نسمع كثيراً بمصطلح "التعلق العاطفي" ويذهب تفكير البعض ربما إلى التعلق بالجنس الآخر، لكن هذا المفهوم هو ارتباط الشخص بآخر كصديق أو معلم أو قريبٍ ارتباطاً عاطفيا لصيقاً، بحيث يربط هذا الشخص مصيره بالآخر وإن كان على خطأ خاصةً لدى المراهقين، وقد يكون من أشكال الارتباط محاكاته في الملبس والتصرف. ويصبح التعلق العاطفي "حالةٍ مرضية" تشكل خطراً حين يصل المرء إلى مرحلة عدم القدرة على فراق من يتعلق به، بالإضافة للشعور بالغيرة من الآخرين الذين يتواصلون مع "بطل" قصة حياته. في هذا التقرير تم تسليط الضوء على سلوكيات التعلق العاطفي المرضي لدى البعض، والتجارب التي مر بها آخرون مع من اتصفوا بمرض التعلق العاطفي، ورأي أهل الاختصاص في ذلك. [title]تغار علي من خطيبي[/title] سمية طالبة جامعية تتمتع بجاذبية شخصية وبروح مرحة في التعامل، فهي محبوبة من جميع صديقاتها، ولكن هذه الصفات تحولت إلى كارثة بالنسبة لها، عندما انجذَبت لها صديقتها "مروة" منذ اليوم الأول لها في الجامعة لتبدأ الحكاية.. تقول "سمية":"تعرفت على مروة وسرعان ما توطدت العلاقة بيننا، لدرجة أنها كانت كظلي أينما ذهبت ، وأغرقتني بالرسائل عبر الجوال بمناسبة وبغير مناسبة، وإذا حاولت إحدى صديقاتي التقرب لي والحديث معي، كانت تنزعج وتغضب وتبكي أحياناً". أما "سارة" فلم تتوقع أن يصل تعلق صديقتها بها إلى حد المرض والتهديد، سألتها متعجبة "تهديد!..كيف ذلك؟!"، أجابت:"نعم..فعندما عقدتُ قراني هددتني بإفساد علاقتي مع خطيبي، لأنها شعرت بأني انشغلت عنها، وخشيت ابتعادي عنها بشكلٍ كبير بعد زواجي". وتضيف:" ساءت جدا حالتها النفسية بعد خطبتي، فأصبحت أكثر انطوائية وانعزالاً، وامتنعت عن الطعام والشراب، مع الأسف لقد اكتشفتُ أن صديقتي "مريضة". [title]يبدأ من الطفولة[/title] بدوره، يقول الاختصاصي النفسي في برنامج غزة للصحة النفسية د.سمير زقوت:"التعلق العاطفي يبدأ لدى الشخص منذ الميلاد، لمن يقدمون له الاهتمام الخاص كأمه، لأن الطفل يعتمد على الآخرين في أول مراحل الحياة، وإذا ما مر بخلل عاطفي في تنشئته النفسية والتربوية، فالأم هي المسؤولة عن ذلك، على سبيل المثال إن كانت الأم تستجيب لبكاء ابنها حين يذهب صغيرها للحضانة فتبقى معه فعندئذٍ سيؤثر ذلك سلباً على شخصيته"، مشيراً إلى أنه من مظاهر التعلق العاطفي "المرضي" أنه في مرحلة الطفولة يتعلق الطفل بأمه إلى درجة أن نسميه "ذيل أمه" وكأنه يريد أن يعود إلى حضنها، فيصاب بحالةٍ من الفزع الشديد خوفاً من الانفصال عنها وتركه. ويشير د.زقوت إلى أنه في هذه الحالة لا يلبث أن يمر بمرحلةٍ يسميها علماء النفس "التثبيت" أي التعلق بغيره، وعندما يكبر تظهر لديه مشاكل في مرحلة المراهقة والشباب، فيتعلق الشاب بمعلمه أو صديقه، والفتاة بمعلمتها أو صديقتها، مضيفاً:"تبقى هذه المشكلة مع الشخص في كبره، ويتعلق بغيره بصورة مرضية، تجعله لا يتحمل ألم الفراق عنه، وملازمته طوال الوقت". ولتفادي حدوث هذه المشكلة لدى الطفل، ينصح الأمهات بألا تعوّد طفلها على التعلق الشديد بها، بل تعويده على الاستقلالية عنها حتى إذا بكى، ولا تشعر بالقلق وتأنيب الضمير عندما يبعد عنها طفلها، لأن العملية متبادلة بين الأم وطفلها. وعن علاج هذه الحالة المرضية المسماة التعلق العاطفي، أشار إلى نوعية من العلاج، يبدأ بعملية تدريب للمريض على الاسترخاء والهدوء وتحمل الألم والقلق وتحمل ألم الفراق، بالإضافة إلى العلاج بالأدوية. [title]نصائح عامة[/title] ومن الإرشادات التي أوصى بها أحد الاختصاصيين النفسيين كنوعٍ من العلاج للتخلص من مشكلة التعلق المرضي بالآخرين: توزيع الحب على الوالدين، وللإخوة في البيت ، والأقارب، والجيران، وبعض الأصحاب، بالإضافة إلى السير مع أشخاص جادين في الحياة، ناهيك عن الضغط على النفس ، بالجلوس لوقت محدد مع الفرد المتعلق به، والتأكيد على أن كل إنسان يكون فيه الخطأ والصواب. وينصح بمعالجة المشكلة منذ بدايتها سواء لمن رآه عليها ، أو من خلال الشخص المتعلق به، كما يتعين الانشغال بأعمال مفيدة. وحريٌ بالمربي له أن يصارحه، أو مصارحته هو للمربي، وإشعاره أنه في مشكلة ، كأي إنسان آخر يتعرض لمشكلة، وأن يعمل على إشباع عاطفته بشكل معتدل من العبادات والرسائل اللطيفة، بالدعاء الدائم لله سبحانه وتعالى بأن يحميه من البلاء خاصة في أوقات ومواطن الإجابة. ومن النصائح التي لا يستهان بها قراءة القرآن بتدبر وخشوع من أجل الوصول للحب الأسمى..وهو حب الله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.