13.86°القدس
13.44°رام الله
13.86°الخليل
19.43°غزة
13.86° القدس
رام الله13.44°
الخليل13.86°
غزة19.43°
الخميس 14 نوفمبر 2024
4.77جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.96يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو3.96
دولار أمريكي3.75

خبر: مفاتيح (إسرائيل) في مواجهة الفوضى الإقليمية

لا يقف الكيان العبري مكتوف الأيدي وهو يشاهد المنطقة من حوله تشتعل وتنهار سياسيًّا وأمنيًّا، بل يسعى جاهدة للاستفادة من هذا الواقع الجديد قدر المستطاع، منتجًا المزيد من الوسائل لتطويع الواقع لمصلحته وخدمة لإستراتيجيته الإقليمية. المقدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي "رون تيرا" ضابط في الاحتياط، وهو مؤلف كتاب "طبيعة الحرب"، وقائد طائرة مقاتلة سابق، ولديه أكثر من 30 عامًا من الخبرة، في ميدان عمله؛ صرح أخيرًا لصحيفة (جروزالم بوست): "أفضل طريقة لـ(إسرائيل) للنجاة من العاصفة الإقليمية تكمن في اعتماد إستراتيجيا سور دفاعية، مدعومة بقدرة معزّزة على تسديد ضربات بعيدة المدى، والتعاون مع القوى والممالك العربية التي تنجح في البقاء". "تيرا" رأى أن نظام اتفاقية (سايكس- بيكو (والدول العربية يواصل الانهيار على امتداد قسم كبير من منطقة الشرق الأوسط، في حين تستغل إيران المعادية هذا الوضع لتوسيع نفوذها في مناطق تلامس مباشرة حدود فلسطين المحتلة، واللاعبون ليسوا متأخرين كثيرًا عن اللحاق بإيران في ملء الفراغ السياسي والأمني، وأضاف "تيرا": "البيئة المحيطة بنا آخذة بالتبدل بشكل أساسي، وهناك بلدان عديدة كانت تثير قلق (إسرائيل) قد اختفت، أو هي على طريق الاختفاء، أو هي معرضة لهذا الخطر، هناك فراغ يتكون من حولنا ولقد دخل لاعبون جدد إلى هذا الفراغ، بعضهم بعيدون، لكنهم أقوى بكثير من اللاعبين القدامى؛ فإيران أقوى بكثير من سورية". ألّف تيرا أخيرًا بحثًا لمعهد دراسات الأمن القومي يحذر فيه الكيان العبري من التورط في مغامرات مكلفة، الغاية منها محاولة القيام بهندسة سياسية لمناطق عربية، لكنه أيضًا دعاه إلى ضمان قدرته على القضاء عسكريًّا على تهديدات ملموسة وناشئة، على مقربة من حدود فلسطين المحتلة وأبعد منها، ومن ضمنها أهداف داخل إيران بضربات حازمة. وكتب يحذّر "تيرا" في بحثه: "إن (إسرائيل) ليس لديها موارد كافية للدخول في هندسة سياسية، أو قولبة حقائق في مناطق عربية خارج حدودها، مع أن هذه المناطق يجري اختراقها من قبل إيران ووكلائها، ولاعبين عرب آخرين"، وأضاف: "ينبغي أن تتعاون) إسرائيل (مع أي جهة كانت لكبح الصدمات، ولتعميق نزول إيران في امتدادها المفرط، كما ينبغي بشكل روتيني أن تستخدم (إسرائيل) القوة العسكرية بتواضع، في سبيل إحباط تهديدات ملموسة منتقاة في مناطق حيث هناك لـ(إسرائيل (مصالح حيوية". فمن وجهة نظر الطيار الإسرائيلي: إن تعمّق التغلغل الإيراني في مناطق عربية، التي للكيان العبري فيها مصالح حيوية، فضلًا عن التهديد النووي؛ يلزم الكيان ببناء القدرة العسكرية من أجل إظهار القوة، ومن أجل احتمال شن حملة عسكرية واسعة ضد إيران. وأعلن صراحة أنه ينبغي أن يكون للكيان العبري القدرة على تحقيق "تأثير منفرد" على برنامج إيران النووي، الذي لا يزال يشكل تهديدًا هائلًا، بغض النظر عن الصفقة الدبلوماسية التي يجري التوصل إليها من قبل المجتمع الدولي. في الواقع، وبحسب الحجة التي يسوقها "تيرا"؛ قد أخطأ الكيان العبري في توقيت كيفية إدارة تدويل الملف النووي الإيراني، فقد أدت خطواته إلى خسارة التأثير على النتيجة النهائية للأزمة، وأفضت إلى وضع يد "دبلوماسيين ينفرون من المخاطر ولديهم مصالح أقل" على هذا الملف. قد تكون الولايات المتحدة حاليًّا تسعى إلى عقد صفقة كبرى مع إيران من شأنها أن تخفق في التعامل مع التهديد النووي، وأن تضع إيران في موقع شريك إقليمي أقوى مما كان عليه، وفي ظل هذا الواقع الجديد يرى محللون إسرائيليون أن على كيان الاحتلال التعاون مع جهات فاعلة إقليمية للحد من هيمنة إيران، والتحقق من أنه يستطيع إظهار قوة مباشرة ضد إيران، وليس فقط ضد وكلائها، وتطوير القدرة على القيام بحملة عسكرية شاملة ضدها. وإذا اتضح أن الولايات المتحدة تصر على تجاهل مواقف الكيان العبري بشأن برنامج إيران النووي، فلن يكون لديه خيار سوى البحث عن الظروف والوسيلة التي تمكنه من إحراز تأثير أحادي الجانب فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي. لقد أوجد تفكك النظام الدولي العربي تحدّيين للكيان العبري: أحدهما هو عدم استقرار على حدود الأراضي التي يحتلها، وتمكّن إيران مباشرة وغير مباشرة من التغلغل في مناطق متاخمة لحدود فلسطين، ومع ذلك يرى المحللون الإسرائيليون أنه على الكيان ألا يشارك في "اللعبة الكبيرة" الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، أي: الاستيلاء على مناطق نفوذ ومواطئ قدم. بيد أن "اللعبة الكبيرة" كما يسميها الكيان العبري قد تصل إلى مناطق قريبة من فلسطين لديه فيها مصالح حيوية، وفقًا لذلك؛ لا يسع الكيان أيضًا أن يغضّ الطرف عن التطورات الناشئة خارج حدود فلسطين المحتلة، وبحسب ما كتب تيرا؛ إن التعاون الإقليمي مع أكبر عدد ممكن من اللاعبين هو مفتاح هذه الإستراتيجيا، حتى لو تبين أن الكثير من هذه العلاقات هي مؤقتة، وهشة، وسرية، ويرى أن على الكيان العبري" تأكيد تواصل التعاون مع مصر فيما يتعلق بقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومصالح مشتركة أخرى، وأن يساهم في الحفاظ على أمن الأردن في مواجهة تهديدات داخلية وخارجية". ويلتفت تيرا إلى القضية الفلسطينية في حقبة ما بعد (سايكس- بيكو)، فيقول: "إن صعود قوى عربية معادية للدول إضافة إلى الهيمنة الإيرانية يعني أن (إسرائيل) والأنظمة العربية الباقية أصبحت متقاربة، وأن حلًّا للمشكلة الفلسطينية لم يعد شرطًا مسبقًا للتعاون مع القوى العربية، علاوة على ذلك إنه مع انقسام الفلسطينيين إلى كيانين: واحد بقيادة حركة فتح وآخر بقيادة حركة حماس، ومواصلة تنظيم الجهاد الإسلامي العمل كوكيل لإيران تبدو فكرة إمكانية جمع الفصائل الثلاثة المتعادية والتي لديها أجندات متناقضة مع عناصر فلسطينية محلية قوية، ضمن دولة متماسكة ومستقرة وساعية إلى السلام؛ تبدو بعيدة كل البعد عن الظروف العملية". ويخلص "تيرا" إلى أنه ينبغي ضمان عدم السماح بظهور تهديدات مماثلة في الضفة الغربية ويقول: "ينبغي أن ترتكز الإستراتيجيا الإسرائيلية المستقبلية على منع أحادي الجانب لبروز تهديدات بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، لا على المجازفة والتعامل مع التهديدات بعد بروزها." في الأسابيع الأخيرة حفلت وسائل الإعلام العربية بتقارير وتقديرات تتعلق باقتراب سقوط بشار الأسد، لكن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية لا تزال حتى الآن أكثر حذرًا، وترى أن مصير المعركة في سورية لم يُحسم بعد. لكن في حال سقط النظام من المتوقع أن يسّرع حزب الله مساعيه لتهريب ما تبقى من منظومات السلاح المتطور التي بقيت في سورية، ومن شأن هذا السيناريو أن يزيد خطر المواجهة مع الجيش الإسرائيلي. خيار تأجيج الصراعات والاستفادة من أوارها يظل الخيار الإسرائيلي الأوضح والأكثر ملاءمة في الوقت الراهن، لكن الرهان على التحرك بشكل منفرد ضد إيران وبرنامجها النووي يظل الخيار الأقرب لصناع السياسة في (إسرائيل)، وهم يرقبون الوضع في سورية لتمرير هذه الخطوة في حال نجحت المفاوضات النووية معها في توقيع اتفاق نهائي وشامل، وتبقى تفاصيل الملفات السورية واللبنانية واليمنية والعلاقة مع الدول العربية والقضية الفلسطينية تفاصيل في خضم الصورة الأكبر التي يركز عليها الكيان العبري حاليًّا بصورة يومية.