استاء المعلم عبد الهادي أحمد كثيرا ، إذ أنه و في طريقه إلى مدرسته لا تكاد تمر به سيارة إلا وتطلق " بوقها " في إشارة "مزعجة" إليه مفادها " هل يريد الركوب " ، فكان يشر إليهم " بلا". تكرر الأمر مع أكثر من سائق مرّ به ، إلى أن قرر ألا يعيرهم انتباها أو إشارة ، و تجاهلهم تماما وهو يتمم بكلمات تترجم الضيق الذي أصابه " ما أكثركم لو احتجناكم ما بنشوفكم زي الهم على القلب هيك". هذه إحدى العادات التي يراها كثيرون " سيئة" ، يتم فيها استخدام " بوق السيارة " سواء بسبب أو بغيره مع العلم بوجود مواقف سيارات أو " مفترقات طرق " ينتظر فيها الركاب دون الحاجة إلى الإزعاج المتكرر كما هو الحال في دول عربية أو غربية. هذا فضلا عن إعلاء صوت " الأبواق " بشكل مزعج خلال ساعات متأخرة من الليل ما يثير رعب الصغار وقلق الكبار ، سواء تلك الصادرة من الدراجات النارية أو السيارات أو حتى الشاحنات. أحدهم عاد من غربته ، يقول :"عشت في السويد ثلاث سنوات لم أسمع فيها بوقا "زامورا" أو منبه سيارة على الإطلاق"، مضيفا: "في تلك الفترة افتقدت صوت "الزامور" الذي "يلعلع" في بلادنا على الفاضي والمليان". ويؤكّد أن استعمال "الزامور" أو المنبه هناك ممنوع إلا في الحالات القصوى التي تتعلق بحياة الإنسان، وإذا ثبت بأن الحالة لا تستحق التنبيه فإنه يتم تحرير مخالفة للسائق المتسبب بالإزعاج. وتعاني ربة المنزل أم علاء هي الأخرى ، من الأصوات التي يتركها "الزامور"، فهو لا يفارق سماع أذنيها ليل نهار كما تقول، وتبيّن :" أن منزلي يقع على شارع رئيس، وهذا يضطرني لسماع مقطوعات موسيقية تمتاز "بالنشاز"، ومختلفة حسب اختلاف السيارة أو الحافلة التي تسير بالشارع. إمام مسجد يقع في وسط البلد ، انتقد بشدة هذا " التصرف المشين " من قبل بعض السائقين " ضعاف النفوس والإيمان " ، وقال :" بعضهم لا يحترم صلاة ولا مصلين ، ضجيج السيارات وصوت أبواقها يعلو صوت الآذان والإمام حين يقرأ القرآن وهذا يشوش على الإمام والمأمومين". وطالب الجهات المختصة بضبط هذه " الحالات الشاذة " و تغريم المتسببين في "الضوضاء". [color=red]لغة التحية[/color] من جهته ، يقول السائق موسى عيد ساخراً :"إن الزامور عندنا يستخدم للتحية بين السائقين ولشتم الآخرين ولمعاكسة الفتيات ولتحميل الركاب وللتهريج ولحثّ من هو في الأمام على قطع الإشارة". وحسب عيد فإن بعض من أسماهم " بالمراهقين "يعملون على تضخيم صوت زامور سياراتهم من خلال تركيب عدة "زوامير" وربطها في كبسة واحدة، وبذلك يجعل النغمة طويلة وتحمل موسيقى مغايرة. ويلفت إلى أن الزامور بألحانه المختلفة أصبح الناطق بلسان حال كثير من سائقي السيارات تترجم رسائلهم من خلاله وتختلف درجة الضغط عليه وفقا للموقف الذي تعرض إليه. وينقل السائق عيد عن زملاء له يقرّون بأن " الزامور مصدر إزعاج، لكنه يؤكّد أنه المصدر الوحيد الذي "ينفّس من خلاله عن الغضب الذي يصيبه في الازدحام المروري الخانق"، مشيرا إلى أنه أصبح بديلا عن الكلام وبات "لغة الحوار" بينه وبين السائقين على الطرقات. [color=red]دراسات[/color] ووفقا لدراسات فقد أثبتت أن سبب بعض الحوادث استخدام "المنبه" أو الزامور الفجائي، ما يربك السائق خاصة إذا كان السائق مبتدئا أو سيدة. في فيتنام مثلا ، قبل عامين أمرت الشرطة الفيتنامية بالتشدد في دوريات مراقبة مطلقي "أبواق" السيارات بعدما تسبب إطلاق بوق شاحنة بمقتل طفل. وكانت والدة وطفلها في جنوب مدينة "هو شي منه" يركبان دراجة نارية عندما أربك بوق شاحنة قوي الصوت ، الوالدة وتسبب بسقوطها مع طفلها، على ما ذكرت صحيفة "فيتنام نيوز". وقد قتل الطفل. وأفاد التقرير أن الغرامة القصوى لاستعمال البوق بشكل غير شرعي ارتفعت من 200 ألف دونغ (11 دولارا) إلى 500 الف دونغ، مضيفا أن الشرطة ستكثّف دورياتها وتعاقب المخالفين. بقي أن نقول إن على أنغام "الزامور" يهرول المسن العابر للشارع خوفا على ما تبقى له من السنين، ومنه تسرع المرأة الحامل خوفا على نفسها وعلى الجنين، وبفعله يركض الطالب المسكين، فهم جميعا يخشون فعل "الزامور" ويحسبون له ألف حساب؛ لأنهم باتوا يدركون أن الموت مرتبط بسماع "الزامور". إلى متى سيدوم هذا الحال؟ أما آن لنا أن نرحم النائم والعابر للطريق، والواقف على الإشارة وطريح الفراش، من تطفل وإزعاج "زوامير" سياراتنا وبثّها للملوثات السمعية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.