15.55°القدس
15.36°رام الله
14.42°الخليل
19.99°غزة
15.55° القدس
رام الله15.36°
الخليل14.42°
غزة19.99°
الجمعة 03 مايو 2024
4.67جنيه إسترليني
5.26دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.73دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.26
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.73

خبر: تونس… من الثورة إلى الدولة "2"

حينما حرق محمد البوعزيزي نفسه في السابع عشر من ديسمبر من عام 2010، احتجاجا على قيام شرطية بصفعه بعد تلاسن بينهما، حيث كان يبيع البرتقال على عربة متجولة في مدينة سيدى بوزيد، التي تقع في وسط تونس. كانت نيران البوعزيزي هي الشرارة التي أحرقت بن على ونظامه، وكانت حادثة حرق البوعزيزي نفسه يمكن أن تمر مثل حوادث كثيرة مشابهة، لكنه حينما حرق نفسه كان ذلك أمام مقر الولاية وسرعان ما تطاير الخبر ومعه الشرر، واجتمع فورا عدد من المواطنين الغاضبين على رأسهم بعض المحامين، وأخذوا يهتفون للبوعزيزي ويطالبون بالعدالة وحل أزمة البطالة. وكان يمكن أيضا لهذا التجمع الذي كان الأول من نوعه في سيدي بوزيد أن يخمد في اليوم الأول، لكن في اليوم التالي اجتمع الناس أيضا في نفس المكان وأخذوا يهتفون ضد النظام ويطالبون بالخبز والحرية، وتكررت المظاهرات في الأيام التالية وسرعان ما انتقلت إلى المدن المجاورة وانتفضت مدينة منزل بوزيان القريبة من سيدي بوزيد وقدمت أول شهداء الثورة التونسية في الرابع والعشرين من ديسمبر من عام 2011 الشهيد محمد العماري، ثم تدحرجت كرة الثلج إلى المدن المجاورة (الرقاب، والقصرين، وتالا) وخرج المحامون في العاصمة تونس صباح الثامن والعشرين من ديسمبر ليعلنوا تضامنهم مع ما حدث في سيدي بوزيد ومنزل بوزيان فشعر بن على أن العاصفة تقترب منه فخرج مساء ذلك اليوم في خطابه الأول ليهدد ويتوعد ما أطلق عليه العصابات التي تهدد أمن البلاد، ولم يكن يعلم أنها الثورة التي ستجرف نظامه الاستبدادي، بينما حرص المحامون في العاصمة تونس أن يبقوا جذوة احتجاجاتهم قائمة كانت المدن المجاورة لسيدي بوزيد تقدم الشهداء، وكانت الفترة من الثامن وحتى الحادي عشر من يناير هي فترة قوافل الشهداء في تالا والقصرين والرقاب، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى ثم انتقلت الشرارة إلى العاصمة تونس ومدينة صفاقس ثانية كبرى المدن التي خرجت فيها يوم الثاني عشر من يناير كبرى التظاهرات التي هزت بن على. وظلت جذوة الاحتجاجات مشتعلة حتى خرج بن على في الثالث عشر من يناير على الشعب التونسي ليقول لهم بعد خمسة وعشرين عاما من الفساد والاستبداد «فهمتكم»، لكن فهم بن على كان متأخرا إلى حد بعيد، فعمت المظاهرات العاصمة تونس وأنحاء متفرقة من البلاد ولم يجد بن على مساء ذلك اليوم بُدًّا من الهروب إلى السعودية، وارتبك المشهد بين رجاله المهترئين، حيث أعلنوا أن رئيس الحكومة محمد الغنوشي قد ترأس البلاد، وحينما علم بن على وكان في الطائرة ما زال يبحث عن ملجأ اتصل بهم وسألهم عما يفعلون فقد كان في اعتقاده أنه يمكن أن يعود، لكن الطائرة الرئاسية عادت فجر الخامس عشر من يناير دون بن على، ولما كان الوضع غير دستوري تم اختيار فؤاد المبزع، رئيس البرلمان، رئيسا مؤقتا للبلاد. لم تتوقف التظاهرات المطالبة بإبعاد رجال بن على عن سدة الحكم، وفى السادس والعشرين من يناير صدرت مذكرة اعتقال بحق المخلوع زين العابدين بن على وزوجته وعدد من أقربائه الفارين، وكان تدخل الجيش التونسي لحماية الثورة أحد أسباب نجاحها، لا سيما بعدما عمت الفوضى البلاد بعد هروب أحد عشر سجينا من أصل واحد وثلاثين ألفا، وعمَّت الفوضى البلاد مما أطلق عليهم رجال على السرياطي، رئيس الحرس الجمهوري، أو الفلول كما يقول المصريون، لكن لم يتبن أحد حتى الآن من الذين وقفوا وراء هذا، ويكاد يكون هذا هو نفس السيناريو الذي وقع في مصر، فشل محمد الغنوشي رئيس حكومة بن على في فرض الأمن والاستقرار رغم أنه شكل حكومتين في 17 و27 يناير، فقد كان الرفض له شديدا. وفى 25 فبراير احتشد أكثر من مئة ألف تونسي في ساحة القصبة في العاصمة تونس، حيث مقر رئاسة الحكومة، مطالبين بإقالة الغنوشي الذي استجاب للطلب واستقال في 27 فبراير، وفى 7 مارس شكل رجل بورقيبة الباجي قايد السبسي حكومة جديدة بقيت في السلطة حتى سلمت مسؤولياتها إلى أول حكومة منتخبة في تاريخ تونس الحديث، وهى حكومة حمادي الحبالى، الأمين العام لحركة النهضة، الذي حصلت حركته على النسبة الأكبر في الانتخابات النيابية التي جرت في الثالث والعشرين من أكتوبر، وبدأت حكومة الجبالى مسؤولياتها الجسيمة فى السادس والعشرين من ديسمبر الماضي. عام كامل تقريبا من ديسمبر 2010 وحتى ديسمبر 2011 خطت فيه تونس من الثورة إلى الدولة، وبقى على مصر أن تخطو نفس الخطى لأن التوانسة يقولون بغير مصر لن تنجح ثورة ولن تنهض أي دولة عربية.