14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
18.26°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة18.26°
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.66

خبر: ديكتاتورية بن علي

(ديكتاتورية خسيسة) تلكم ملخص التوانسة لحقبة حكم بن عل في تونس . كل الديكتاتوريات في العالم ظالمة وقمعية يحكمها فرد مستبد متأله معتمداً على امتلاكه لعنصر القوة الكامنة في منصبة أو في الأجهزة الأمنية الخادمة له . القمع والقهر والاعتقال والقتل والتعذيب هي مفردات مشتركة عادة بين أنظمة القمع والديكتاتوريات في العالم ، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو السياسة ، لكن ما لم أفهمه إلا بعد شرح وتوضيح من الإخوة التونسيين الذين التقيتهم هو (الخسة) التي وصفوا بها شخصية بن علي ، وديكتاتوريته. بن علي في نظرهم لم يكن ديكتاتوراً كبيراً ، بل كان صغيراً ، هو يحكم ويملك القدرة البشرية على القتل ، والاعتقال، والنفي ، والحرمان من المواطنة ، وتخشى الأحزاب سلطانه وقمعه وقهره، وهذه الأفعال صفة مشتركة في أنظمة الاستبداد في العالم ، أما صفة الخسة التي هي عندنا في فلسطين (النذالة) و(دناءة النفس) فهي من الصفات الخاصة بالصغار. السبب المباشر لهذه الصفة (الخسة) في الحكم وفي الشخصية أن بن علي كان يواصل ملاحقة المعتقل لا في سجنه فحسب ولكن في بيته حتى تطلقه زوجته رغما عنها ، حيث يعرِّض نساء المعتقلين لأساليب متنوعة من القهر والجوع وإقصاء البنين والبنات عن الحياة الطبيعية ويحول بيت المعتقل إلى جحيم لا يطاق حتى تتم عملية الطلاق، ويمتد هذا إلى بنات المعتقل مع أصهاره. قد يسرق الديكتاتور المال العام ، وقد تحتكر أسرته وأصهاره تجارة عامة مربحة ، وقد يأخذ من خلال أعوانه سمسرة على السلاح أو الغاز، أو غير ذلك ، ولكن ليس من شيم الديكتاتورية العامة أن يستولي هو أو أسرته أو أصهاره على أرزاق صغار التجار أو الملاك، وأن يقهرهم، ففي طريقنا إلى المطار قال لي السائق انظر إلى هذا المبنى الضخم، في مكانه كانت محطة بنزين لأسرة متوسطة ، استولت أسرة بن علي على الموقع رغماً عنه وأقامت هذا البناء. لم يسرق بن علي مال الشعب ، ولم ينهب قوت البسطاء والتجار فقط، بل تعدى ذلك إلى سرقة مواقف الشعب التونسي السياسية من قضايا الأمة وقضايا الإقليم والدولي ، بل وتعدى ذلك إلى سرقة وجدان الأمة التونسية، واعتقل مشاعرها على مدى ثلاثة قرون ، حتى جاءت هذه الثورة من خلال إحراق البدن في سيدي بوزيد كعلامة احتجاج على قهر قد بلغ مداه، ولم يجد معه بوعزيزي غير النار يشعلها في بدنه ليحتفظ لنفسه بكرامته من خساسة هذه الديكتاتورية التي همشت جل الولايات التونسية عدا العاصمة ، ومنستير مسقط رأس بورقيبة وسوسة مسقط رأس بن علي. الشعب يحكي لك قصصا لا تصدق ولا يمكن تخيلها عن التعذيب في السجون والمعتقلات، وعن الإقصاء الوظيفي وعن العدوان على الشريعة ورموزها ، وهي قصص لا تصدق حتى قياساً بما قرأناه عن السجن الحربي وليمان طرة في مصر ، وحتى فيما ذقناه في سجون الاحتلال. الشعب يحكي لك أوجاعه وآلامه ، وهو يبتسم اليوم ويحتسب ، فقد جاء زمن جديد، وحكم جديد، وأشرقت أرض تونس بشمس ربها ، ولم يعد للدكتاتورية الخسيسة وغير الخسيسة مكان في أرض الزيتونة والقيروان. حفظ الله تونس ، وثورتها ، وشعبها.