قبل الجزء الثالث من مرافعة النيابة العامة يوم الخميس الماضي التي طلبت فيها إعدام مبارك شنقا، لم يكن أحد يتخيل إمكانية صدور حكم بالإعدام، فقد انحصرت التوقعات كلها بين السجن أو البراءة. حكم بالإعدام لا يعني بالضرورة إمكانية تنفيذه، فستجري وساطات وتدخلات دولية، على أساس حق رئيس الجمهورية أو من يقوم بسلطاته في إلغاء حكم الإعدام لاعتبارات معينة. الاعتبارات التي تخص مبارك قوية وتستند على علاقاته الدولية السابقة والدور الذي لعبه في صراعات المنطقة خلال 30 عاما، فالعالم لن يوافق على إعدام رئيس أدى خدمات كثيرة رغم القرائن التي سيحكم القضاء على أساسها. حسني مبارك لم يكن راديكاليا متصادما مع الغرب كصدام حسين مثلا. وحافظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وكان صديقا كبيرا للإسرائيليين وللولايات المتحدة الأمريكية، ولعب دورا مهما في حرب الخليج الثانية التي حررت الكويت من صدام حسين، والدعم الذي قدمه للتحالف الدولي بقيادة واشنطن لاحتلال العراق. للتدخل الخارجي في أحكام الإعدام المصرية والدولية سوابق عديدة، أبرزها ذاك الذي قاده صديق عبد الناصر الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف، فقد جاء إلى القاهرة في الستينيات ليطلب إلغاء حكم إعدام الكاتب الإسلامي سيد قطب ولكنه فشل. والتدخل الدولي بقيادة الولايات المتحدة لدى الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق لمنع تنفيذ الإعدام في الرئيس الأسبق والأشهر ذو الفقار علي بوتو. وهذا التدخل أيضا لم يكلل بالنجاح فقد أعدم بوتو عام 1979 وهو في الواحد والخمسين من عمره. بالنسبة لمبارك الحال مختلف تماما لأنه تجاوز الثالثة والثمانين ومريض بالسرطان على الأرجح. إضافة إلى أن السلطة الجديدة سواء العسكرية الحالية أو المدنية المقبلة ليس في رصيدها رغبة الانتقام ولا القلق مثل ما كان عند عبد الناصر بالنسبة للإخوان، وعند حكومة ضياء الحق بخصوص بوتو. حكم الإعدام لن يكون سياسيا لتهدئة الرأي العام، فالقضاء المصري بتاريخه المشرف الطويل فوق الأحكام السياسية، ولن يصدر منه حكم يتناقض مع الأدلة والقرائن التي توفرت عنده. حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وقائد عمليات قتل المتظاهرين، لن يحظى بأي وساطات دولية شبيهة، بل قد يكون تأكيد الحكم بإعدامه، كبش فداء تقدمه السلطة السياسية العليا للرأي العام أثناء توقيت قرارها بالتخفيف عن مبارك. نشير هنا إلى أن موقع إجابات جوجل طرح استفتاء على قرائه فتوقعه 25% صدور حكم بإعدام مبارك واستبعده 50% وقال 25% إنه سيموت أثناء المحاكمة. وفي شهر أبريل من العام الماضي وبعد أيام قليلة من وضع مبارك ونجليه الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، نقلت "الأهرام" عن المستشار زكريا شلش رئيس محكمة استئناف القاهرة وقاضي الجنايات، أن الرئيس المخلوع قد يحكم عليه بالإعدام شنقا إذا ما أدين بالتهم الموجهة إليه، أما بالنسبة للقضايا المالية فأقلها ثلاث سنوات. وقد تكون عقوبة قتل المتظاهرين السجن المؤبد إذا لم يكن هناك إصرار وترصد، وهذا الركن توفر في مرافعة النيابة العامة التي قالت إنه لم يصدر أوامر مباشرة بالقتل لكنه لم يتدخل لوقفه. الاتهامات الموجهة ضده في قضايا المال العام، أقصاها السجن المؤبد، وأقلها المشدد من ثلاث سنوات إلى 15 سنة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.