مفهوم خطأ، يصدر عن غير العقلاء من الناس، يدل على جهل من يعتقد به، وإنه لا يقدّر خطورة ما يقول، وقد ينسبه بعض إلى خير البشر (صلى الله عليه وسلم)، وهو منه براء، ولو كان من ينادون بهذا عقلاء حقًّا؛ لتأسوا بحبيبهم (صلى الله عليه وسلم)، الذي ضرب لنا المثل الأعلى في تقدير المرأة وإنزالها منزلتها. كانت مشورة عظيمة تلك التي أشارت بها أم سلمة أم المؤمنين (رضي الله تعالى عنها) حينما دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مضطربًا؛ بسبب أن أصحابه تباطؤوا في نحر هديهم بالحديبية بعد توقيع الصلح مع قريش، ورأى (عليه الصلاة والسلام) أنهم قد يهلكون أنفسهم بهذا الفعل، إذ لا يزالون مصرين على دخول مكة ومحاربة قريش التي كانت قد استعدت لهم بكل ما تملك من قوة، فكان رأي أم سلمة الذي حقنت به دماء المسلمين، وأنجاهم من سخط الله (تعالى)، إذ قالت للنبي (صلى الله عليه وسلم): "ابدأ أنت بذبح هديك، واحلق، وتحلل من إحرامك، وستجد القوم قد تأسوا بك". أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذه المشورة، ونحر هديه وحلق وتحلل من إحرامه، فتواثب الصحابة (رضوان الله عليهم) على فعل مثل ما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم)، بعد ما تباطؤوا في ذلك، وذهب الغمّ عنه (صلى الله عليه وسلم). ليست هذه الحادثة الوحيدة، بل إن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد تأّسوا به في ذلك، وها هو عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يشاور ابنته حفصة (رضي الله عنها)، بعد ما سمعه من تلك المرأة التي تشتكي من طول غياب زوجها الذي كان في زمرة المجاهدين؛ سأل عمر (رضي الله عنه) ابنته: "كم هي المدة التي تطيق فيها المرأة غياب زوجها عنها؟"؛ فأجابته أن المرأة في الغالب قد لا تصبر أكثر من أربعة أشهر، وبناء على هذه المشورة أصدر عمر أمرًا لكل أمراء الجيش في الدولة آنذاك، أنه يجب أن يعود المجاهدون إلى أسرهم كل أربعة أشهر، وألا تطول غيبتهم أكثر من ذلك، وجعل ذلك من ضمن سياسات الدولة. إذًا هذا هو تشريع الإسلام الحقيقي، يُسمح باستشارة النساء، ويُؤخذ بمشورتهن، إن كان فيها مصلحة متحققة، وهذا يعني تقدير المرأة في الإسلام وإنزالها منزلتها الحقيقية، واحترام عقلها وفكرها، وإنه من الممكن أن تشارك في الحياة العامة في الدولة نفسها، وبهذا نجد أن الإسلام قد خالف كل التشريعات الأخرى التي كانت تنظر إلى المرأة على أنها من سقط المتاع، كما كان في التشريعات الرومانية واليونانية واليهودية. وعليه إن "شاوروهن وخالفوهن" مفهوم خطأ، لا يتفق مع نظرة الإسلام إلى المرأة، بل إن فيه مخالفة لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وما درج عليه صحابته الكرام.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.