خبر: "الموضة".. يعززها الفيسبوك ويردعها الوازع الديني
19 فبراير 2015 . الساعة 09:39 ص بتوقيت القدس
بعد مرور عدة أيام على ما يسميه البعض "عيد الحب" أو "الفالنتاين"، ما زالت بعض المجال التجارية في مدينة نابلس تعرض الدمى وخاصة "الدببة"، ذات اللون الأحمر، ما يدلل على مدى تأثر البعض بـ"صرعات الموضة"، والتقليد الأعمى للغرب. لكن هذا لا يعني مطلقًا أن هذه الأفكار باتت سائدة في المجتمع المحلي، فكثير من العوائل ما زالت محافظة على عاداتها وتقاليدها، خاصة أن نابلس مدينة معروفة بأنها "محافظة"، ويميل أهلها للتدين الفطري. تقول "ابتسام"، وهي طالبة جامعية إنها تماشي أحدث الموضات على صعيد الملابس وقصات الشعر، وتسعى جاهدة لأن تسايرها، "لأن الإنسان اليوم يعيش في كوكب صغير، ويتأثر به ويحاول أن يواكب التطورات". وتضيف لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]"، "هذا ليس تقليدٌ أعمى، فعندما ألبس ثيابًا حديثة، ذات ألوان جميلة، فهذا يعني أنني أعيش حياتي بكل ما فيها" .. وتساءلت "هل الموضة حرام؟ هل عندما أقتني جهاز "أيفون" حديث أخالف الشرع؟ مبدية امتعاضها من التشدد تجاه هذا الأمر. [title]مصدرنا "الفيسبوك"[/title] توافقها صديقتها ماسة -وهي طالبة في كلية الاقتصاد-، مشيرة إلى أنها مشتركة مع العديد من صفحات الفيسبوك التي تزودها دومًا بأحدث التطورات على صعيد الملابس والأجهزة المحمولة والسيارات، مرورًا بقصات الشعر وتلوين الأظافر وحتى ديكورات غرف النوم. وقالت "أنا من عائلة كانت تعيش في البلدة القديمة، منذ أكثر من سبعين عامًا، وأبلغتني أمي وجدتي أن العائلة منذ ذلك الحين وهي تساير الموضة، فجدي كان من أوائل من أرتدى البدلة في حين كان أبناء جيله يلبسون القمباز، ووالدتي (ابنة عم والدي)، كانت من أوائل بنات جيلها في السبعينات التي تخرج للدراسة ومن ثم للعمل، في وقت كانت النساء لا يظهرن وجوههن حتى". وقالت "بالعكس تماما، نحن نحترم مجتمعنا، ونحترم العادات والتقاليد، لكن هذا لا يعني أن نعيش في عصور قديمة.. فحتى ديننا الحنيف يحثنا على التطور وأخذ كل ما هو جديد ومفيد". ورفضت ماسة الاتهام الذين يوجه لها ولمن هنّ في عمرها، بأنهنّ يقلدنّ الغرب، ويرفضن تعاليم المجتمع. [title]حرية شخصية [/title] أكثر من هذا كان موقف "أمجد" وهو في الثلاثينات من عمره، قائلا "من حقي أن أعيش كما أريد، فالمجتمع لا يرضيه شيء.. الناس ستتحدث عنّا سواء فعلنا كما يريدون أو خالفناهم في تصرفاتنا، فإرضائهم غاية لا تدرك". وتابع "لذا أنصح كل إنسان ذكرا كان أو أنثى أن يعيش وفق ما يحب، يلبس الألوان التي يفضلها، والموديلات التي يحبها.. ويقص شعره على الطريقة الحديثة..". وتابع بلهجة محكية "كل اشي صار على الموضة، حتى الحجاب حتى صار أشكال وألوان.. والعبايات للبنات صارت ضيقة ومزركشة.. واحنا الشباب في كثير موديلات جديدة للبلاطين والقمصان وحتى للأحذية .. العالم كله بيتغير بسرعة وما لازم نكون جامدين". [title]موضة الحجاب[/title] وعلى صفحات الفيسبوك، طرح أحدهم سؤالا جاء فيه "آخر مدة صرت أشوف موديلات للحجاب غريبة عجيبة، غير انو يكون فريضة دينية، معقوووول وصلنا لهل حد؟". يرد عليه أحدهم "حجاب الموضة فعلا أصبح كارثة.. أصبح منتشرا في الشارع.. في الجامعة.. وفي كل مكان، تجد الفتاة أو حتى المرأة المتزوجة لابسة جيب ضيق وبلوزة ضيقة وطرحة "إسبانش"، وبنطلون استرتشت، و"بودي ضيق". ويضيف "يعني أصبح إرتداء الحجاب رمزا لا فرضا للأسف". وتزيد مشاركة بقولها "لعل من بين أهم الأسباب التي تدفع بهن إلى هذا الزي، هو مجموعة تساؤلات أو تخوفات تراود الفتاة، مثلا: بتقول أنا عايزة أكون بنت مودرن .. إستايل.. أريد أن أتزوج.. يعني لازم أكون أنيقة وجميلة". فتاة لا تضع صورتها ع الفيسبوك تشارك بقولها "الإسلام لا يقاوم هذه الرغبة الفطرية ولكنه ينظمها ويجعلها تتبلور في الإتجاه بها إلى الرجل الواحد وهو شريك الحياة". [title]"البناطيل الساحلة"[/title] ومن التعليقات الأخرى، يقول ناشط مجتمعي "عندما أسير في الأماكن العامة والترفيهية تحديدا تعتريني رغبة ملحة لرفع بناطيل كثير من الشباب, وأظل أرقب تلك البناطيل خشية أن تقع من على خاصرة كثير منهم. فضيحة الموضة هذه المرة جاءت صارخة، خاصة لدى الشباب، فلا يرتاع أحد من جيلي أو الجيل الذي يكبرني حينما يرى شابا يسير وبنطاله على وشك أن يقع، فالموضة تقتضي هذا الفعل ولا تكتفي بذلك فشروط ارتداء البنطال ظهور (الملابس الداخلية)!! ويمضي شارحا الحال التي وصل لها البعض "كل شاب يختار لونًا فاقعًا لكي يظهر أكثر تمشيا مع الموضة.. واستجاب البائعون لهذه الموضة وغدا البحث عن بنطال يقف فوق الحوض أمرا جالبا للتعب، وصرعة البنطال السائب أو المحلول ظهرت في سجون أامريكا وتحديدا في سجون (النقر) وعرفت هناك بـ (ثوق) Thug وخرجت إلى الشارع كفعل مرفوض، إلا أن مروجي الموضة اقتنصوا هذا الفعل المرفوض وحولوه إلى موضة يتهافت عليها شباب العالم". [title]هوس وجنون[/title] الأخصائية الاجتماعية أمنة بصير الدين، قالت لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]" إن "الحديث عن القصات الغريبة والسلوكيات الدخيلة على المجتمع وتكثيف الوعي ضد مساوئها، وتكثيف الحملات الإعلامية ما هو إلا جزء من مهام المجتمع، لكن بالعلم النفسي تعتبر هذه السلوكيات نتيجة التأثير الإعلامي، ونتيجة محاولة البحث عن جديد لدى الشباب المراهق أو الكبار، حبا في التغيير ولكسر الملل من أشياء اعتادوا عليها". وتابعت "ليس فقط في نابلس، ففي كل المدن الفلسطينية، بل وفي كل الدولة العربية والإسلامية والغربية.. هناك مسايرة للموضة و"هوس" بكل ما هو جديد، بغض النظر إن كان نافعل أم لا .. المهم التقليد، ومواكبة العصر حسب اعتقادهم". وأضافت "الفيسبوك لم يدع لنا مجالًا كمختصين أو علماء أو مربين أو حتى آباء وأمهات لنحمي أولادنا وبناتنا.. كسّر كل القيود وضاعف من المسئولية الملقاة على عاتقنا لمواجهة هذا المد الغريب عنا عادتنا وتقاليدنا وديننا". [title]أسباب وعلاج[/title] يوافقها الرأي الدكتور ماهر أبو زنط المحاضر في علم الاجتماع بجامعة النجاح بنابلس. ويقول لـ"[color=orange]فلسطين الآن[/color]" إن التقليد الأعمى للغرب هو من أخطر الصفات التي بدأت تغزو عقول شبابنا الفلسطيني والعربي، بغض النظر عن انتمائاته الدينية". ويضيف "بحكم عملي في الجامعة لاحظت تأثير الموضة على الكثير من الشباب، ومنها قصات الشعر واللباس وطريقة الكلام والتعامل والإختلاط غير المحسوب من كلا الجانبين، والرقصات الغربية التي يقوم معظم الشباب بأدائها دونما معرفة بمصدرها وأصلها. ويستدرك "لهذا التقليد إيجابيات عندما يكون في جوانب مفيدة التي نفتقر لها في العالم العربي مثل التقدم العلمي والإقتصادي، واحترام المواعيد وحرية الرأي .. الخ، لكن المشكلة أن شبابنا لا يقلدون الغرب إلا في الجوانب السيئة كتقليد الممثلين والمغنين، وقد تكون من أهم أسباب هذا الإتباع هو ضعف الوازع الديني لدى الشباب، والفراغ الذي يعيشه شبابنا بسبب البطالة والإساءة في استغلال الوقت، وعدم الثقه بالنفس والكثير من الأسباب الأخرى". [title]تساؤلات دون إجابة[/title] داعية محلي في نابلس طرح تساؤلات عدة، قائلا "ما الذي حدث لكثير من شبابنا في هذا العصر؟! لماذا أصبحنا نرى شباباً تتأذى العينُ ويغتمُ القلبُ بمشاهدتهم وهم يلبسون البنطال الساحل الذي يفضح العورات؟! يُقلدون لاعبي الكرة وغيرهم في تسريحة شعرهم وهيئتهم! لماذا أصبحنا نرى شباباً مُخنثاً؟! إذا نظرت إلى وجهه وتسريحة شعره وسمعت صوته فإنك تحتاج بعض الوقت لتقرر أن الذي أمامك ذكر! أين آباء هؤلاء؟! أما يعلمون بأنَّ الله تعالى سيحاسبهم على تضييعهم الأمانة في أبنائهم؟!. ويتابع "حديثي منصب على أننا نتقبل صرعات الموضة من غير الوقوف على دلالات تلك الموضة وعمقها الثقافي، ما يجعل فاعليها محل التندر أو الشك، والأمر الآخر الذي يزعجني هو تعميم تلك الموضة حتى أن كثيرين ممن يفعلونها يتحولون إلى اضحوكة مكتومة بين الناس!!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.