13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
16.31°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة16.31°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: زاهر جبارين.. شاهد على المقاومة!

أمتعتنا فضائية القدس الفلسطينية بسلسلة حلقات ضمن برنامج (فضاء الحرية)، استضافت فيها الأسير المحرر في صفقة (وفاء الأحرار) زاهر جبارين، وهو أحد مؤسسي كتائب القسام بالضفة الغربية في مطلع التسعينات، وكان صاحب فضل تجنيد المهندس الشهيد يحيى عياش في صفوف الكتائب في ذلك الحين، والإشراف على عدة عمليات بطولية مثّلت باكورة العمل المقاوم في الضفة بُعيد انتفاضة الحجارة، وهو عمَلٌ جمع عناصر الإبداع والقوة والكثافة، ودشّن انطلاق مقاومة لا يأتيها الوهن من بين يديها ولا من خلفها، حتى حين يُغيّب رجالها، وتُستأصل خلاياها. شهادة زاهر جبارين، لم تكن كأي شهادة أخرى على المقاومة سمعناها من رفاقه العائدين إلى الحرية، ليس لأن زاهر كان عنوان البدايات الصعبة، ورفيق العيّاش، والمطّلع على يومياته الجهادية بحذافيرها، والحافظ أسرار الخطوات الأولى، وراسم معالم طريقها، إنما لأن زاهر كان يروي باقتدار حكاية مسيرة مكتملة الجوانب، وكان يتلو على مسامعنا شدواً رائقاً كأنما ينقله من كتاب مفتوح، وأدركنا معه أن المقاومة ما كانت لتصل ما وصلت إليه، وما كانت لتبلغ لحظة تسطّر فيها إنجازاً بوزن (وفاء الأحرار) لولا أن رجالها الأوائل كانوا من طراز استثنائي.. اعتقاداً وتضحية وإقداماً، وإيماناً بحتمية تحقيق الأهداف مهما كانت نائية عن مرمى النظر أو مستحيلة على الإدراك البسيط. زاهر ورفاقه لم يكونوا يستصعبون المشقّة، أو يجبنون عن امتطاء جيادها الجامحة، ولم يكونوا يشطبون فواتير الحساب التي يرون أن على المحتلّ دفعها نظير جرائمه قبل أن يستكملوها واحدة واحدة من أمنه وراحته ودم جنوده ومستوطنيه، وفق ما تسمح به إمكاناتهم المتواضعة جداً في تلك الأيام، وما كان لأحدهم مغنم دنيوي ولو بمقدار التفاتة نحو حياة الاستقرار. كانوا ملء مواقعهم وحسب، وكانوا التجلي الأنبل لثمار العقيدة التي تُربي وتُنشئ، وتحكم شدّ وثاق العزائم في زنود الرجال، وتبقي جباههم مرصعة بدرر اليقين وتيجان الإقدام، حيثما حلّوا وأنى اتجهت عيونهم، وحتى وجلودهم تتقلب على بلاط زنازين العزل الباردة! ولهذا ظلّ زاهر بعد اعتقاله يعاد للتحقيق من حين لآخر، لأن صلته بالباقين خلفه من المجاهدين بقيت قائمة، وظل يجتهد في إيصال رسائله لهم من داخل سجنه ويوصيهم بالأسرى، ويحثهم على بذل المزيد من الجهود لتحريرهم. لم يكن في الزمن الأول الذي شهد مقاومة زاهر وإخوانه أجهزة اتصال أو تواصل حديثة، ولم يكن هناك إنترنت ومواقع تواصل تفتح ناظريك على العالم بأسره، وتيسّر لك إيجاد أي إنسان يخطر ببالك. ومع ذلك كانت مجموعات المقاومة الأولى تفلح في أن تشكل حلقة ملتئمة الأطراف تنتظم فيها جميع خلايا المقاومة في مدن الضفة وغزة، وتتبادل الخبرات والرؤى، وتخطط لمستقبل جهادها، ولنقلاتها التالية في مساحة الإنجاز. من رامَ فهم السرّ الكامن خلف هذا النفر الفريد من الرجال، فحسبه شهادة زاهر، وليستمع إليها بإصغاء مرّات ومرّات، وسيقع في كلّ مرة على عبرة جديدة تترجمها عبارات زاهر المتقنة، وبريق عينيه الطافحتين ثقة وتحدّيا، وسرده السلس والبديع لحكاية عشق عاشها بكامل كيانه، ومعه رفاق دربه الذين قضى معظمهم نحبه. وسيكتشف السامع تلقائياً أن هذه العصبة من الرجال معقود بنواصيها التحرير، تحرير الأرض وإنسانها، وأن انعتاقهم من الأسر سيظلّ علامة بطولة فارقة في منحنى الإنجاز المقاوم، ولن تلبث أن تطلق براعم ميلاد عهد جديد للإقدام، ينبني على لحظة الانطلاق، ويؤسس لمستقبل الحرية الكبرى.