أكدت الفصائل الفلسطينية على رفضها المطلق لعودة السلطة إلى المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على أن من شأن تلك الخطوة أن تعمق الانقسام الداخلي، وتمنح الاحتلال فرصة جديدة ليواصل إجراءاته العقابية بحق الشعب الفلسطيني. ورأت قيادات وطنية وفصائلية أن من شأن خطوة رئيس السلطة محمود عباس المدعومة من حركة فتح فقط، وبعض القيادات المتنفذة في منظمة التحرير أن تمنح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طوق النجاة ويستمر في تنفيذ مخططاته على الأرض، وفي مقدمتها استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس، كذلك ستشجعه وحكومته العنصرية على مواصلة حملات القمع والتنكيل والاعتقال والاستهداف الجسدي للمقاومين، بحجة الحفاظ على مسيرة التسوية. وكانت السلطة أبدت تجاوبا مبدئيا مع عدة دعوات خرجت من هنا وهناك للعودة لطاولة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي. وكان آخر تلك الدعوات التي صدرت عن ألمانيا والأردن منتصف آيار المنصرم للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود من أجل إعادة إحياء عملية السلام بين السلطة والإسرائيليين. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لوزيرا خارجية ألمانيا "فرانك شتاينماير" والأردني ناصر جودة، إذ أكدا أن "الوضع الحالي لن يجلب السلام والاستقرار، السلام والاستقرار لا يتم إلا عن طريق حل الدولتين... وأملنا أن يتم استغلال الفرصة والعودة إلى طاولة المفاوضات". وقال جودة "نريد أن نكثف اتصالاتنا في المرحلة القادمة للوصول إلى الجو الذي يهيئ انطلاق مفاوضات جادة مرة أخرى تعالج كافة قضايا الحل النهائي". كما خرجت تصريحات من هذه الشاكلة على لسان أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون"، إذ دعا الطرفين لإبداء الشجاعة المطلوبة من أجل السلام. [title]لن نصمت [/title] فقد أكد أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي أن حزبه لن يقبل تحت أي ظرف العودة للمفاوضات في ظل الظروف الراهنة وضمن الشروط الإسرائيلية والأمريكية. وقال لـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color]: "لن نقبل استئناف المفاوضات وأي انفراد بالقرار السياسي الفلسطيني، إلا بعد التزام إسرائيلي واضح وعلني بوقف الاستيطان ومرجعية قرارات الأمم المتحدة وحدود عام 1967 وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى. وذهب الصالحي إلى أبعد من هذا، حين طالب الشعب الفلسطيني بالخروج بمسيرات وتنديدات رفضاً لاستئناف المفاوضات، في حال اتخذت السلطة قرارا بذلك بشكل منفرد ودون تنسيق مسبق مع فصائل منظمة التحرير والقوى الفاعلة على الساحة. ورأى أن عودة الخلافات وتجدّدها يضعف فرص التقدم الفلسطيني على كل المستويات وتحديدا النية للتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين العزل. وأضاف "ماذا يمكن أن يقدم الاحتلال لنا!! لقد اختبرناه لأكثر من عشرين عاما، ولم تأتِ المفاوضات على الفلسطينيين إلا بمزيد من الويلات .. لذا نستغرب أي تجاوب فلسطيني مع بعض التحركات العربية والغربية للعودة لعملية التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي". [title]مضيعة للوقت [/title] بدوره، اعتبر القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين زاهر الششتري من نابلس أن العودة لعملية التسوية بين الطرفين "ضياعاً للوقت والثوابت الفلسطينية". وقال "كلنا يدرك تأثير القيادات المتنفذة والمستفيدة في منظمة التحرير على قرار الرئيس بالعودة للقاءات الثنائية عديمة الجدوى، لذا ندعو بالمقابل إلى ثبات الموقف الوطني من خلال غالبية القوى الوطنية والإسلامية، التي أعلنت رفضها للعودة للمفاوضات وأكدت على ضرورة التمسك بكامل حقوق الشعب الفلسطيني وبأهمية مغادرة المفاوضات التي كانت وبالاً على الشعب الفلسطيني". كما أن الششتري طالب في حديثه لـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color] للنزول للشارع لتحشيد الحالة الجماهيرية التي غالبيتها ضد العودة للمفاوضات العبثية والمضرة، حال مضت السلطة وفتح بهذه الطريق. وقال: "الأمر بحاجة إلى جهود متواصلة، والعمل والتعبير على رفض هذه المفاوضات لقطع الطريق على أي شخص يفكر باستغلال المفاوضات لتقديم تنازلات، وتوجيه رسالة صريحة أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بمفاوضات يمكن أن تنتقص من حقوقه". [title]غطاء للاحتلال [/title] أما عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تيسير خالد، فشدد على أن أي عودة محتملة للمفاوضات ستعطي الكيان الإسرائيلي الغطاء في استمرار النشاطات الاستيطانية. غير أن الأخطر بنظر خالد الذي تحدث له مراسل [color=red]"فلسطين الآن" [/color]عبر الهاتف يكمن في أن تلك الخطوة غير المدروسة من الفلسطينيين -حال وقعت- ستساعد الاحتلال على الخروج من مأزقه الدولي، وتابع "نعمل منذ سنوات على عزل الكيان المحتل وملاحقته في كافة المحافل، والمفاوضات سلاح جديد سيوظفه الاحتلال في مواجهة الضغوط الدولية وخاصة الأوروبية. وأعرب خالد عن خشيته من أن تمكن تلك الخطوة حكومة الاحتلال العنصرية من كسب الوقت لتعزيز النشاطات الاستيطانية وسياسة التهويد والتطهير العرقي الذي تمارسه في القدس ومناطق الأغوار. ورأى أنه في حال أصرت السلطة الفلسطينية على الاستجابة للضغوط الخارجية والعودة للقاءات مع الاحتلال، فعليها أن تضع شروطا ملزمة للاحتلال، وأهمها: وقف كامل لأنشطة الاستيطان، وتحديد مرجعية واضحة للمفاوضات تكون ملزمة للطرفين، وبدء المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها المفاوضات السابقة، "رغم عدم ثقتنا بالنهج التفاوضي الذي استمر أكثر من 20 عاما دون نتائج بسبب اعتماده على الثنائية والحلول المرحلية والجزئية".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.