16.68°القدس
16.44°رام الله
15.53°الخليل
19.05°غزة
16.68° القدس
رام الله16.44°
الخليل15.53°
غزة19.05°
الأربعاء 11 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.06دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.78يورو
3.59دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.06
جنيه مصري0.07
يورو3.78
دولار أمريكي3.59

قصة المحرر مازن فقهاء

خبر: قلبي معلق ما بين هنا وهناك

أذكر ذاك اليوم الذي حبست فيه أنفاسي، وضاق صدري على غير العادة حتى سارعت وتضرعت لربي أن يكون يومي خيرا، لكن ما هي إلا لحظات جاءني النبأ الذي جعلني أنهار رغم تماسكي طيلة الست سنوات بين جدران السجن الذي شققه صبري وأملي بالحرية. آه لو أخبرك يا أخي أحمد كيف تلقيت خبر دخولك المستشفى، وجاءني ذلك الصوت الذي ينعم بالحرية من خارج قفصي يقول لي :" أدعو له بالرحمة ربما ساعات ويفارق الحياة فهو في حالة موت سريري"، كلمات جعلتني أتوقف عن التفكير ألعن مرض الثلاسيميا الذي أصابك آلاف المرات . طاردت الشيطان في زنزانتي حينما وسوس لي في محاولة منه لأردد :" ليتك لم تلح على والدي للذهاب إلى العمرة "، كم شعرت بالعجز وتمنيت لو عجنت قضبان السجن وطويت المسافات لأصل حيث ترقد في المستشفى السعودية لأتحسس وجهك و اقبل جبينك لآخر مرة . تلك الليلة أخافتني كثيرا، خشيت النوم وحاربته كي لا يكون خبر وفاتك كابوسا يطاردني في منامي، تجتاحني غصة كلما تذكرت هذا الحدث فأنا الذي أخذت عهدا على نفسي ألا ابكي خلال تواجدي بالسجن، لكن مرضك أضعفني وأبكاني وزلزل كياني رغم تخفيف إخواني الأسرى عني ودعائهم لك. أتعلم يا أحمد أني حينما كنت أسمع رنين هاتفي المحمول الذي أخفيته عن إدارة السجن، قلبي يتوقف متهيئا لسماع نبأ وفاتك فتختلط مشاعري . عشت يا أخي على ذكرى واحدة مدتني بالأمل، عندما كنت يا صغيري بعمر السادسة حملتك إلى المستشفى لتغيير دمك وقتها دخلت في غيبوبة وأنت بين يدي وبعدها عدت إلى الحياة وقتها عاد إلى الأمل ليأتيني خبر سلامتك . أتذكر تلك الأيام كيف قضيتها فقد كنت استغل نوم إخواني الأسرى واسترجع الأيام التي عشتها معك حينما كنت اصطحبك إلى المنطقة الريفية لتقود دراجتك الهوائية، وفي اللحظة ذاتها تذكرت وجع والدتي عليك فهي بعيدة عنك في طوباس فنحن ندرك آلامها عند غيابنا عنها. آه لتلك الليالي التي أوجعتني وباتت تطاردني الهواجس فيها والذكريات المؤلمة لاسيما عندما تذكرت شقيقي معاذ الذي يصغرني بأعوام قليلة وتوفي بذات المرض . وقتها أصبحت أتخبط و ألوم نفسي كثيرا فقد رفضت إصلاح دراجته الهوائية قبل وفاته بيوم لانشغالي بالجامعة. وقتها خشيت أن لا ألبي رغبتك يا أحمد حينما وعدتك فور خروجي من السجن بشراء سيارة لك . استغفرت وصليت كثيرا وطلبت من ربي أن يشفيك، وما هي إلا أيام معدودة جاءني خبر تماثلك للشفاء حتى انفرجت أساريري وعاد الأمل إلي من جديد. وأخيرا بعد شفاءك وغدوت شابا وشاء لي القدر أن يفرج عني لأتنسم الحرية بصحبتك قررت تعويضك عن كل الأيام التي فقدتني فيها، وسأقص عليك الحكايا التي عشتها بالسجن وستبقى صديقي المقرب يا أخي .