13.34°القدس
13.1°رام الله
12.19°الخليل
16.87°غزة
13.34° القدس
رام الله13.1°
الخليل12.19°
غزة16.87°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: لماذا تجاهلوا هنيِّة؟

خلال الأسبوع الماضى تابعت وسائل الإعلام أول جولة خارجية يقوم بها السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطينى فى حكومة قطاع غزة. كانت البداية زيارة للسودان. حيث التقاه هناك الرئيس عمر البشير ونائبه وعقد عدة اجتماعات مع مختلف القيادات السودانية. بعد السودان زار تركيا التى حظى فيها بترحيب حار، فاستقبله رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. كما التقى مع قيادات كل الأحزاب السياسية القومية والكردية، وحضر جلسة للبرلمان التركى. ومن تركيا اتجه إلى تونس، حيث استقبله هناك رئيس الوزراء حمادى الجبالى، كما التقى مع عدد آخر من القيادات السياسية، وكان السيد هنية (أبو العبد) على موعد بعد ذلك للقاء أمير قطر في الدوحة، ولكن الأمير ارتبط بزيارة إلى موريتانيا، فتأجل اللقاء إلى آخر الشهر الحالي. كل ذلك نشرته الصحف وصار في علم الكافة، لكن ما لم يقل، ويتملكنى شعور بالخجل والخزي حين أذكره، إن السيد إسماعيل هنية حين غادر غزة يوم 26/12 ، فانه جاء إلى مصر عبر معبر رفح، وأمضى في القاهرة ثلاثة أيام لم يلتق خلالها بأي مسئول سياسي في الدولة، ولم يقابله سوى رئيس المخابرات العامة وبعض مساعديه. وقد التقاه الدكتور نبيل العربي بصفته أمينا عاما لجامعة الدول العربية، لا علاقة له بالحكومة المصرية. السؤال الذي تثيره هذه الواقعة يثير السؤال التالي: لماذا امتنعت الحكومة المصرية والمجلس العسكري عن ترتيب أى استقبال للرجل، وتجاهلت وجوده، رغم أنه كرم حيثما ذهب؟ هناك ثلاثة احتمالات فى تفسير ذلك التجاهل. الأول أن تكون السياسة الخارجية لحكومة «الثورة» ما زالت ملتزمة بتوجيهات الرئيس السابق الذى قيل إنه كان يحب فلسطين ويكره الفلسطينيين. الثانى أن يخشى المجلس العسكرى إغضاب الأمريكيين الذين قد لا يرحبون بأى اتصال رسمى مع حكومة غزة. الثالث أن يكون الهدف من ذلك هو مراعاة خاطر الإسرائيليين والانحياز إلى موقفهم المقاطع لحركة حماس. أستغرب الاحتمال الأول، الذي يؤيد ما يردده البعض من أن ما تغير فى مصر هو الحاكم وليس الحكم، وهى قرينة ليست في صالح المجلس العسكري، وتدل على مدى ضعفه وتردده. علما بأن مقابلة رئيس الوزراء المصري لرئيس حكومة قطاع غزة، خصوصا بعد توقيع اتفاق المصالحة بين حركتى فتح وحماس، تأثيرها معنوى بالدرجة الأولى، ويمكن أن تعطى حكومة «الثورة» نقطة مجانية لصالحها. فيما يتعلق بالاحتمالين الآخيرين، فإننى أزعم أن علاقة تركيا ــ التى احترمت الرجل واحتفت به ــ لها علاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل أقوى بكثير من علاقات القاهرة مع واشنطن وتل أبيب، ومع ذلك فإنها تصرفت بصورة مقدرة تبعث على الاحترام. وأزعم فى ذلك أن الحكومة التركية رغم عضويتها فى حلف الناتو، ورغم تجذر العلاقات مع إسرائيل التى اعترفت بها أنقرة فى عام 1949، وضعت فى الاعتبار احترام مشاعر شعبها، وقدمته على علاقاتها مع واشنطن وتل أبيب، ورغم أن ما قلته ينسحب أيضا بدرجة أو أخرى على السودان وتونس وقطر، فإن القياس على الحالة التركية يسلط ضوءا أقوى على المفارقة. هذه الخلفية تسوغ لى أن أقول إن المجلس العسكري لم يتجاهل السيد إسماعيل هنية فحسب، ولكنه أيضا تجاهل مشاعر الشعب المصري الذي لا تزال القضية الفلسطينية تحتل موقعا متميزا فى إدراكه، ناهيك عن الشعب العربي الذي تبين لنا أن المجلس العسكري لا يراه ولم يعد يعمل له حسابا يوما ما. إذا لاحظت أننا نتحدث عن مجرد استقبال بروتوكولى يعبر عن الاحترام والتقدير لرئيس حكومة فى القطاع انتخبتها أغلبية الشعب الفلسطيني، ولم تتحدث عن تصعيد أو اشتباك مع واشنطن أو تل أبيب. فإن ذلك يكشف عن عمق الأزمة التي تواجهها السياسة الخارجية المصرية إذ بات المجلس العسكري أعجز من أن يرتب استقبالا للسيد إسماعيل هنية، في حين أن أي سناتور أمريكي يأتي إلى مصر تفتح له كل الأبواب على مصارعها، ونرى صورته فى الصحف وهو يتحدث متعجزفا عما ينبغي أن تفعله مصر أو لا تفعله. إذا كان ذلك حاصلا مع رئيس حكومة غزة، فلك أن تتصور الذي يحدث مع من دونه مرتبة فى الوزارة، ولك أن تتخيل الكيفية التى يعامل بها الفلسطينيون ومعاناتهم فى مطار القاهرة أو معبر رفح. وهى شواهد إذا جمعت جنبا إلى جنب فستخلص منها أن كنز إسرائيل الاستراتيجى لم يكن مبارك وحده، وإن ذلك الكنز أكبر بكثير مما تظن. سيعود السيد أبو العبد من تونس اليوم أو غدا، ولا تزال هناك فرصة لإصلاح الخطأ الذي وقع أثناء ذهابه، ليس فقط احتراما للرجل ورمزيته، ولكن أيضا احتراما لمشاعر الشعب المصري والعربي أيضا. هذا إذا لم يرد المجلس العسكري أن يحسن من صورته ويصلح خطأه.