يتذرع بعضهم بالإهمال والتهميش وسوء الاختيار في التجربة الأولى، لتكون بالنسبة لهم أسباباً يبررون بها رغبتهم في زوجةٍ ثانية أمام العائلة والأصدقاء، ربما هذا النوع من الرجال قد يندرج من وجهة نظر بعض القراء تحت ما يسمى "العين الفارغة" التي لا يقنع صاحبها بما لديه، بينما فئةٌ قليلة منهم تضع معايير جديدة للاختيار الثاني، كأن تتفوق الثانية على الأولى في الجمال والتعليم والمهارات الاجتماعية، "فلسطين" طرقت الأبواب الموصدة ودارت في محاريب الرجال لتعرف دوافعهم إلى الزواج الثاني..والتفاصيل تتبع: [title]نضج وعقلانية[/title] "أبو أنس" الذي تزوج في الانتفاضة الأولى وكانت زوجته من اختيار والدته، علاوةً على أنه لم يقم مراسم زواج مثل بأصدقائه نظراً للظروف الصعبة آنذاك، فقد عاش معها عشرين عاماً أنجب منها ثلاثة من الذكور وأربعا من الإناث، ويدعي -حسب قوله- أنه لم يتوافق فكرياً معها، وهذا ما دفعه للزواج بشابة تفوق "بِكرهُ" بأربع سنوات، أنهت التعليم الجامعي، وزُف "عريساً" لأول مرة، وفق تعبيره، بشيء من الصراحة يتحدث لـ"فلسطين": خضتُ تجربةً مريرة من عدم الانسجام الزواجي، والتوافق الفكري خاصة أنني أحمل شهادة الثانوية العامة وزوجتي في المرحلة الإعدادية الأولى، وكانت اختيار والدتي وليس اختياري". ويبرر سبب زواجه بعد مرور تلك السنوات، قائلاً:"لم أكن ناضجاً بما فيه الكفاية، وفي الآن ذاته لم أتمكن من إغضاب والدتي".. وبالطبع يفاجئه السؤال البدهي حول إذا ما كانت الزوجة الثانية حققت كل أمانيه المفقودة، ليرد:"في زواجي الثاني كنت أكثر فهماً لطبيعة المرأة وحرصاً من زواجي الأول، فقد اخترت شابه يافعة ومتعلمة وتشاركني المشاعر، وتناقشني بخلاف الأولى التي لا تتقن سوى رعاية الأولاد على حساب زوجها"، ويستدرك: "رغم ذلك لم أنقطع عن زوجتي الأولى وأبنائي، بل أعدل بينهما في كل الأمور الحياتية بحمد الله". [title]لم ينجح مخططه[/title] وإذا كان أبو أنس أكثر نضجاً في زواجه الثاني، بدا "أنور" أقل عقلانية وأكثر حقداً وتمرداً على واقعه، فقد لجأ للزوجة الثانية ليكيد زوجته الأولى "النكدية" -على حد تعبيره- وقال: "كنت أعتقد أنه لا تكيد المرأة إلا المرأة"، لكني تسرعتُ كثيراً في هذا الخطوة ولم أعطِ لعقلي الفرصة في التفكير والتدبر، فقد كان همي الوحيد الانتقام من زوجتي الأولى و"كسر أنفها"..كنت أكره غرورها وتمردها، كان كل ما يهمني أن أتزوج بمن تغيظها دون أن أضع معايير أعلى لزوجة المستقبل، بل اخترت "عروسة والسلام"، علاوةً على أنها لا تضاهي زوجتي جمالاً وتعليماً". "وهل كدتَ زوجتك كما خططت؟"..كسا الإحراج والندم صوته وهو يقول:"بعد زواجي بدأت تتغير للأفضل، وتهتم بي أكثر كي تسحبني إلى صفها، لكن كانت "الفأس وقعت في الرأس"، فلم يكن أمام تحسن سلوك الأولى إلا أن أعاملها بالمثل كالثانية". فيما عاد "أبو صالح" الذي تجاوز الستين من عمره شاباً يضاهي الشباب في الأناقة، وذلك بفعل زوجته الثانية التي اهتمت بأناقته وأعادت ترتيب حياته من جديد، بعدما كانت الفوضى نمط حياته، ويواصل: "لقد تذكرت بعد أربعين عاماً من الزواج أني لم أنجب ذكراً، يجوز كان ذلك الأمر "حجةً" بالنسبة لي للهروب من هذه الفوضى والتهميش، لذا وكلت صديقي بأن يخطب لي "ع التواكيل"، ليكون نصيبي مع "امرأةٍ ثيبّ" تصغرني بثلاثين عاماً ويزيد، لتنجب لي السند". وبالفعل بعد مرور العام الأول جاء "ولي العهد" "صالح" للدنيا كي يأخذ أباه بعيداً عن زوجته الأولى وبناته الثمانية، فها هو ينهمك بدنياه الجديدة، ولم يعد للعدل وجود في حياته. [title]ليس "حياة ترفيهية"[/title] "مستوى نضج الزوج لا يختلف في الزيجة الأولى عن الثانية" بتلك النتيجة استهلّ أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى د. درداح الشاعر حديثه، حين سألناه عن التغيرات الفكرية والعقلية التي تصاحب الرجل عند الزواج الثاني، حيث قال: "أساس استقرار الحياة الزوجية يعتمد على نضج الزوج عقلياً ونفسياً وجنسياً واقتصادياً، مصداقا لقول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ"، وهنا تأتي "الباءة" بمعنى القدرة الجسدية والعقلية والنفسية والجنسية والمعرفية"، نافياً أن يكون هناك فهم جديد يطرأ على حياة الرجل بعد الزواج، إلا أنه بلا شك يكتسب خبرة جديدة تيسر له سبل التعامل مع الزوجة الثانية، بناءاً على ما تلقاه مع الأولى من خبرات، فهي تُضاف إلى رصيد تجاربه وخبرته. ويرى د. الشاعر أن الرجل بمقدوره أن يتجاوز أخطاء الزواج الأول بحيث يزداد فهمه في الثاني ويصبح أكثر تنظيماً، فإن لم يكن الزواج الأول سعيداً فإن الثاني سيمثل مشكلة إضافية للأول ليس إلا ولن يقدم إضافة له، فتزيد التعاسة والشقاء خاصة ممن يعتقد أن الزواج حياة ترفيهية خالية من الإحساس بالمسؤولية، مبيناً أن المشكلات التي تظهر في الزواج الأول بمقدوره تداركها في الزواج الثاني، لكن إن كان الأول فاشل فهذا ينطلي على الزيجات الأخرى التي يتخذها ذريعة للهروب من مشاكل وخلافات الزيجة الأولى، خاصة إذا لم يكن لديه الخبرة الكافية في التعامل مع المشاكل والأزمات. [title]العدل لا يتجزأ[/title] وعن قدرة الرجل الفعلية على تطبيق العدل بين الزوجات بصفته بنداً جديداً على حياة الرجل في الزواج الثاني -حسب نظر المجتمع- يقول د.الشاعر:"مفهوم العدل لا يتجزأ، فالعدل أساس وقاعدة في الزواج الأول، وليس منطقاً جديداً دخل على حياة الرجل مع الزوجة الثانية، فإن لم يكن منصفاً مع الأولى لن يكون كذلك مع الثانية، وبشكلٍ عام إن فُقد العدل في الزواج يصبح الرجل آثماً". وشدد على أن العدل يرتبط بالحالة الإيمانية لدى الزوج، مستشهداً بإرشادات الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الصدد، بأن يكون العدل في الجانب المادي ليقسم بالتساوي بين زوجاته، فالرسول كلامه واضح:"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك"، وهنا يشير إلى المشاعر التي لا يستطيع الرجل التحكم بها. [title]"الزوج المشكلة" كالعقيم[/title] ومن جهة ثانية، ينصح د.درداح الشاعر الرجال في هذا الجانب، بأنه إذا ما كانت الزوجة الأولى هي السبب في فشل العلاقة الزوجية فعندئذٍ يحق للرجل الزواج من الثانية، وحينها يكون في الاختيار الثاني أفضل خبرة ونضج وعقلانية، حيث يستطيع الاستفادة من الخبرة المؤلمة السابقة، فيكون "الزواج الثاني" لتلافي مشاكل الزوجة الأولى، فيختار الزوجة الصبور الودود بخلاف النكدية المشاكسة، مستدركاً: "إن كانت المشكلة والخطأ من الزوج فإنها لا تُحل بالثانية أو الثالثة أو الرابعة، ولن تفيده بشيء بل تتفاقم لديه المشاكل"، مشبهاً الرجل في هذه الحالة بـ"العقيم" الذي ليس لديه رجاء في جميع الزيجات.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.