تلك الليلة أخافتني كثيرا، خشيت النوم وحاربته كي لا يكون خبر وفاتك كابوسا يطاردني في منامي، تجتاحني غصة كلما تذكرت هذا الحدث فأنا الذي أخذت عهدا على نفسي ألا ابكي خلال تواجدي بالسجن، لكن مرضك أضعفني وأبكاني وزلزل كياني رغم تخفيف إخواني الأسرى عني ودعائهم لك. أتعلم يا أحمد أني حينما كنت أسمع رنين هاتفي المحمول الذي أخفيته عن إدارة السجن، قلبي يتوقف متهيئا لسماع نبأ وفاتك فتختلط مشاعري . عشت يا أخي على ذكرى واحدة مدتني بالأمل، عندما كنت يا صغيري بعمر السادسة حملتك إلى المستشفى لتغيير دمك وقتها دخلت في غيبوبة وأنت بين يدي وبعدها عدت إلى الحياة وقتها عاد إلى الأمل ليأتيني خبر سلامتك . أتذكر تلك الأيام كيف قضيتها فقد كنت استغل نوم إخواني الأسرى واسترجع الأيام التي عشتها معك حينما كنت اصطحبك إلى المنطقة الريفية لتقود دراجتك الهوائية، وفي اللحظة ذاتها تذكرت وجع والدتي عليك فهي بعيدة عنك في طوباس فنحن ندرك آلامها عند غيابنا عنها. آه لتلك الليالي التي أوجعتني وباتت تطاردني الهواجس فيها والذكريات المؤلمة لاسيما عندما تذكرت شقيقي معاذ الذي يصغرني بأعوام قليلة وتوفي بذات المرض . وقتها أصبحت أتخبط و ألوم نفسي كثيرا فقد رفضت إصلاح دراجته الهوائية قبل وفاته بيوم لانشغالي بالجامعة. وقتها خشيت أن لا ألبي رغبتك يا أحمد حينما وعدتك فور خروجي من السجن بشراء سيارة لك . استغفرت وصليت كثيرا وطلبت من ربي أن يشفيك، وما هي إلا أيام معدودة جاءني خبر تماثلك للشفاء حتى انفرجت أساريري وعاد الأمل إلي من جديد. وأخيرا بعد شفاءك وغدوت شابا وشاء لي القدر أن يفرج عني لأتنسم الحرية بصحبتك قررت تعويضك عن كل الأيام التي فقدتني فيها، وسأقص عليك الحكايا التي عشتها بالسجن وستبقى صديقي المقرب يا أخي .