21.35°القدس
21.04°رام الله
19.97°الخليل
24.46°غزة
21.35° القدس
رام الله21.04°
الخليل19.97°
غزة24.46°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: نفخٌ في رماد

يُصِرّ الكثيرون على محاولة مصادمة المسلمات بأمور ووسائل أثبتت قرون التاريخ السابقة عقمها، فضلاً عن استحالة تحقيقها للأهداف التي يريدها المرء منها، فالقوي لا يمكن أن يُقِرّ للضعيف بالغلبة، والسيد لا يمكن أن يتنازل عن كبريائه لعبده، وطالب المال لا يمكن أن يتخلى عن طموحه وممتلكاته للفقراء زُهْداً، وهكذا. وإذا أردنا تطبيق هذا على واقع أمتنا -منذ بداية الرسالة التي أعزها الله تبارك وتعالى بها إلى الآن- لوجدنا أن هذا الأمر لم يختلف عّما هو ديدن الواقع للأمم جميعا سابقاً وحاضراً، فكل شيء خلقه الله عز وجل بِقَدَر، وهناك سنن كونية لا بد من الأخذ بها، فعلى سبيل المثال: المجتمعات تحتاج إلى سلع وخدمات لتستهلكها، وهناك حد أدنى لا بد أن يتوفر لسد حاجات كل فرد من أفراد المجتمع، فمن أين ستأتي هذه السلع والخدمات؟، إذاً لا بد من مستثمرين ومنتجين وموارد وقوى عاملة وغيرها من موارد، وهذه إن لم يقم المجتمع باستثمارها سيقوم غيره بذلك، والعوائد لهذه الاستثمارات سيجني خيرها من كان قد زرعها، فإن كان هؤلاء المستثمرون من المجتمع سيستفيد منها المجتمع، وإن كان الاستثمار أجنبياً ستتسرب هذه العوائد للخارج. وتطبيقاً على أرض الواقع، وفي ظل صراع القوى العالمي سنجد أن هناك دولاً تستحوذ على الغالبية العظمى من هذه الاستثمارات، وهناك غالبية دول العالم التي ليس لها إلا الجزء اليسير منها، فهل يمكن لدولة أن تخرج عن هذا الواقع دون أن تنطلق من ذاتها لزيادة استثماراتها بالاستفادة من مواردها الانتاجية، وتهيئة الظروف لقدرة منتجاتها على المنافسة في بداية إنتاجها لهذه السلع والخدمات، خاصة وأن أدوات سيطرة الدول المتقدمة على الدول النامية ظاهرة للعيان (اسواق لمنتجاتها، موارد طبيعية رخيصة، أيدٍ عاملة رخيصة، مديونية، استثمار برؤوس أموال جزء كبير منها من الدول النامية نفسها، احتكار تقني، سيطرة سياسية وعسكرية أحياناً، إشعال نيران الفتن عند الحاجة،... الخ). وبالتالي لا يمكن لأي نشاط دولي إلا أن تكون نتيجته النهائية تعزيز هذه السيطرة بشتى الوسائل، وفتات ينثره هنا أو هناك (هِبات، ومساعدات.. الخ) ستكون محصلته النهائية خدمة الهدف العام والهام الذي تريده هذه الدول، وهذا ما يكون دائماً. وتطبيقاً على واقعنا العربي بشكل عام هل نحن مضطرون إلى أن نبقى لبنة في هذا البناء العالمي الذي ينحدر بنا على دركات التخلف والمعاناة وتأجيج الصراعات، وزيادة الأزمات بأشكالها المختلفة، خاصة وأن الموارد التي بين أيدينا تجعلنا قادرين على نثر الحبوب على الجبال حتى لا تجوع الطير في بلادنا (بترول، وثروات معدنية، ورؤوس أموال، ومضائق بحرية تجارية، وأراض زراعية خصبة، وبحار بشتى الألوان، ومحيطات وأنهار، وعقول وكفاءات علمية شَهِد لها الداني والقاصي.. الخ)، وهل نحن مضطرون لنبقى نخدم المشروعات الصهيو-أمريكية التي أوردتنا موارد الهلاك، ونستقبل في بلداننا من تلطخت أيديهم بدماء إخوتنا المستضعفين في بلدان شتى!. يكفينا ما أوصلنا بلداننا إليه، ولننطلق من ذاتنا، ونعظم إنجازاتنا، ونق ونعتز بأنفسنا، وعظيم الأمور لا تُهْدى على طبق من ذهب، والعاقل يتولى عظيم أمره، وكثيرٌ من الأمور لو زينها أصحاب المصالح لا تخفى على أولي الألباب، فيا ليتنا نستدرك قبل أن نندم ولات ساعة مندم.