18.02°القدس
17.74°رام الله
16.64°الخليل
22.81°غزة
18.02° القدس
رام الله17.74°
الخليل16.64°
غزة22.81°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: البدلة الحمراء

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قريب). محمد بديع بالبدلة الحمراء. ماذا يعني أن يظهر مرشد عام الإخوان ببدلة الإعدام الحمراء؟! هل اللون الأحمر داخل السجن والقيد يغير قدر الله؟! ما كان قدرًا وأجلًا لا تملك ألوان الملابس له دفعًا ولا نفعًا. لذا لن يغيّر هذا الظهور شيئًا في قرار محمد بديع وموقفه مما حدث في مصر على يد قائد الجيش. مرشد الإخوان بروفيسور محمد بديع, قائد فكر ودعوة أخذت على عاتقها نشر العدل الإلهي بين الناس ومواجهة الاستبداد، والتحلي بالصبر الجميل في المواجهة، وتقبل التضحيات من أجل تحقيق الأهداف النبيلة السامية، التي يتطلع لها المؤمنون والأحرار. محمد بديع رجل عرفته مصر وغيرها, مؤمنًا بالله، قبل أن تعرفه مرشدًا وقائدًا للإخوان المسلمين. المحن عادة تزيد في صلابة الرجال، وتنقيهم كما تنقي النار الذهب من الشوائب، فيخرجون منها أشد عودًا، وأقوى شكيمة، تزول الجبال الرواسي ولا تزول أقدامهم عن المبادئ والثوابت. رجل الفكر والدعوة لا يغرق في الألاعيب السياسية، ولا يتخذ من المناورات أداة يخادع فيها الناس، قلبه معلق بالسماء، كلما اشتد عليه الخطب سما وعلا، وكان أقرب إلى الله جلّ في علاه. ومن نبع المبادئ الحقيقية كان قوله: ‏‎(سلميتنا أقوى من الرصاص), وهو قول لا يقوله إلا رجل مؤمن قوي الإيمان، رجل يتوكل على الله في كل أحواله. حين يحكم قضاء على رجل الفكر والدعوة المسالمة بالإعدام بتهم جنائية وإرهابية مختلقة، يكسب هو، وتكسب دعوته، ويخسر القضاء ويخسر أعداؤه لا محالة. وقد خاضت التجربة هذه مصر نفسها يوم حكم القضاء العسكري على سيد قطب بالإعدام، فقد انتشرت دعوة قطب وأفكاره وكتبه في الآفاق، وترحمت عليه ملايين من الناس في المشرق والمغرب، وخسر من قتلوه دنياهم، وربما كانوا لآخرتهم أخسر. القائد موقف. والرجل كلمة. وقد كان محمد بديع قائدًا ورجلًا حين كان حرّا، وكان كذلك حين ألبسه الحكم الظالم بدلة الإعدام الحمراء، فأسمى ما يتمناه بديع هو شهادة في سبيل الله، يكون قاتله فيها ظالمًا لا حجة له في قتله أمام الله. وكم ردد كغيره من الرجال الدعاة (الموت في سبيل الله أسمى أمانينا). مع أن البدلة الحمراء لا تعني الموت، فقد لبس (العريضي) رئيس وزراء تونس, البدلة الحمراء في السجن لأكثر من عشر سنوات في عهد زين العابدين بن علي، ثم خرج منه وزيرًا للداخلية، ثم رئيسًا للوزراء. محمد بديع نموذج جديد لقادة أفذاذ قدمتهم مصر في مواجهة الاستبداد، والقضاء المسيس، ولولا تضحيات هؤلاء القادة على مرّ التاريخ المعاصر لتحولت مصر إلى دولة علمانية، أو إلى دولة شيوعية. في السياسة يقولون أخطأ عبد الناصر حين أعدم سيد قطب، ويقولون اليوم مصر تخطئ حين تُلبس رجل (السلمية) بدلة الإعدام، لأنها هي التي تدفع الشباب نحو العنف والتطرف، فليس كل الناس سواء في تحمل الأحكام الظالمة، ولا في القدرة على الاحتساب. البدلة الحمراء دعوة للتطرف. ولكنها عند محمد بديع عز وفخر، لا يتذوق عظمتهما على وجه اليقين غيره.