (الحكم عبءٌ)، ولاسيما من حيث (المال، وحاجة مصر إلى مساعدات غربية، وأموال أمريكية لمواصلة التنمية، وتوفير استحقاقات الحياة)، حتى باتت مجموعات محبة للإخوان تبدي شفقة على تجربة الإخوان القادمة في الحكم، ولسان حالها يطلب الحذر من تسلم مسئولية الحكم؟! أو يطلب عدم التورط في الحكم؟. (الحكم ليس عبئاً مع الإرادة والإدارة الرشيدة)، وما يمكن أن يكون عبئاً على الإخوان هو عبء بدرجة أكبر على غيرهم من الأحزاب الليبرالية واليسارية، لو حكمت في هذه الظروف. الإخوان حظهم أفضل للنجاح في هذه المرحلة بسبب الدعم الشعبي الغالب لهم، وبسبب قدرتهم على تحقيق الحكم الرشيد الذي يمنع (فساد المال وفساد الإدارة)، لأن للإخوان هدفاً كبيراً يقوم على تقديم النموذج البديل لأنظمة الحكم المستبدة والفاسدة مالياً وإدارياً. لا تخوّفوا الإخوان بالحكم، ولكن خوّفوهم بالله، وبالتقوى، وتذكّروا أن يوسف عليه السلام تولى مسئولية الوزارة في مصر في ظروف أصعب من الظروف التي تواجهها مصر الآن، وتمكّن بالتوكّل، والإرادة، والإدارة الرشيدة أن يجتاز العقبات، وأن ينقذ مصر وشعبها من المجاعة التي كانت محققة في ظل الإدارة الفاسدة، والحاشية السارقة. الحكم كان عبئاً على الإخوان والإسلام عامة في ظل حكم الفرد المستبد والفساد المنتشر، ولكنه في ظل الديمقراطية الجديدة وقيادة الإخوان لن يكون عبئاً لا عليهم ولا على المسلمين ولا على الأقباط، ولا على الليبراليين ولا على اليساريين، ولن يكون مصادماً لا للغرب ولا للشرق، لأن قادة الحكم القادم يخرجون للقيادة من رحم معاناة يرفضون إنزالها بغيرهم، ويخرجون من رحم شعب أعطاهم ثمرة قلبه واستأمنهم على مستقبله، وهم لا يخونون الأمانة ولن ينقضوا عهداً وسيعملون على إقامة حكم رشيد، وسيغالبون المعوقات حتى يغلبوها. قد يواجهون في السنوات الأولى عقبات، ومناكفات، داخلية وخارجية لمنعهم من تقديم نموذج بديل يغري الشعوب الأخرى بأخذ تجربة الإسلاميين، وقد يواجهون حملات إعلامية ضخمة، بدأت طلائعها تتغول على فضاء الإنصاف والعدالة في قراءة الانتخابات والعلاقة بالعسكر، والعلاقة القادمة بالأحزاب، وبالرئاسة وبالدستور، ولكن هذه العقبات والمناكفات والحملات الإعلامية ستتآكل من داخلها كما تأكل النار بعضها حيث يقدم الإخوان وشركاؤهم في الحكم تجربة جديدة في إدارة المال العام وتحمل المسئولية، ووقف نزيف الفساد، ووضع مصر على جادة الصواب في الأشهر الأولى من الحكم بإذن الله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.